منذ أواخر الحرب العالمية الثانية ظهر على الساحتين السياسية والاقتصادية ما عرف بتوافق واشنطن من ناحية ومدرسة شيكاغو في الاقتصاد، ومن ناحية أخرى سياسة الأحلاف العسكرية في «الناتو» وانتشارها في عدة مناطق في العالم. لم تكن الصين في تلك الفترة قوة كبرى عالمية في القرن العشرين وإن كان لديها كافة الإمكانيات لتحقيق ذلك. ويرجع الفضل في حدوث تغير جوهري في الصين سياسة واقتصاداً ومنهجاً في العلاقات الدولية للزعيم الصيني رائد الانفتاح الاقتصادي دنج سياو بنج ثم خليفته الصاعد الرئيس الصيني الحالي شي جينبينج. وإذا كان دنج دعا إلى الانفتاح الاقتصادي تحت شعار الاشتراكية بخصائص صينية معتمداً على التراث الثقافي الصيني في تحديد وبلورة السلوكيات فإن الرئيس الصيني الحالي شي جينبنج اعتمد على التراث الصيني العظيم ومدارسه الفكرية المتعددة وهو فكر لديه السبق في مجالات فلسفية وعملية عديدة واستدعاء ذلك الفكر أو بعض مدارسه المتخصصة والمعتمدة على الحضارة الصينية مع صبغها بصبغة القرن الحادي والعشرين ومن هنا قدم فلسفة رئيسية في الاقتصاد والسياسة تعتمد على عدة ركائز منها:
* الكسب للجميع.
* التعاون والتنمية وليس المساعدات والمنح والهبات.
* إنشاء مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم قروضاً للبنية الأساسية.
* اعتماد شعار «الحزام والطريق» كوسيلة للإنعاش والتعاون الاقتصادي.
في عام 2008 واجه العالم أزمة مالية تحولت لأزمة اقتصادية ومالية عالمية ولها تداعيات سياسية فأعاد الغرب اقتراح نفس التفكير التقشفي من خلال مؤسسات بريتون وودز، بينما الصين بادرت من خلال مدارسها الاقتصادية في جامعات بكين وشنغهاي بوجه خاص إلى إطلاق مبادرة الحزام والطريق ثم التمويل بعدة مصارف وصناديق للمشروعات في آسيا وإفريقيا. وقد شعرت الولايات المتحدة أن طريق الحرير يهدد سياستها في أسيا الوسطي وفي أفريقيا وإن المؤسسات المالية التي أطلقتها الصين ودعمتها بمعظم رؤوس الأموال تهدد احتكارها لمؤسسات بريتون وودز وانتهجت عكس سياسات مدرسة شيكاغو التي تسببت ولا تزال تتسبب في رفع الدعم عن الطبقات الفقيرة والعمل لمصلحة الأغنياء. ومن هنا أطلقت عدة مؤسسات مالية جديدة مثل البنك الآسيوي لتمويل البنية الأساسية وأيضاً صندوق لتمويل مشروعات طريق الحرير البري. ولم تطلب الصين من الدول النامية تنازلات سياسية كما يفعل الغرب وإنما طلبت شروطاً اقتصادية مثل دراسات الجدوى والبنية القانونية ونحو ذلك من شروط تؤدي لنجاح المشروعات لمصلحة الشعوب والدول. ولم تطلب تطبيق مبادئ مدرسة شيكاغو الاقتصادية الأمريكية في التقشف بل عمد الفكر الصيني لسياسة التوسع في الإنفاق وتعزيز البنية الأساسية ونشر مفهوم الإدارة والتدريب المهني ونقل الخبرات والتكنولوجيا للدول النامية.
ما هو الهدف من هذا التحليل الذي نقدمه؟ إن هو التمني بأن تفكر الدول العربية ودول الشرق الأوسط بوجد خاص في المنهج الصيني وتوافق بكين بدلاً من أن تعيش في دورة الغزو والتوسع والسيطرة وإنشاء مناطق نفوذ وتكوين أحزاب تتبعها أو تنتهج سياسة إثارة الفتن والأحقاد والدمار. في الدول الأخرى وبخاصة دول الجوار وهذه واضح لمن يتابع الأوضاع في الشرق الأوسط وبخاصة الدول العربية التي تتعرض لفكر متخلف من دول الجوار يعيش في عالم التوسع والسيطرة المذهبية والاقتصادية والسياسية وينفق الكثير على العملاء بدلاً من رفع مستوى شعوبها. فهل يمكن أن يفكر قادة دول الجوار العربي وبعض الدول التابعة لهم والأحزاب النائمة أو النشطة بمنهج العمل لمصلحة الجميع والتوسع والغزو والعدوان على الأخرى بشتى الطرق أن هذه سياسة بائدة ولا تعكس فكر وفلسفة القرن الحادي والعشرين، وأخيراً نتساءل هل يمكن لإسرائيل أن تتخلى عن الاعتماد على الولايات المتحدة في سياساتها المتشددة والتوسع وبناء المستعمرات في الاراضي الفلسطينية؟ وهل يمكن أن تتخلي تركيا وإيران عن مفهوم السيطرة علي دول الجوار؟ وهل يمكن لبعض الأحزاب التابعة لغير دولها أن تعيد النظر في فكرها وفلسفتها. إن على الجميع أن يفكر استراتيجيا في المستقبل ولا يعيش في عالم مضى حيث بناء الامبراطوريات والتوسع والاستعمار وتكوين العملاء والتابعين في الدول الأخرى.
* خبير الدراسات الصينية
* الكسب للجميع.
* التعاون والتنمية وليس المساعدات والمنح والهبات.
* إنشاء مجموعة من البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم قروضاً للبنية الأساسية.
* اعتماد شعار «الحزام والطريق» كوسيلة للإنعاش والتعاون الاقتصادي.
في عام 2008 واجه العالم أزمة مالية تحولت لأزمة اقتصادية ومالية عالمية ولها تداعيات سياسية فأعاد الغرب اقتراح نفس التفكير التقشفي من خلال مؤسسات بريتون وودز، بينما الصين بادرت من خلال مدارسها الاقتصادية في جامعات بكين وشنغهاي بوجه خاص إلى إطلاق مبادرة الحزام والطريق ثم التمويل بعدة مصارف وصناديق للمشروعات في آسيا وإفريقيا. وقد شعرت الولايات المتحدة أن طريق الحرير يهدد سياستها في أسيا الوسطي وفي أفريقيا وإن المؤسسات المالية التي أطلقتها الصين ودعمتها بمعظم رؤوس الأموال تهدد احتكارها لمؤسسات بريتون وودز وانتهجت عكس سياسات مدرسة شيكاغو التي تسببت ولا تزال تتسبب في رفع الدعم عن الطبقات الفقيرة والعمل لمصلحة الأغنياء. ومن هنا أطلقت عدة مؤسسات مالية جديدة مثل البنك الآسيوي لتمويل البنية الأساسية وأيضاً صندوق لتمويل مشروعات طريق الحرير البري. ولم تطلب الصين من الدول النامية تنازلات سياسية كما يفعل الغرب وإنما طلبت شروطاً اقتصادية مثل دراسات الجدوى والبنية القانونية ونحو ذلك من شروط تؤدي لنجاح المشروعات لمصلحة الشعوب والدول. ولم تطلب تطبيق مبادئ مدرسة شيكاغو الاقتصادية الأمريكية في التقشف بل عمد الفكر الصيني لسياسة التوسع في الإنفاق وتعزيز البنية الأساسية ونشر مفهوم الإدارة والتدريب المهني ونقل الخبرات والتكنولوجيا للدول النامية.
ما هو الهدف من هذا التحليل الذي نقدمه؟ إن هو التمني بأن تفكر الدول العربية ودول الشرق الأوسط بوجد خاص في المنهج الصيني وتوافق بكين بدلاً من أن تعيش في دورة الغزو والتوسع والسيطرة وإنشاء مناطق نفوذ وتكوين أحزاب تتبعها أو تنتهج سياسة إثارة الفتن والأحقاد والدمار. في الدول الأخرى وبخاصة دول الجوار وهذه واضح لمن يتابع الأوضاع في الشرق الأوسط وبخاصة الدول العربية التي تتعرض لفكر متخلف من دول الجوار يعيش في عالم التوسع والسيطرة المذهبية والاقتصادية والسياسية وينفق الكثير على العملاء بدلاً من رفع مستوى شعوبها. فهل يمكن أن يفكر قادة دول الجوار العربي وبعض الدول التابعة لهم والأحزاب النائمة أو النشطة بمنهج العمل لمصلحة الجميع والتوسع والغزو والعدوان على الأخرى بشتى الطرق أن هذه سياسة بائدة ولا تعكس فكر وفلسفة القرن الحادي والعشرين، وأخيراً نتساءل هل يمكن لإسرائيل أن تتخلى عن الاعتماد على الولايات المتحدة في سياساتها المتشددة والتوسع وبناء المستعمرات في الاراضي الفلسطينية؟ وهل يمكن أن تتخلي تركيا وإيران عن مفهوم السيطرة علي دول الجوار؟ وهل يمكن لبعض الأحزاب التابعة لغير دولها أن تعيد النظر في فكرها وفلسفتها. إن على الجميع أن يفكر استراتيجيا في المستقبل ولا يعيش في عالم مضى حيث بناء الامبراطوريات والتوسع والاستعمار وتكوين العملاء والتابعين في الدول الأخرى.
* خبير الدراسات الصينية