كتبت السفيرة الفرنسية سيسيل لونجيه على حسابها في تويتر تعليقاً على حكم صدر بحق المدعو نبيل رجب «إن فرنسا تتابع عن كثب وضع نبيل رجب وتلقت بقلق خبر تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات على «المعارض» البحريني والمدافع عن حقوق الإنسان على خلفية نشره تغريدات على تويتر» انتهى
سيدتي لونجيه
أود أن أعود معكِ بالذاكرة لعدة أشهر فقط لا لزمن بعيد، وتحديداً أثناء الاحتفالات بأعياد السنة الجديدة في باريس حين وقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقال إنه سيعدل قانون الإعلام الفرنسي هذا العام لمحاربة انتشار «الأخبار الكاذبة» على وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها بأنها تهدد الديمقراطيات الليبرالية.
وصرح ماكرون أثناء التعبير عن تمنياته للصحافيين «سوف نطور جهازنا القضائي لحماية الحياة الديمقراطية من هذه الأخبار الخاطئة».
كذلك أعلن عن تعزيز سلطات هيئة ضبط المرئي والمسموع «لمكافحة أي محاولة إخلال تجريها خدمات تلفزيون خاضعة لسيطرة أو تأثير دول أجنبية». موقع «فرنسا 24» التاريخ 3 يناير 2018
سيدتي الكريمة سيسيل لونجيه إذا كان «التهديد» الذي دفع فرنسا للعمل على إعادة النظر في الحريات المطلقة «للتعبير» كان بسبب تأثيره على الانتخابات، فما بالك لو كان ذلك «التعبير» يشكل خطراً يهدد حياة جنود لفرنسا يقضون مهمات قتالية للدفاع عن وطنهم؟ بالتأكيد لن تتسامح فرنسا في هذه الحالة مع أي حق «تعبيري» يشكل تهديداً على حياة رجال أمنها وجنودها، ولعلمكِ سيدة سيسيل حياة رجال أمننا وجنودنا في البحرين ليست أرخص من حياتهم.
سيدتي ومثلكِ لا يعرف أن فرنسا لا تعترف بالحق المطلق للتعبير بتاتاً، ولم تكن المرة الأولى التي يفتح فيها جدل فرنسي حول المزيد من القيود التي تسعى فرنسا لوضعها على حق التعبير الذي لم يكن مطلقاً على الإطلاق، فبعد حادثة كاريكاتير «تشارلي إيبدو» برز للسطح هذا الجدل وأعيد الجدل مرة أخرى على القانون المعروف باسم جيسو-فابيوس، هذا القانون الذي يعاقب على «التحريض العلني على العنف أو الكراهية، حتى من قبل نشر أو توزيع مساحات، صور أو مواد أخرى، موجه ضد مجموعة من الأشخاص أو عضو في هذه المجموعة تعرف بالرجوع إلى العرق أو اللون أو الدين أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني».
ليس هذا فحسب بل ينص مقطع من هذا القانون على من يشكك، لاحظي فقط يشكك في «الجرائم المحددة من قبل محكمة نورمبرغ» أي معاقبة كل من يعبر بكلمات أو أفعال تنم عن عنصرية ومناهضة «للسامية» وتحض على الكراهية العرقية، والقانون في حد ذاته قانون تعديل لقانون حرية الصحافة الفرنسي الذي صدر في 29 يوليو 1881 وأقرته الجمعية الوطنية الفرنسية، وهو مكمل لقانون «بليفن» الذي صدر في يوليو 1972 والذي يعاقب التحريض على الكراهية أو الفصل العنصري أو السب بألفاظ عنصرية.
ولقد صدر قانون 1990 بإضافة المادة 24 ب على قانون عام 1881 وهي المادة التي تجرم كل من يشكك في وقوع جريمة أو أكثر من الجرائم التي تعتبر ضد الإنسانية حسب الوصف الذي أعطته لها المادة 6 من قانون محكمة نورمبرج العسكرية الدولية، ويقاضي القانون أي منظمة أو أفراد وجهت لهم التهمة بارتكاب أعمال إجرامية أمام المحاكم الفرنسية أو الدولية. ويعتبر قانون جيسو هو المادة التشريعية الوحيدة في القانون الفرنسي التي تسمح بمعاقبة كل من ينفي الجرائم التي ارتكبت في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.
جعل هذا القانون محكمة نورمبرج المرجع النهائي المطلق للحقيقة المطلقة لحقبة تاريخية معينة، فيحق للبشر أجمعهم أن ينتقدوا أو يشككوا أو يدرسوا أو يراجعوا تاريخ آلاف السنوات قبل تلك الحقبة وبعد تلك الحقبة، ولكن المساس بهذه الحقبة يعتبر من المقدسات التي يعاقب عليها القانون «المصدر بحث للمهندس أحمد فتحي الجميل موقع ساس يناير 2015» فعن أي حرية مطلقة للتعبير تتحدثين سيدتي؟
ونستطيع أن نعدد لكِ سيدتي أعداد المفكرين والكتاب والفنانين والناشطين الذين عوقبوا لأسباب تتعلق بحق التعبير لأن فرنسا اعتبرت تعبيرهم يشكل «تهديداً» لقيمها ومبادئها، فما بالك إن كان ذلك التعبير يشكل ويهدد حياة أفراد وبشر؟ ألم يحاكم روجيه بارودي بسبب تعبيره؟ ألم يُدن الممثل الكوميدي ديودوني مابالا بسبب تعبيره على الفيسبوك؟ ألم يعزل الدكتور الجامعي روبرت فوريسون بسبب تعبيره، سيدتي الحرية مطلقة للمعتقد وللفكر نعم ودستورنا ينص على ذلك، إنما التعبير الذي هو سلوك فلم يكن له حرية مطلقة أبداً لا في أي زمان ولا في أي مكان، ولا في أي دولة وأولهم فرنسا، دائماً ما كان حق التعبير منظماً ومقيداً بضوابط قانونية وما لم يمس الغير.
لذلك نتمنى على السيدة سيسيل الكف عن التناقض وتنصيب نفسها قيمة على تقدير ما ينظم حق التعبير في دولة غير دولتها، وتعطي لنفسها حق تقدير أهمية وقيمة حياة الإنسان البحريني وما يهدد أمنه، فحياة كل إنسان على هذه الأرض وأمنه لا تقل قيمة أبداً عن حياة وأمن أي فرنسي، ونحن دولة مستقلة لها سلطاتها المستقلة ولها وحدها الحق في تقدير حجم التهديد وأثره على أمن مجتمعها، مع تمنياتنا لكِ بإقامة طيبة.
{{ article.visit_count }}
سيدتي لونجيه
أود أن أعود معكِ بالذاكرة لعدة أشهر فقط لا لزمن بعيد، وتحديداً أثناء الاحتفالات بأعياد السنة الجديدة في باريس حين وقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقال إنه سيعدل قانون الإعلام الفرنسي هذا العام لمحاربة انتشار «الأخبار الكاذبة» على وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفها بأنها تهدد الديمقراطيات الليبرالية.
وصرح ماكرون أثناء التعبير عن تمنياته للصحافيين «سوف نطور جهازنا القضائي لحماية الحياة الديمقراطية من هذه الأخبار الخاطئة».
كذلك أعلن عن تعزيز سلطات هيئة ضبط المرئي والمسموع «لمكافحة أي محاولة إخلال تجريها خدمات تلفزيون خاضعة لسيطرة أو تأثير دول أجنبية». موقع «فرنسا 24» التاريخ 3 يناير 2018
سيدتي الكريمة سيسيل لونجيه إذا كان «التهديد» الذي دفع فرنسا للعمل على إعادة النظر في الحريات المطلقة «للتعبير» كان بسبب تأثيره على الانتخابات، فما بالك لو كان ذلك «التعبير» يشكل خطراً يهدد حياة جنود لفرنسا يقضون مهمات قتالية للدفاع عن وطنهم؟ بالتأكيد لن تتسامح فرنسا في هذه الحالة مع أي حق «تعبيري» يشكل تهديداً على حياة رجال أمنها وجنودها، ولعلمكِ سيدة سيسيل حياة رجال أمننا وجنودنا في البحرين ليست أرخص من حياتهم.
سيدتي ومثلكِ لا يعرف أن فرنسا لا تعترف بالحق المطلق للتعبير بتاتاً، ولم تكن المرة الأولى التي يفتح فيها جدل فرنسي حول المزيد من القيود التي تسعى فرنسا لوضعها على حق التعبير الذي لم يكن مطلقاً على الإطلاق، فبعد حادثة كاريكاتير «تشارلي إيبدو» برز للسطح هذا الجدل وأعيد الجدل مرة أخرى على القانون المعروف باسم جيسو-فابيوس، هذا القانون الذي يعاقب على «التحريض العلني على العنف أو الكراهية، حتى من قبل نشر أو توزيع مساحات، صور أو مواد أخرى، موجه ضد مجموعة من الأشخاص أو عضو في هذه المجموعة تعرف بالرجوع إلى العرق أو اللون أو الدين أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني».
ليس هذا فحسب بل ينص مقطع من هذا القانون على من يشكك، لاحظي فقط يشكك في «الجرائم المحددة من قبل محكمة نورمبرغ» أي معاقبة كل من يعبر بكلمات أو أفعال تنم عن عنصرية ومناهضة «للسامية» وتحض على الكراهية العرقية، والقانون في حد ذاته قانون تعديل لقانون حرية الصحافة الفرنسي الذي صدر في 29 يوليو 1881 وأقرته الجمعية الوطنية الفرنسية، وهو مكمل لقانون «بليفن» الذي صدر في يوليو 1972 والذي يعاقب التحريض على الكراهية أو الفصل العنصري أو السب بألفاظ عنصرية.
ولقد صدر قانون 1990 بإضافة المادة 24 ب على قانون عام 1881 وهي المادة التي تجرم كل من يشكك في وقوع جريمة أو أكثر من الجرائم التي تعتبر ضد الإنسانية حسب الوصف الذي أعطته لها المادة 6 من قانون محكمة نورمبرج العسكرية الدولية، ويقاضي القانون أي منظمة أو أفراد وجهت لهم التهمة بارتكاب أعمال إجرامية أمام المحاكم الفرنسية أو الدولية. ويعتبر قانون جيسو هو المادة التشريعية الوحيدة في القانون الفرنسي التي تسمح بمعاقبة كل من ينفي الجرائم التي ارتكبت في حق اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.
جعل هذا القانون محكمة نورمبرج المرجع النهائي المطلق للحقيقة المطلقة لحقبة تاريخية معينة، فيحق للبشر أجمعهم أن ينتقدوا أو يشككوا أو يدرسوا أو يراجعوا تاريخ آلاف السنوات قبل تلك الحقبة وبعد تلك الحقبة، ولكن المساس بهذه الحقبة يعتبر من المقدسات التي يعاقب عليها القانون «المصدر بحث للمهندس أحمد فتحي الجميل موقع ساس يناير 2015» فعن أي حرية مطلقة للتعبير تتحدثين سيدتي؟
ونستطيع أن نعدد لكِ سيدتي أعداد المفكرين والكتاب والفنانين والناشطين الذين عوقبوا لأسباب تتعلق بحق التعبير لأن فرنسا اعتبرت تعبيرهم يشكل «تهديداً» لقيمها ومبادئها، فما بالك إن كان ذلك التعبير يشكل ويهدد حياة أفراد وبشر؟ ألم يحاكم روجيه بارودي بسبب تعبيره؟ ألم يُدن الممثل الكوميدي ديودوني مابالا بسبب تعبيره على الفيسبوك؟ ألم يعزل الدكتور الجامعي روبرت فوريسون بسبب تعبيره، سيدتي الحرية مطلقة للمعتقد وللفكر نعم ودستورنا ينص على ذلك، إنما التعبير الذي هو سلوك فلم يكن له حرية مطلقة أبداً لا في أي زمان ولا في أي مكان، ولا في أي دولة وأولهم فرنسا، دائماً ما كان حق التعبير منظماً ومقيداً بضوابط قانونية وما لم يمس الغير.
لذلك نتمنى على السيدة سيسيل الكف عن التناقض وتنصيب نفسها قيمة على تقدير ما ينظم حق التعبير في دولة غير دولتها، وتعطي لنفسها حق تقدير أهمية وقيمة حياة الإنسان البحريني وما يهدد أمنه، فحياة كل إنسان على هذه الأرض وأمنه لا تقل قيمة أبداً عن حياة وأمن أي فرنسي، ونحن دولة مستقلة لها سلطاتها المستقلة ولها وحدها الحق في تقدير حجم التهديد وأثره على أمن مجتمعها، مع تمنياتنا لكِ بإقامة طيبة.