لم أرَ من الحكومة رداً أو توضيحاً حول الضجة التي أثيرت عن عبارة «القضاء على كافة أشكال الفقر» تلك التي وردت في التقرير البحريني لمنظمة الأمم المتحدة غير الاكتفاء «بأن ذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي» والسلام ختام.
ضجة في الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي «مسجات» ورسائل صوتية واتهامات بالكذب والتزوير وخداع ولاة الأمر ووووووالحكومة تكتفي بالقول بأن البنك الدولي هو الذي قال، لا نحن.
الهوة بين الحكومة والمواطن تتسع لا بسبب حسابات مدسوسة وحسابات وهمية تحاول التحريض والتجييش فحسب، بل تتسع لأن هناك قصوراً كبيراً في التواصل بين الحكومة والناس ومخاطبتهم بلغة يفهمونها مرة ومرتين وثلاثاً، ليس خطأ ولا عيباً أن تشرح وتشرح، فتلك وظيفتك وتلك مهمتك، مهمة الحكومة أن تضيق الهوة بينها وبين المواطن أن تبحث عن أسباب الفجوة في سوء الفهم وتعالجها بالشرح بالإيضاح بالظهور بعدم التعالي بالانصات بالرد المفصل.
لماذا هذا الرد المقتضب؟ من ذا الذي سيقرأ ماذا تعني «وفقاً لتقرير البنك الدولي»؟ وماذا يعنيني تقرير البنك الدولي وأنا أرى أفراداً وأسراً محتاجة وتساعدها وزارة التنمية الاجتماعية وتساعدها الصناديق الخيرية وتساعدها «الجروبات» المتطوعة؟ أليست تلك أسراً فقيرة؟ لدينا أسر بيوتها آيلة للسقوط، ولدينا أسر تعيش على المساعدات التي يقدمها لها أهل الخير لأن المساعدات التي يحصلون عليها من التنمية لا تكفي لآخر الشهر، ولدينا أسر محتاجة لأساسيات لم تكن كذلك قبل سنوات، وهناك أسر لا تستطيع دفع فاتورة الكهرباء وهناك أسر تحتاج وتحتاج أموراً لم تكن من الأساسيات فيما مضى إلا أنها الآن كذلك، لماذا لم أرَها في التقرير؟ لماذا لم يذكرها؟
كان لا بد من توقع مثل هذه الانطباعات وهذه الردود، كان من المتوقع أن تكون ردة الفعل العنيفة لأن التوقيت أيضاً يزيد منها، الحديث عن قانون التقاعد ووقت انتخابات وغيره من أسباب سيزيد من حجم السخط، فلم الاكتفاء بهذه العبارة؟ أين لسان الحكومة؟
ذلك القصور في الأداء الحكومي يدفع ثمنه الجميع بما فيها انطفاء شعلة النجاح التي أضاءها تقرير أممي رفع اسم البحرين عالياً في المحافل الدولية ونجاحاً منقطع النظير للفريق الذي قدمه وحققت به البحرين مركزاً متقدماً، ضاع وانمحى داخل البحرين لأن الهوة في الخطاب لم تردم، فكان خطاباً دولياً يسير في اتجاه والآخر محلياً في الاتجاه المعاكس، واكتفت الحكومة بالإحالة لتقرير البنك الدولي، وكأن الناس ستجري وتبحث ماذا يقول البنك الدولي.
لماذا لم تشرح الحكومة للناس بأن «الفقر» الذي سألت عنه المنظمة لم يكن عن هذه الأسر البحرينية وطبيعة احتياجاتها، بل لم تشرح أن المنظمة سألت سؤالاً محدداً هل يوجد في البحرين من دخله أقل مما حدده البنك الدولي للفرد 1.90 دولار في اليوم، أي ما يقارب 750 فلساً في اليوم؟
لماذا لم تشرح بأن أي فرد يحصل في اليوم أكثر من سبع «روبيات» لا يعد فقيراً بالنسبة للبنك وليس من تقصده المنظمة، بل ينتقل إلى شريحة أخرى، والتقرير الذي كانت الحكومة بصدد تقديمه معني بهذه الشريحة التي دخلها أقل من 750 فلساً في اليوم.
والبنك الدولي حين يقر أن هذه الدولة أو تلك لا يوجد بها شرائح أو أفراد تعيش بأقل من سبع «روبيات» في اليوم، فإن ذلك يتم بعد زيارات ودراسات و مقارنات رقمية، وهم جاؤوا البحرين وأقروا بأن هذا المعيار لم يعد موجوداً في البحرين وقد تخطته، وحين قامت مملكة البحرين باستعراض القائمة التي طلبتها المنظمة في الأمم المتحدة وقدموا تقريراً عن خدماتها الصحية والتعليمية والطاقة والمواصلات والسكن والمياه وغيره كان ضمن القائمة أيضاً التأكد من استيفائها لذلك المعيار وحين سألت إن كان ذلك الفقر موجوداً أو لا، استعانت البحرين بتقرير البنك وقدمته كدليل على أن هذا النوع وهذه الدرجة من الفقر لم تعد موجودة في البحرين خاصة باستعراضها لمظلة الضمانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة.
لماذا لم يشرح أحد بالتفصل عن كيفية تقديم هذه التقارير ولماذا وما الاستفادة وهل ذلك يعني أنه ليست لدينا أسر فقيرة بمقياسنا نحن؟ وهل مقياس البنك الدولي هو الوحيد؟ لماذا السكوت؟
لماذا لم تشرح بأنه خارج موضوع التقرير المعني، نعم هناك معايير أخرى غير معايير البنك الدولي، والعديد من الدول تضع خطوط فقر خاصة بها وفق ظروفها الخاصة. فمثلاً عام 2009 كان خط الفقر في الولايات المتحدة للفرد دون سن 65 هو 11,161 دولار سنوياً، ولعائلة من أربعة أفراد من بينهم طفلان هو 21,756 دولار سنوياً، تخيلوا هذه الولايات المتحدة التي حددت خط فقرها بهذا المستوى، هكذا وفقاً لما جاء في موقع ويكبيديا.
وعليه فإننا في البحرين لدينا معاييرنا الخاصة إنما لم تكن مدرجة في التقرير كسؤال، ما كان ضر الحكومة أن تظهر للناس وتتحدث للناس وتخاطبهم بكل أريحية وتؤكد على أنها حريصة على تلبية احتياجات الأسر؟ لماذا لا تعرف الناس أن التقرير لأغراض أخرى ويتكلم عن شرائح أخرى وأن مقاييس تلك الشرائح حددها وأكدها البنك الدولي لا البحرين وتشرح وتفصل، ما كان ضر الحكومة لو أنها تتحدث بوضوح وبحرية وباحترام لعقول الناس وبتعاطفها مع الأسر المحتاجة، التي هي وفقاً لمعاييرنا في البحرين وفي الخليج تعد محتاجة وفقيرة وإلا من هي الأسر التي تعيش على المساعدات إذاً؟ وهي تتفهم احتياجاتهم، حتى تفصل بين موضوعها وقصة التقرير.
لقد صفق العالم لمملكة البحرين في المنظمة لأنها أوفت بقائمة طويلة جداً من استحقاقات التنمية المستدامة وفقاً لمعايير وضعوها هم ولم تضعها البحرين، صفق العالم واحتفى بتقرير البحرين وهنؤوا البحرين عليه، ونحن مسحنا به الأرض، ومازال الصمت سيد الموقف.
{{ article.visit_count }}
ضجة في الصحافة وفي وسائل التواصل الاجتماعي «مسجات» ورسائل صوتية واتهامات بالكذب والتزوير وخداع ولاة الأمر ووووووالحكومة تكتفي بالقول بأن البنك الدولي هو الذي قال، لا نحن.
الهوة بين الحكومة والمواطن تتسع لا بسبب حسابات مدسوسة وحسابات وهمية تحاول التحريض والتجييش فحسب، بل تتسع لأن هناك قصوراً كبيراً في التواصل بين الحكومة والناس ومخاطبتهم بلغة يفهمونها مرة ومرتين وثلاثاً، ليس خطأ ولا عيباً أن تشرح وتشرح، فتلك وظيفتك وتلك مهمتك، مهمة الحكومة أن تضيق الهوة بينها وبين المواطن أن تبحث عن أسباب الفجوة في سوء الفهم وتعالجها بالشرح بالإيضاح بالظهور بعدم التعالي بالانصات بالرد المفصل.
لماذا هذا الرد المقتضب؟ من ذا الذي سيقرأ ماذا تعني «وفقاً لتقرير البنك الدولي»؟ وماذا يعنيني تقرير البنك الدولي وأنا أرى أفراداً وأسراً محتاجة وتساعدها وزارة التنمية الاجتماعية وتساعدها الصناديق الخيرية وتساعدها «الجروبات» المتطوعة؟ أليست تلك أسراً فقيرة؟ لدينا أسر بيوتها آيلة للسقوط، ولدينا أسر تعيش على المساعدات التي يقدمها لها أهل الخير لأن المساعدات التي يحصلون عليها من التنمية لا تكفي لآخر الشهر، ولدينا أسر محتاجة لأساسيات لم تكن كذلك قبل سنوات، وهناك أسر لا تستطيع دفع فاتورة الكهرباء وهناك أسر تحتاج وتحتاج أموراً لم تكن من الأساسيات فيما مضى إلا أنها الآن كذلك، لماذا لم أرَها في التقرير؟ لماذا لم يذكرها؟
كان لا بد من توقع مثل هذه الانطباعات وهذه الردود، كان من المتوقع أن تكون ردة الفعل العنيفة لأن التوقيت أيضاً يزيد منها، الحديث عن قانون التقاعد ووقت انتخابات وغيره من أسباب سيزيد من حجم السخط، فلم الاكتفاء بهذه العبارة؟ أين لسان الحكومة؟
ذلك القصور في الأداء الحكومي يدفع ثمنه الجميع بما فيها انطفاء شعلة النجاح التي أضاءها تقرير أممي رفع اسم البحرين عالياً في المحافل الدولية ونجاحاً منقطع النظير للفريق الذي قدمه وحققت به البحرين مركزاً متقدماً، ضاع وانمحى داخل البحرين لأن الهوة في الخطاب لم تردم، فكان خطاباً دولياً يسير في اتجاه والآخر محلياً في الاتجاه المعاكس، واكتفت الحكومة بالإحالة لتقرير البنك الدولي، وكأن الناس ستجري وتبحث ماذا يقول البنك الدولي.
لماذا لم تشرح الحكومة للناس بأن «الفقر» الذي سألت عنه المنظمة لم يكن عن هذه الأسر البحرينية وطبيعة احتياجاتها، بل لم تشرح أن المنظمة سألت سؤالاً محدداً هل يوجد في البحرين من دخله أقل مما حدده البنك الدولي للفرد 1.90 دولار في اليوم، أي ما يقارب 750 فلساً في اليوم؟
لماذا لم تشرح بأن أي فرد يحصل في اليوم أكثر من سبع «روبيات» لا يعد فقيراً بالنسبة للبنك وليس من تقصده المنظمة، بل ينتقل إلى شريحة أخرى، والتقرير الذي كانت الحكومة بصدد تقديمه معني بهذه الشريحة التي دخلها أقل من 750 فلساً في اليوم.
والبنك الدولي حين يقر أن هذه الدولة أو تلك لا يوجد بها شرائح أو أفراد تعيش بأقل من سبع «روبيات» في اليوم، فإن ذلك يتم بعد زيارات ودراسات و مقارنات رقمية، وهم جاؤوا البحرين وأقروا بأن هذا المعيار لم يعد موجوداً في البحرين وقد تخطته، وحين قامت مملكة البحرين باستعراض القائمة التي طلبتها المنظمة في الأمم المتحدة وقدموا تقريراً عن خدماتها الصحية والتعليمية والطاقة والمواصلات والسكن والمياه وغيره كان ضمن القائمة أيضاً التأكد من استيفائها لذلك المعيار وحين سألت إن كان ذلك الفقر موجوداً أو لا، استعانت البحرين بتقرير البنك وقدمته كدليل على أن هذا النوع وهذه الدرجة من الفقر لم تعد موجودة في البحرين خاصة باستعراضها لمظلة الضمانات الاجتماعية التي تقدمها الحكومة.
لماذا لم يشرح أحد بالتفصل عن كيفية تقديم هذه التقارير ولماذا وما الاستفادة وهل ذلك يعني أنه ليست لدينا أسر فقيرة بمقياسنا نحن؟ وهل مقياس البنك الدولي هو الوحيد؟ لماذا السكوت؟
لماذا لم تشرح بأنه خارج موضوع التقرير المعني، نعم هناك معايير أخرى غير معايير البنك الدولي، والعديد من الدول تضع خطوط فقر خاصة بها وفق ظروفها الخاصة. فمثلاً عام 2009 كان خط الفقر في الولايات المتحدة للفرد دون سن 65 هو 11,161 دولار سنوياً، ولعائلة من أربعة أفراد من بينهم طفلان هو 21,756 دولار سنوياً، تخيلوا هذه الولايات المتحدة التي حددت خط فقرها بهذا المستوى، هكذا وفقاً لما جاء في موقع ويكبيديا.
وعليه فإننا في البحرين لدينا معاييرنا الخاصة إنما لم تكن مدرجة في التقرير كسؤال، ما كان ضر الحكومة أن تظهر للناس وتتحدث للناس وتخاطبهم بكل أريحية وتؤكد على أنها حريصة على تلبية احتياجات الأسر؟ لماذا لا تعرف الناس أن التقرير لأغراض أخرى ويتكلم عن شرائح أخرى وأن مقاييس تلك الشرائح حددها وأكدها البنك الدولي لا البحرين وتشرح وتفصل، ما كان ضر الحكومة لو أنها تتحدث بوضوح وبحرية وباحترام لعقول الناس وبتعاطفها مع الأسر المحتاجة، التي هي وفقاً لمعاييرنا في البحرين وفي الخليج تعد محتاجة وفقيرة وإلا من هي الأسر التي تعيش على المساعدات إذاً؟ وهي تتفهم احتياجاتهم، حتى تفصل بين موضوعها وقصة التقرير.
لقد صفق العالم لمملكة البحرين في المنظمة لأنها أوفت بقائمة طويلة جداً من استحقاقات التنمية المستدامة وفقاً لمعايير وضعوها هم ولم تضعها البحرين، صفق العالم واحتفى بتقرير البحرين وهنؤوا البحرين عليه، ونحن مسحنا به الأرض، ومازال الصمت سيد الموقف.