التقدم الصناعي الذي شهدته البشرية في القرن الـ20 أحدث طفرة في البضائع التي هي في متناول الجميع من حيث الوفرة والأسعار، التقنيات في القرن الـ20 طوعت الحديد والكهرباء والاتصالات وسكك القطار والنفط وغيرها من الموارد والخامات والصناعات وشكلت أغلب البيئة التي من حولنا اليوم. وقد نهضت تقنيات المعلومات والاتصالات في ستينات القرن الماضي بالصناعات وجعلتها تتميز بالكفاءة والأتمتة.
اليوم نحن نقف على مشارف تحول صناعي جديد، يكنى بالصناعة 4.0، ففي مصانع 4.0، تعمل الآلات الصناعية وتتواصل مع بعضها البعض من خلال شبكات الحاسب الآلي بصورة ذكية وبكفاءة عالية لزيادة الإنتاجية وتقليص الكلفة بصورة لم نشهد لها مثيل من قبل. التقنيات المُحفزة للصناعة 4.0 على الرغم من صغر حجمها فهي تضفي الذكاء في هذه الآلات وتجعلها تتصرف كأن بها روح. هذه التقنيات قد لا تكون جديدة علينا، فنحن نستخدمها كل يوم في هواتفنا الذكية وحتى في أنظمة مكابح السيارات، إلا أن قدرة هذه التقنيات على التواصل ومعالجة المعلومات واتخاذ القرار الآلي بسرعة البصر تطورت لمستويات تضاهي وتتفوق على قدرة البشر. هذه التقنيات متناهية الصغر ستجسر العالم الافتراضي والإنترنت بالعالم الواقعي والبيئة وتشكله في نسيج حديث يسهل تطويعه واستخدامه في الصناعة.
المصانع في عالم الصناعة 4.0 هي مصانع ذكية تتميز بقدرتها على المواءمة بين الموارد وجودة المنتج والوقت اللازم للتصنيع. المصانع الذكية تتميز بقدرتها على التطوير الذاتي والاستدامة وتطوير خدماتها بصورة آلية فهذه المصانع لديها قدرة على التعلم والتأقلم وتقليص المخاطر. هذه الصفات تجعل هذه المصانع الذكية قادرة على تطوير الإنتاج ليس فقط بما تم برمجتها عليه من قبل مبرمجين بل لديها قدرات خارقة من الذكاء الاصطناعي الذي يجعلها قادرة على تغيير وتكييف الإنتاج حسب معطيات مختلفة من البيئة والموارد وحتى المستهلكين أنفسهم. المصانع الذكية ذاتها قليلة الكلفة ومتطلباتها للطاقة أقل بكثير من مثيلاتها من المصانع التقليدية وتتميز بأنها تحافظ على البيئة كذلك. وستتوفر في هذه المصانع القدرة على صيانتها عن بعد والواقع الافتراضي. والمتوقع أن تضيف هذه المصانع ما لا يقل عن 500 مليار دولار إلى الاقتصاد العالمي.
إلا أن الصناعة 4.0 تواجه العديد من التحديات التي تحد من انتشارها وقدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة لها. إن أول خطر يواجه هذه الصناعات هو تحدي أمن المعلومات نظراً إلى ارتباط الآلات بشبكات الحاسب الآلي والخدمات السحابية وبالتالي فهي عرضة لمحاولات الاختراق. ونظراً لاعتماد آلات هذه المصانع على التواصل مع بعضها البعض، فاختراق أحدها قد لا يتسبب فقط في نتائج كارثية في مصنع واحد بل كل المصانع المتصلة ببعضها البعض. ويتسلط الضوء كذلك على تحدٍّ ذي طبيعة بشرية، فالمصانع والعمال وكل المعنيين في الإنتاج والبيع لا بد أن تكون لديهم المهارات والمعرفة لمواكبة التغيير في طرق التصنيع والتوريد والتعامل معها. كما أن وجود هذه التقنيات والمصانع الذكية قد تتسبب في إحلال مجموعة كبيرة من الوظائف الحالية بالآلات، لذا سيتطلب إعادة تدريب وتأهيل الآلاف بل الملايين من العمال الحاليين ليكتسبوا مهارات وخبرات ليشغلوا وظائف عالية تتطلب في أغلب الأحوال صيانة الروبوتات وبرمجياتها والتعامل معها وإحكام أمن المعلومات والآلات.
في تاريخنا المعاصر شهدنا تبخر جبابرة الصناعات والشركات واختفاءها من الساحة لسبب مشترك بسيط وهو عدم استثمار هذه الشركات في المستقبل وتقبلها التحول والتطور السريع. مع الصناعة 4.0 علينا أن نتوقع أن نشهد ميلاد صناعات عالمية جديدة ستُؤثر بكل تأكيد على تنافسية صناعاتنا المحلية، وبالتالي علينا اليوم أن نبذر في صناعاتنا ما سيضمن لها أن تتصدر ساحة الصناعة 4.0.
{{ article.visit_count }}
اليوم نحن نقف على مشارف تحول صناعي جديد، يكنى بالصناعة 4.0، ففي مصانع 4.0، تعمل الآلات الصناعية وتتواصل مع بعضها البعض من خلال شبكات الحاسب الآلي بصورة ذكية وبكفاءة عالية لزيادة الإنتاجية وتقليص الكلفة بصورة لم نشهد لها مثيل من قبل. التقنيات المُحفزة للصناعة 4.0 على الرغم من صغر حجمها فهي تضفي الذكاء في هذه الآلات وتجعلها تتصرف كأن بها روح. هذه التقنيات قد لا تكون جديدة علينا، فنحن نستخدمها كل يوم في هواتفنا الذكية وحتى في أنظمة مكابح السيارات، إلا أن قدرة هذه التقنيات على التواصل ومعالجة المعلومات واتخاذ القرار الآلي بسرعة البصر تطورت لمستويات تضاهي وتتفوق على قدرة البشر. هذه التقنيات متناهية الصغر ستجسر العالم الافتراضي والإنترنت بالعالم الواقعي والبيئة وتشكله في نسيج حديث يسهل تطويعه واستخدامه في الصناعة.
المصانع في عالم الصناعة 4.0 هي مصانع ذكية تتميز بقدرتها على المواءمة بين الموارد وجودة المنتج والوقت اللازم للتصنيع. المصانع الذكية تتميز بقدرتها على التطوير الذاتي والاستدامة وتطوير خدماتها بصورة آلية فهذه المصانع لديها قدرة على التعلم والتأقلم وتقليص المخاطر. هذه الصفات تجعل هذه المصانع الذكية قادرة على تطوير الإنتاج ليس فقط بما تم برمجتها عليه من قبل مبرمجين بل لديها قدرات خارقة من الذكاء الاصطناعي الذي يجعلها قادرة على تغيير وتكييف الإنتاج حسب معطيات مختلفة من البيئة والموارد وحتى المستهلكين أنفسهم. المصانع الذكية ذاتها قليلة الكلفة ومتطلباتها للطاقة أقل بكثير من مثيلاتها من المصانع التقليدية وتتميز بأنها تحافظ على البيئة كذلك. وستتوفر في هذه المصانع القدرة على صيانتها عن بعد والواقع الافتراضي. والمتوقع أن تضيف هذه المصانع ما لا يقل عن 500 مليار دولار إلى الاقتصاد العالمي.
إلا أن الصناعة 4.0 تواجه العديد من التحديات التي تحد من انتشارها وقدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة لها. إن أول خطر يواجه هذه الصناعات هو تحدي أمن المعلومات نظراً إلى ارتباط الآلات بشبكات الحاسب الآلي والخدمات السحابية وبالتالي فهي عرضة لمحاولات الاختراق. ونظراً لاعتماد آلات هذه المصانع على التواصل مع بعضها البعض، فاختراق أحدها قد لا يتسبب فقط في نتائج كارثية في مصنع واحد بل كل المصانع المتصلة ببعضها البعض. ويتسلط الضوء كذلك على تحدٍّ ذي طبيعة بشرية، فالمصانع والعمال وكل المعنيين في الإنتاج والبيع لا بد أن تكون لديهم المهارات والمعرفة لمواكبة التغيير في طرق التصنيع والتوريد والتعامل معها. كما أن وجود هذه التقنيات والمصانع الذكية قد تتسبب في إحلال مجموعة كبيرة من الوظائف الحالية بالآلات، لذا سيتطلب إعادة تدريب وتأهيل الآلاف بل الملايين من العمال الحاليين ليكتسبوا مهارات وخبرات ليشغلوا وظائف عالية تتطلب في أغلب الأحوال صيانة الروبوتات وبرمجياتها والتعامل معها وإحكام أمن المعلومات والآلات.
في تاريخنا المعاصر شهدنا تبخر جبابرة الصناعات والشركات واختفاءها من الساحة لسبب مشترك بسيط وهو عدم استثمار هذه الشركات في المستقبل وتقبلها التحول والتطور السريع. مع الصناعة 4.0 علينا أن نتوقع أن نشهد ميلاد صناعات عالمية جديدة ستُؤثر بكل تأكيد على تنافسية صناعاتنا المحلية، وبالتالي علينا اليوم أن نبذر في صناعاتنا ما سيضمن لها أن تتصدر ساحة الصناعة 4.0.