في الكويت نساير العصر قبل أن نسأله، فقد تجاوز صانع القرار السياسي الجرح العراقي في خاصرة الكويت وتجاهل دور القلق التاريخي في صيانة نظرية الأمن الكويتية. ففي ذلك استجابة مرنة وتفكير استراتيجي راقٍ لمستقبل المصالح مع الجار الشقيق. ففي الفترة من 12-14 فبراير يقام مؤتمر إعادة إعمار العراق، يقام في شهر «فبراير» الذي نحتفل فيه باستقلالنا الذي نازعتنا عليه بغداد طويلاً وبقي موضوع ابتزاز منذ حكم عبدالكريم قاسم والبكر ثم الطاغية صدام الذي اجتاح الكويت لنحررها في 26 فبراير 1991. إن هذا المؤتمر خطوة عقلانية تتم بسلاسة والتزام بأولويات المصالح العليا للكويت رغم أن أعلام التحرير سترفرف فوق مركز يتم فيه جمع 100 مليار دولار لإعمار العراق فيما تسجل الميزانية الكويتية عجزاً بــ26 مليار دولار. لكن ليس في العلاقات الدولية أبواب للمنة، فالمؤتمر ليس لطي صفحة الغزو فحسب، وليس لأن الكويت بحاجة إلى أن تكون جاراتها العراق مستقرة، وليس لأن الكويت سبق وأن ساعدت العراق بإخراجه من البند السابع، وتأجيل سدادها للتعويضات الكويتية المستحقة. ليس هذا فحسب، بل لأن على دولة العراق أن ترد التحية بأطيب منها فمتطلبات الاستقرار تدفع العراق صوب محيطه العربي، والمؤتمر رسالة لاحتضان العراق عربياً لتخطّي مخلّفات الحرب، وعلى حكومة العبادي تعديل بوصلة علاقاتها الإقليمية وإحداث التوازن في علاقات بغداد مع إيران والعالم العربي.
لقد قوبلت فكرة مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق بإشادة من الإخوة العراقيين، رغم ما خالطها من همهمات بعثية النفس كانت ترى تسمية المؤتمر باسم «المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق» فراراً من أن يرد اسم الكويت في شيء به خير للعراق. ولا أعلم كيف تجاوزوا أن الكويت قدمت في يونيو 2014 مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين جراء تدهور الأوضاع الأمنية. وفي صيف العام ذاته 10 ملايين دولار، كما تبرعت بمبلغ ثلاثة ملايين دولار للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالعراق. ومع تفاقم الوضع الإنساني جراء العمليات العسكرية 2015، أعلنت الكويت التبرع بمبلغ 200 مليون دولار أمريكي وقد قوبل بإشادة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه. كما قوبلت الخطوة الكويتية بتصريحات للنائبة العراقية عالية نصيف تصف بها الكويت كأخطر دولة على العراق إقليمياً، نهبت نفط وأراضي ومياه العراق، وتدعم النظام المصرفي لـ»داعش»، متجاوزة حقيقة أن «داعش» قتلت في مسجد الصادق بالكويت في يوم واحد أكثر مما قتلت بالعراق في يوم واحد. كما رافق المؤتمر في الكويت صيحات برلمانية عراقية طائفية تقول بمذهبية إعمار الموصل والرمادي ويجب أن يعمر الجنوب العراقي رغم أن «داعش» لم تصله.
* بالعجمي الفصيح:
إن مؤتمر إعادة إعمار العراق بالكويت هو دبلوماسية وقائية، سايرت بها الكويت المرحلة الراهنة دون أن تجعل الماضي الأليم يحول بينها وبين المستقبل مع العراق الشقيق، لكن بعض النفوس الموتورة حملته أكثر مما يحتمل.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
لقد قوبلت فكرة مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق بإشادة من الإخوة العراقيين، رغم ما خالطها من همهمات بعثية النفس كانت ترى تسمية المؤتمر باسم «المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق» فراراً من أن يرد اسم الكويت في شيء به خير للعراق. ولا أعلم كيف تجاوزوا أن الكويت قدمت في يونيو 2014 مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين جراء تدهور الأوضاع الأمنية. وفي صيف العام ذاته 10 ملايين دولار، كما تبرعت بمبلغ ثلاثة ملايين دولار للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالعراق. ومع تفاقم الوضع الإنساني جراء العمليات العسكرية 2015، أعلنت الكويت التبرع بمبلغ 200 مليون دولار أمريكي وقد قوبل بإشادة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه. كما قوبلت الخطوة الكويتية بتصريحات للنائبة العراقية عالية نصيف تصف بها الكويت كأخطر دولة على العراق إقليمياً، نهبت نفط وأراضي ومياه العراق، وتدعم النظام المصرفي لـ»داعش»، متجاوزة حقيقة أن «داعش» قتلت في مسجد الصادق بالكويت في يوم واحد أكثر مما قتلت بالعراق في يوم واحد. كما رافق المؤتمر في الكويت صيحات برلمانية عراقية طائفية تقول بمذهبية إعمار الموصل والرمادي ويجب أن يعمر الجنوب العراقي رغم أن «داعش» لم تصله.
* بالعجمي الفصيح:
إن مؤتمر إعادة إعمار العراق بالكويت هو دبلوماسية وقائية، سايرت بها الكويت المرحلة الراهنة دون أن تجعل الماضي الأليم يحول بينها وبين المستقبل مع العراق الشقيق، لكن بعض النفوس الموتورة حملته أكثر مما يحتمل.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج