جاءتني مرتبكة ومترددة مع زميلتها بالمدرسة بعد انتهاء ورشة العمل التي قمنا بتقديمها لمجموعة من طلبة وطالبات المدارس لتقول لي: «ما ذكرتِه واستعرضتِه في الورشة السابقة بشأن بعض الأخبار والصور ووجود تلاحم وطني بين شعب البحرين غير صحيح فهناك حسابات تطرح أخباراً مخالفة لما يرد في جرائد البحرين!».
كانت هي وزميلتها من حضور إحدى الورشات التدريبية السابقة التي تتطرق إلى قضية تعزيز قيم المواطنة، وعلى ما يبدو أنها انتظرت الورشة اللاحقة لتناقشني فسألتها: إذا ما أردت أن آخذ معلومة حقيقية عنكِ هل أسالك أو أسال شخصً لا يعرفك؟ وهل آخذ بعدها بجوابك أو بجواب شخص متخفٍ اكتفى بإيجاد حساب مجهول على مواقع التواصل الاجتماعي ولم يجتهد حتى في كشف شخصيته الحقيقية وهو يطرح أخباراً مغلوطة ومفبركة وكأن له مآرب؟ إذا ما أردنا الحقيقة علينا قراءة كل ما تطرحه وسائل الإعلام المختلفة مع التنبه باتجاهاتها الحقيقية وطبيعة مصالحها والأهم الأخذ بمعلومات من جهات رسمية موثوقة لا جهات مجهولة.
لمحت الحيرة التي كانت على وجهها وقد تحولت إلى ارتباك شديد وكان هناك صراع نفسي بين ما أقول وبين ما هو «مختزن» في داخلها حيث أخذت تلتفت إلى زميلتها وكأنها بنظراتها لها تود الاتفاق معها هل يخبرونني بما يريدون قوله «وبصراحة إلى اليوم أجهل ما كان لديهما» أو تكتفي بالإجابة ففهمت أنها وزميلتها لربما هي تريد مصارحتي بأفكارها أكثر من الاستفسار والنقاش، ومثل كثيرين آخرين غيرهم لديهم صراع نفسي رهيب بين البيئة التي يعيشون فيها والتي قد يكون جميعها من اتجاه ولون معين غرر فيه وشوهت قيم المواطنة بداخله ولعبت مثل هذه الحسابات الإلكترونية المجهولة وما تبثه من سموم وأفكار هادمة والجهات المشبوهة المغرضة دوراً في عزله وتشويه قيم المواطنة بداخله عن مطالعة بقية فئات المجتمع البحريني المتسامح والمندمج مع بعضه البعض بحب وسلام، بيئة لا تريهم إلا الجانب المظلم من الحقيقة ولا تجعلهم يطلعون إلا على أخبار وتقارير الجهات المعادية لأوطانهم، عندما تكون منغلقاً على نفسك قد لا تلمح إلا من يشبهونك في مشاعرهم وأفكارهم التي شوهت تجاه الوطن إنما عندما تفتح نافذة أفكارك لاستنشاق هواء نظيف عما ترسب به وتتجاوز محيطك إلى محيط الوطن ككل هنا تكون الصورة مكتملة لديك وشاملة.
بعد عدة أسابيع من تلك الورشة كنت أحضر حفل تكريم ختام المسابقة الوطنية لحقوق الإنسان والتي نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وبمشاركة 42 مدرسة حكومية، حيث تهدف هذه المسابقة التي تسلط الضوء على قانون حقوق الطفل البحريني عن طريق بيان الحقوق والواجبات التي يتضمنها القانون وبيان ذلك يأتي عن طريق عدة فعاليات متنوعة كالرسم وكتابة القصة والمسرحية والتصوير الفوتوغرافي والمطويات وعدة مشاريع كالأفلام القصيرة والنحت والعروض التقديمية وكل ذلك يهدف إلى تعزيز سلوكيات وقيم وطنية يمارسها الطالب يومياً.
حفل التكريم كان من الممكن أن يكون عادياً لولا الروح التي وجدناها لدى طلبة المدارس الحاضرين والجو الوطني الجميل الذي يعزز الولاء للبحرين والانتماء لقيادتها والمعرض الذي رافق فعاليات الحفل والذي استعرض أعمال الطلبة والطالبات الفائزين والتي كانت البحرين و»الانتماء الوطني» حاضرين فيهما بقوة.. رسومات وكتابات تكشف كيف ينظر هؤلاء الطلبة للبحرين وماذا تعنيه لهم.. هذه التربية الوطنية ورغم أنها تتعلق بمجال حقوق الطفل إلا أنها تغذي بشكل غير مباشر مسألة «الاندماج الوطني» الذي تحتاجه مملكة البحرين اليوم خاصة للجيل الناشئ جيل المستقبل.. هؤلاء الطلبة وهم يجتهدون للفوز في هذه المسابقة كانوا يعملون على تطوير مهاراتهم في الرسم والكتابة والتمثيل والتصوير من جهة ومن جهة أخرى «غير مباشرة» كانت تنمي فيهم الحس الوطني وتعزز الروح الوطنية وتزرع بداخلهم مفاهيم كيفية التعبير عن الولاء بالوطن وأبجديات حبه وكيفية احترام رموز وقادة البحرين.
أمام مشاهد تكريم وزير الإعلام والقائمين على معهد البحرين للتنمية السياسية لهم والكلام الأبوي والترحيب بهم والإشادة بالأعمال وتقديم الملاحظات التي تشجعهم على الاستمرار في هذا المنهج مستقبلاً وقد كانوا من مختلف مناطق مملكة البحرين حتى من ناحية المظهر واللبس «بعضهم كان يرتدي الثوب والشماغ والآخر قميصاً وبنطلوناً» كنت أفكر وقتها بطريقة مختلفة.. هؤلاء الطلبة على اختلاف انتماءاتهم الدينية والفكرية جمعوا لأجل هدف وطني واحد ونجح المسؤولون في دمجهم في هذا التحدي وجعلهم يداً واحدة «تحدي الفوز في المسابقة» والأجواء التي جمعتهم كانت أسرية ولم تفرق بين «سني أو شيعي أو غيرهم من أصحاب الديانات والمذاهب المختلفة في البحرين، فماذا لو نظمت مبادرة مشابهة تصب في المبادرة الشاملة للانتماء الوطني والتي عنوانها «الهوية الوطنية» التي تطرق إليها وزير الداخلية خلال لقائه الأخير مع نخب من القوى المؤثرة في المجتمع البحريني والتي من الممكن تصنيفها في إطار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في مملكة البحرين لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من مجالات التنمية، ماذا لو كان التحدي على مستوى البحرين ككل لا يختص بمجال حقوق الطفل؟
عندما ذكر مدير معهد البحرين للتنمية السياسية أن المسابقة تأتي ترجمة لمبادئ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في صون واحترام حقوق الإنسان وتأكيداً على نهج الشراكة الفاعلة في خدمة العمل الوطني فهذه الفعاليات الوطنية التي رافقت هذا الكلام عززت إيجاد واقع يلامس فيه المواطن هذه المبادئ بصورة يكون شريكاً فيها بكلمات أخرى، الطلبة شعروا أنهم جزء لا يتجزأ من هذه المسابقة وينتمون لها ويدينون بالولاء لاسم مدرستهم المشاركة وينتظرون النتائج بحماس أكثر من القائمين على المسابقة نفسها.
أيضاً من الأفكار التي وردت لنا، ماذا لو رجعنا إلى عهد أزمة البحرين 2011 الأمنية واسترجعنا كم التقارير والأخبار المغلوطة عن كثير من المسؤولين البحرينيين حتى وإظهارهم بصورة مغايرة للواقع .. مثل هذه اللقاءات والاحتكاك بهؤلاء الطلبة ومطالعة جوانبهم القيادية والإنسانية عن قرب تمحي كل ما ترسب بداخلهم من آثار لتلك التقارير والأخبار المغلوطة وتسحب الصراع النفسي ما بين أفكار سامة تؤثر على نظرتهم للوطن وما بين واقع جميل يشدهم ويدعوهم للاندماج والتعايش.
{{ article.visit_count }}
كانت هي وزميلتها من حضور إحدى الورشات التدريبية السابقة التي تتطرق إلى قضية تعزيز قيم المواطنة، وعلى ما يبدو أنها انتظرت الورشة اللاحقة لتناقشني فسألتها: إذا ما أردت أن آخذ معلومة حقيقية عنكِ هل أسالك أو أسال شخصً لا يعرفك؟ وهل آخذ بعدها بجوابك أو بجواب شخص متخفٍ اكتفى بإيجاد حساب مجهول على مواقع التواصل الاجتماعي ولم يجتهد حتى في كشف شخصيته الحقيقية وهو يطرح أخباراً مغلوطة ومفبركة وكأن له مآرب؟ إذا ما أردنا الحقيقة علينا قراءة كل ما تطرحه وسائل الإعلام المختلفة مع التنبه باتجاهاتها الحقيقية وطبيعة مصالحها والأهم الأخذ بمعلومات من جهات رسمية موثوقة لا جهات مجهولة.
لمحت الحيرة التي كانت على وجهها وقد تحولت إلى ارتباك شديد وكان هناك صراع نفسي بين ما أقول وبين ما هو «مختزن» في داخلها حيث أخذت تلتفت إلى زميلتها وكأنها بنظراتها لها تود الاتفاق معها هل يخبرونني بما يريدون قوله «وبصراحة إلى اليوم أجهل ما كان لديهما» أو تكتفي بالإجابة ففهمت أنها وزميلتها لربما هي تريد مصارحتي بأفكارها أكثر من الاستفسار والنقاش، ومثل كثيرين آخرين غيرهم لديهم صراع نفسي رهيب بين البيئة التي يعيشون فيها والتي قد يكون جميعها من اتجاه ولون معين غرر فيه وشوهت قيم المواطنة بداخله ولعبت مثل هذه الحسابات الإلكترونية المجهولة وما تبثه من سموم وأفكار هادمة والجهات المشبوهة المغرضة دوراً في عزله وتشويه قيم المواطنة بداخله عن مطالعة بقية فئات المجتمع البحريني المتسامح والمندمج مع بعضه البعض بحب وسلام، بيئة لا تريهم إلا الجانب المظلم من الحقيقة ولا تجعلهم يطلعون إلا على أخبار وتقارير الجهات المعادية لأوطانهم، عندما تكون منغلقاً على نفسك قد لا تلمح إلا من يشبهونك في مشاعرهم وأفكارهم التي شوهت تجاه الوطن إنما عندما تفتح نافذة أفكارك لاستنشاق هواء نظيف عما ترسب به وتتجاوز محيطك إلى محيط الوطن ككل هنا تكون الصورة مكتملة لديك وشاملة.
بعد عدة أسابيع من تلك الورشة كنت أحضر حفل تكريم ختام المسابقة الوطنية لحقوق الإنسان والتي نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وبمشاركة 42 مدرسة حكومية، حيث تهدف هذه المسابقة التي تسلط الضوء على قانون حقوق الطفل البحريني عن طريق بيان الحقوق والواجبات التي يتضمنها القانون وبيان ذلك يأتي عن طريق عدة فعاليات متنوعة كالرسم وكتابة القصة والمسرحية والتصوير الفوتوغرافي والمطويات وعدة مشاريع كالأفلام القصيرة والنحت والعروض التقديمية وكل ذلك يهدف إلى تعزيز سلوكيات وقيم وطنية يمارسها الطالب يومياً.
حفل التكريم كان من الممكن أن يكون عادياً لولا الروح التي وجدناها لدى طلبة المدارس الحاضرين والجو الوطني الجميل الذي يعزز الولاء للبحرين والانتماء لقيادتها والمعرض الذي رافق فعاليات الحفل والذي استعرض أعمال الطلبة والطالبات الفائزين والتي كانت البحرين و»الانتماء الوطني» حاضرين فيهما بقوة.. رسومات وكتابات تكشف كيف ينظر هؤلاء الطلبة للبحرين وماذا تعنيه لهم.. هذه التربية الوطنية ورغم أنها تتعلق بمجال حقوق الطفل إلا أنها تغذي بشكل غير مباشر مسألة «الاندماج الوطني» الذي تحتاجه مملكة البحرين اليوم خاصة للجيل الناشئ جيل المستقبل.. هؤلاء الطلبة وهم يجتهدون للفوز في هذه المسابقة كانوا يعملون على تطوير مهاراتهم في الرسم والكتابة والتمثيل والتصوير من جهة ومن جهة أخرى «غير مباشرة» كانت تنمي فيهم الحس الوطني وتعزز الروح الوطنية وتزرع بداخلهم مفاهيم كيفية التعبير عن الولاء بالوطن وأبجديات حبه وكيفية احترام رموز وقادة البحرين.
أمام مشاهد تكريم وزير الإعلام والقائمين على معهد البحرين للتنمية السياسية لهم والكلام الأبوي والترحيب بهم والإشادة بالأعمال وتقديم الملاحظات التي تشجعهم على الاستمرار في هذا المنهج مستقبلاً وقد كانوا من مختلف مناطق مملكة البحرين حتى من ناحية المظهر واللبس «بعضهم كان يرتدي الثوب والشماغ والآخر قميصاً وبنطلوناً» كنت أفكر وقتها بطريقة مختلفة.. هؤلاء الطلبة على اختلاف انتماءاتهم الدينية والفكرية جمعوا لأجل هدف وطني واحد ونجح المسؤولون في دمجهم في هذا التحدي وجعلهم يداً واحدة «تحدي الفوز في المسابقة» والأجواء التي جمعتهم كانت أسرية ولم تفرق بين «سني أو شيعي أو غيرهم من أصحاب الديانات والمذاهب المختلفة في البحرين، فماذا لو نظمت مبادرة مشابهة تصب في المبادرة الشاملة للانتماء الوطني والتي عنوانها «الهوية الوطنية» التي تطرق إليها وزير الداخلية خلال لقائه الأخير مع نخب من القوى المؤثرة في المجتمع البحريني والتي من الممكن تصنيفها في إطار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في مملكة البحرين لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من مجالات التنمية، ماذا لو كان التحدي على مستوى البحرين ككل لا يختص بمجال حقوق الطفل؟
عندما ذكر مدير معهد البحرين للتنمية السياسية أن المسابقة تأتي ترجمة لمبادئ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في صون واحترام حقوق الإنسان وتأكيداً على نهج الشراكة الفاعلة في خدمة العمل الوطني فهذه الفعاليات الوطنية التي رافقت هذا الكلام عززت إيجاد واقع يلامس فيه المواطن هذه المبادئ بصورة يكون شريكاً فيها بكلمات أخرى، الطلبة شعروا أنهم جزء لا يتجزأ من هذه المسابقة وينتمون لها ويدينون بالولاء لاسم مدرستهم المشاركة وينتظرون النتائج بحماس أكثر من القائمين على المسابقة نفسها.
أيضاً من الأفكار التي وردت لنا، ماذا لو رجعنا إلى عهد أزمة البحرين 2011 الأمنية واسترجعنا كم التقارير والأخبار المغلوطة عن كثير من المسؤولين البحرينيين حتى وإظهارهم بصورة مغايرة للواقع .. مثل هذه اللقاءات والاحتكاك بهؤلاء الطلبة ومطالعة جوانبهم القيادية والإنسانية عن قرب تمحي كل ما ترسب بداخلهم من آثار لتلك التقارير والأخبار المغلوطة وتسحب الصراع النفسي ما بين أفكار سامة تؤثر على نظرتهم للوطن وما بين واقع جميل يشدهم ويدعوهم للاندماج والتعايش.