ليست موعظة دينية إنما هي خواطر وحديث مع النفس فاضٍ و أردت مشاركته معكم.

عمري الذي تجاوز الستين عاماً منحني فرصة مشاهدة العديد من الخواتيم، شهدت إسدال الستار على قصص كثيرة بعضها قصيرة وبعضها طويلة، رأيت الفصول الأخيرة من العديد من الحكايات، عاصرت وعشت العواصف وما بعدها، والخواتيم أثبتت لي دوماً و بما لا يدع للشك موقعاً في قلبي أن «الباطل كان زهوقاً» وعداً من ربك و الله لا يخلف الميعاد ولا الوعد، الخير ينصره ربك في النهاية طال الزمان أو قصر.

«يقينك» بالله وحده ما يمنحك القدرة على انتظار وعده بهدوء دون تذمر ووسواسك الخناس هو الذي يجعلك تفقد الثقة بنفسك وبربك وبوعده، يطرح ملايين الأسئلة ويتركك بلا إجابة، فتثقل النفس وتضطرب ويعلق بقدمك ثقل يغوص بك في أعماق اليأس المظلمة، فلا ترى شقاً لنور ينجيك من همك فيبدو اليوم سنة والسنة دهراً، يقينك هو تسليمك وإسناد ظهرك وأنت مغمض العينين وقت المحن تسبح بذكر ربك وتستغفره وتوكل أمرك له، وسبحانه ستجد مخرجاً من حيث لا تحتسب وسيرسل عليك من النعم والهبات مدراراً ما يفيض عن ما طلبت، وجند لا تعرفهم ينتصرون لك صدق الله العظيم حين قال «وبشر الصابرين».

ليست موعظة دينية إنما تجارب عاصرت بعضها وشاهدت بعضها الآخر يجري على مقربين أعرفهم أقول هذه الخاطرة لمن يضيق صدره لمن يتصور أن (الحظ) لا يخدمه، ويشاهد بعينه أن التقدير والمكافأة تذهب للذين لم يقدموا شيئاً سوى التملق، لمن يرى أن البيئة التي حوله ملوثة شراً وحقداً وحسداً، لمن يظن أنه وحيد بنزاهته بصدقه بنيته الصافية، ويجد صعوبة في مجاراة أوضاع لا طاقة له بها من النفاق و من الكذب من التهافت على الصغائر، أقول له لا تنظر إلى هذا الفصل من الحكاية على أنه النهاية، صدقني أنه مجرد واحد من الفصول فحسب فالخاتمة لم تصل بعد وإسدال الستار لن يكون في فصل يزدهر فيه الباطل أبداً، اصبر ثم اصبر ثم اصبر و تعلم معنى اليقين، ستصله حين تجد نفسك مطمئنة في أوقات الابتلاء هادئة ثابتة وقت المحن سيجعلك تنتظر الخاتمة ويمر الوقت سريعاً عليك و يجعلك تفغل عن الألم وتنشغل بما يسعدك تقوم بفعل ذلك وأنت ممتن لرب العباد أنه امتحنك، وسترى بعدها فضله و قد فاض عن طلبك و حاجتك.

ليست موعظة دينية إنما حقيقة لمستها أن الذين يشكون من الناس و من نكرانهم و من عدم تقديرهم، لم يحسنوا الظن بالله مع الأسف، ولم تكن أعمالهم خالصة له، بل جزء منها أرسل لله و جزء آخر أرسل للناس انتظار لقول شكراً على الأقل، لذلك يصيبهم الإحباط والياس والتذمر حين ينتظرون التقدير من بعد الإرسال فلا يجدون، بل يرون النكران لهم والتقدير يذهب لغيرهم، نصيحتي دوماً لهم ضع عملك خالصاً له سبحانه و ارسله في البريد المستعجل باسمه وحده, و لا تنتظر أبداً أبداً و لا تترقب و لا تراقب تقديرا من كائن من كان من البشر, حتى لا تشعر بالاحباط و الياس , بل اجزم لك بانك حين تعمل و لا تنتظر جزاء و لا شكورا من الناس وتواصل عطاءك حتى في زمن النكران، وتظل عملك ترسله لله وحده أجزم بأن كرم عطائه سيفوق قدرتك على التحمل.... ليست موعظة إنما هي خواطر جادت بها النفس.