لم تقنع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون الرأي العام الداخلي والخارجي، بعدم وجود خلافات بينهما، حتى وإن لجأ الرئيس الأمريكي بين فترة واخرى الى التشديد على أن العلاقات بينه وبين وزير خارجيته «سمن على عسل».
والخلافات بين الطرفين واضحة للجميع منذ تولي ترامب مقاليد السلطة، وهذا ما يدفع الخارجية الأمريكية بين فترة وأخرى إلى التأكيد على أن تيلرسون يواصل القيام بعمله بشكل كامل، بالرغم من الشائعات التي يضطر البيت الأبيض إلى نفيها بين حين وآخر حول استقالة رأس الدبلوماسية الأمريكية من منصبه بسبب خلافات في وجهات النظر بينه وبين ترامب.
لذلك لم يتردد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هايذر ناويرت، قبل أسابيع في الإشارة إلى أن «الطرفين لديهم خلافات في مجالات سياسية مختلفة»، قبل أن يؤكد أن «هذا هو أحد الأسباب التي جعلت الرئيس يختاره لهذا المنصب»!!
وتأتي هذه التصريحات تعليقاً على نشر وسائل إعلام أمريكية، بينها صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، تقارير قالت فيها إن «ترامب يخطط لإقالة تيلرسون من منصبه وتعيين المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو بدلا منه».
وقبل ذلك، شن ترامب هجوماً عنيفاً على تيلرسون وصرح أنه «غير متأكد من بقائه في منصبه حتى نهاية ولايته الرئاسية»، وشدد على أنه «غير راض عن عدم تأييد بعض موظفي الوزارة لبرنامجه السياسي». وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك عندما قال إنه «وحده هو من يحدد السياسة الخارجية الأمريكية»، في تحدٍ لتيلرسون حتى إنه وصف الأخير بـ «الضعيف». وهذه الخلافات سلطت الأضواء على ما ورد أنه تصريحات لتيلرسون نقلتها قناة «إن بي سي» الأمريكية وذكرت فيها أن تيلرسون وصف الرئيس الأمريكي بأنه «أبله وأحمق».
إلا أن تناقض التصريحات والمواقف بين تيلرسون وترامب واضحة ولا تحتاج إلى مجهود لاكتشافها، ومن بين المواقف والأزمات، الأزمة الخليجية، والموقف من البرنامج النووي الإيراني، وملف كوريا الشمالية، وطريقة التعامل مع الصين، والموقف من بناء جدار على الحدود مع المكسيك، ومؤخراً، أزمتي تهريب المخدرات، والهجرة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وقد أظهرت الأزمة الخليجية قدراً من الخلافات بين ترامب وتيلرسون، رغم أن البعض فسر التعليقات المتناقضة بين الإثنين ربما تكون فصلاً تكتيكياً وتبادل أدوار لرئيس يتشدد ووزير خارجية يتساهل. لكن الاختلاف في النبرة بين الإثنين كشف إلى حد بعيد طبيعة الخلافات بينهما، حيث لا يتردد ترامب في التغريد على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ليشكك في الجهود الدبلوماسية لتيلرسون، خاصة وهو خارج البلاد، ومن بينها العام الماضي عندما أعلن تيلرسون خلال زيارة إلى الصين، أن «هناك قنوات دبلوماسية مفتوحة مع كوريا الشمالية»، وما هي إلا ساعات حتى سارع ترامب إلى التغريد عبر «تويتر» بقوله إن الرجل «يضيع وقته»! في إشارة إلى وزير خارجيته. لذلك لم يتردد تيلرسون في أن ينأى بنفسه عن تصريحات ترامب خاصة عندما دافع الرئيس الأمريكي عن متظاهري اليمين المتطرف في أمريكا، وحرص وزير الخارجية الأمريكي على التأكيد على أن «ترامب يتحدث بالنيابة عن نفسه»، وربما كانت تلك تصريحات غريبة بعض الشيء لوزير خارجية يفترض أنه يعمل بتناغم كامل في إدارة سيد البيت الأبيض!
وقبل أيام، تلقت الدبلوماسية الأمريكية ضربة قوية، بإعلان الدبلوماسي توماس شانون تقاعده المبكر بعد 35 عاماً في أحد أبرز الوزارات السيادية في البلاد، فيما يعد شانون الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأمريكية وأحد أرفع موظفي الوزارة وأكثرهم أقدمية، كما أنه هو من تولى الإشراف على انتقال الوزارة إلى إدارة ترامب، وقبل ذلك عمل تحت إدارة 6 رؤساء و10 وزراء خارجية. ويتزامن تقاعد شانون مع فوضى في وزارة الخارجية سببها الرئيس سياسة إدارة ترامب في التعامل مع إجراءات تعيين المناصب الرفيعة في الدبلوماسية الأمريكية فضلاً عن شكاوى من دبلوماسيين كبار وسفراء مرموقين حول إجراءات التعيين، الأمر الذي حدا بمراقبين ومحللين إلى اعتبار أن شانون سيترك ثغرة كبيرة في المستويات العليا الدبلوماسية الأمريكية، في وقت تعاني فيه سفارات أمريكية في الشرق الأوسط من عدم وجود سفراء أمريكيين نتيجة عدم تعيينهم، فيما تبقى 13 وظيفة لمساعد وزير ووكيل وزارة وعشرات السفراء شاغرة بدون مرشحين.
ويبدو التناقض جلياً بين ترامب وتيلرسون في سعي الأول إلى إبراز شعار «أمريكا أولاً»، بينما يتحدث الثاني عن تأسيس تحالفات قوية ويسانده في هذا التوجه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بينما يتبين للعلن الإشارات المتناقضة من تصريحات البيت الأبيض، وتعليقات بعثة أمريكا في الأمم المتحدة، وبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، على موقف محلي أو إقليمي أو دولي، ولذلك لم يستطيع وكيل الخارجية للدبلوماسية العامة ستيف غولدشتاين في تبرير الخلافات بين سيد البيت الأبيض ورأس الدبلوماسية الأمريكية بالقول إنهم «أشخاص مختلفون يتحدثون بطرق مختلفة لكن السياسة لم تتغير»!
* وقفة
تناقضات ترامب وتيلرسون لا تبدو تكتيكاً أمريكياً لرئيس يتشدد ووزير خارجية يتساهل وهو ما اعتدنا عليه لعقود بل هي خلافات تفضح الفوضى الأمريكية وتؤكد أن الطرفين لا يقرآن من نفس الكتاب!!
والخلافات بين الطرفين واضحة للجميع منذ تولي ترامب مقاليد السلطة، وهذا ما يدفع الخارجية الأمريكية بين فترة وأخرى إلى التأكيد على أن تيلرسون يواصل القيام بعمله بشكل كامل، بالرغم من الشائعات التي يضطر البيت الأبيض إلى نفيها بين حين وآخر حول استقالة رأس الدبلوماسية الأمريكية من منصبه بسبب خلافات في وجهات النظر بينه وبين ترامب.
لذلك لم يتردد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هايذر ناويرت، قبل أسابيع في الإشارة إلى أن «الطرفين لديهم خلافات في مجالات سياسية مختلفة»، قبل أن يؤكد أن «هذا هو أحد الأسباب التي جعلت الرئيس يختاره لهذا المنصب»!!
وتأتي هذه التصريحات تعليقاً على نشر وسائل إعلام أمريكية، بينها صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست»، تقارير قالت فيها إن «ترامب يخطط لإقالة تيلرسون من منصبه وتعيين المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو بدلا منه».
وقبل ذلك، شن ترامب هجوماً عنيفاً على تيلرسون وصرح أنه «غير متأكد من بقائه في منصبه حتى نهاية ولايته الرئاسية»، وشدد على أنه «غير راض عن عدم تأييد بعض موظفي الوزارة لبرنامجه السياسي». وذهب ترامب إلى أبعد من ذلك عندما قال إنه «وحده هو من يحدد السياسة الخارجية الأمريكية»، في تحدٍ لتيلرسون حتى إنه وصف الأخير بـ «الضعيف». وهذه الخلافات سلطت الأضواء على ما ورد أنه تصريحات لتيلرسون نقلتها قناة «إن بي سي» الأمريكية وذكرت فيها أن تيلرسون وصف الرئيس الأمريكي بأنه «أبله وأحمق».
إلا أن تناقض التصريحات والمواقف بين تيلرسون وترامب واضحة ولا تحتاج إلى مجهود لاكتشافها، ومن بين المواقف والأزمات، الأزمة الخليجية، والموقف من البرنامج النووي الإيراني، وملف كوريا الشمالية، وطريقة التعامل مع الصين، والموقف من بناء جدار على الحدود مع المكسيك، ومؤخراً، أزمتي تهريب المخدرات، والهجرة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
وقد أظهرت الأزمة الخليجية قدراً من الخلافات بين ترامب وتيلرسون، رغم أن البعض فسر التعليقات المتناقضة بين الإثنين ربما تكون فصلاً تكتيكياً وتبادل أدوار لرئيس يتشدد ووزير خارجية يتساهل. لكن الاختلاف في النبرة بين الإثنين كشف إلى حد بعيد طبيعة الخلافات بينهما، حيث لا يتردد ترامب في التغريد على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ليشكك في الجهود الدبلوماسية لتيلرسون، خاصة وهو خارج البلاد، ومن بينها العام الماضي عندما أعلن تيلرسون خلال زيارة إلى الصين، أن «هناك قنوات دبلوماسية مفتوحة مع كوريا الشمالية»، وما هي إلا ساعات حتى سارع ترامب إلى التغريد عبر «تويتر» بقوله إن الرجل «يضيع وقته»! في إشارة إلى وزير خارجيته. لذلك لم يتردد تيلرسون في أن ينأى بنفسه عن تصريحات ترامب خاصة عندما دافع الرئيس الأمريكي عن متظاهري اليمين المتطرف في أمريكا، وحرص وزير الخارجية الأمريكي على التأكيد على أن «ترامب يتحدث بالنيابة عن نفسه»، وربما كانت تلك تصريحات غريبة بعض الشيء لوزير خارجية يفترض أنه يعمل بتناغم كامل في إدارة سيد البيت الأبيض!
وقبل أيام، تلقت الدبلوماسية الأمريكية ضربة قوية، بإعلان الدبلوماسي توماس شانون تقاعده المبكر بعد 35 عاماً في أحد أبرز الوزارات السيادية في البلاد، فيما يعد شانون الرجل الثالث في وزارة الخارجية الأمريكية وأحد أرفع موظفي الوزارة وأكثرهم أقدمية، كما أنه هو من تولى الإشراف على انتقال الوزارة إلى إدارة ترامب، وقبل ذلك عمل تحت إدارة 6 رؤساء و10 وزراء خارجية. ويتزامن تقاعد شانون مع فوضى في وزارة الخارجية سببها الرئيس سياسة إدارة ترامب في التعامل مع إجراءات تعيين المناصب الرفيعة في الدبلوماسية الأمريكية فضلاً عن شكاوى من دبلوماسيين كبار وسفراء مرموقين حول إجراءات التعيين، الأمر الذي حدا بمراقبين ومحللين إلى اعتبار أن شانون سيترك ثغرة كبيرة في المستويات العليا الدبلوماسية الأمريكية، في وقت تعاني فيه سفارات أمريكية في الشرق الأوسط من عدم وجود سفراء أمريكيين نتيجة عدم تعيينهم، فيما تبقى 13 وظيفة لمساعد وزير ووكيل وزارة وعشرات السفراء شاغرة بدون مرشحين.
ويبدو التناقض جلياً بين ترامب وتيلرسون في سعي الأول إلى إبراز شعار «أمريكا أولاً»، بينما يتحدث الثاني عن تأسيس تحالفات قوية ويسانده في هذا التوجه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بينما يتبين للعلن الإشارات المتناقضة من تصريحات البيت الأبيض، وتعليقات بعثة أمريكا في الأمم المتحدة، وبيانات وزارة الخارجية الأمريكية، على موقف محلي أو إقليمي أو دولي، ولذلك لم يستطيع وكيل الخارجية للدبلوماسية العامة ستيف غولدشتاين في تبرير الخلافات بين سيد البيت الأبيض ورأس الدبلوماسية الأمريكية بالقول إنهم «أشخاص مختلفون يتحدثون بطرق مختلفة لكن السياسة لم تتغير»!
* وقفة
تناقضات ترامب وتيلرسون لا تبدو تكتيكاً أمريكياً لرئيس يتشدد ووزير خارجية يتساهل وهو ما اعتدنا عليه لعقود بل هي خلافات تفضح الفوضى الأمريكية وتؤكد أن الطرفين لا يقرآن من نفس الكتاب!!