إن كل من يستفتي التاريخ ثم يذهب ليستفتي الاستراتيجيات- بعد اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية لها - يدرك أن تل أبيب تعيش في أزهى عصورها حيث تنعم بدعم أمريكي لا يراعي الحسابات التي تحكم إدارة الصراع العربي الإسرائيلي. ووصل الأمر أنه يمكن لأي مواطن أمريكي يهودي وبكل شرعية ارتداء لبس جنود لواء غيلاني من قوات الصفوة وقتل إخواننا في فلسطين. لكن إن ذهب أمريكي مسلم لبلد مسلم آخر فهو إرهابي حتى وإن كان عضواً بلجنة إغاثة.
وفي 2011م طرح عضوا الكنيست آفي ديختر وزئيف إلكين مشروع قانون "الدولة القومية للشعب اليهودي" والذي مر الخميس 19 يوليو2018 مكرساً أن إسرائيل "الوطن القومي للشعب اليهودي" حيث أعاد القانون تعريف إسرائيل في قالب يهودي عرقي على حساب جميع مواطنيها، وبالتالي إعلان نهاية مبادئ الحرية والعدل والسلام والمساواة التي أدعتها وثيقتها التأسيسية. مما يعني عملية تديين للدولة. أما أهمية ذلك للصهاينة فهي:
- أن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية سيجعل من الصعب الدفع قدماً بأفكار تحويلها إلى دولة لجميع مواطنيها فقد قال برلمانيين دروز أن الشاب الدرزي الذي يهب دمه وأبناءه لدولة إسرائيل، يعتبر قانون الدولة القومية هو بصقة في وجهه. وليس ببعيد عنهم بدو النقب الذين هم وبدو سيناء بالأصل مجتمع واحد وينتمون للقبائل ذاتها ويبلغون 367 ألف نسمة؛ حيث كانت تل أبيب تتفاخر بدمج البدو في جيشها، بل تعتمد عليهم، في مهمات قتالية نوعية، وتحاول بذلك إيصال رسالة أن جيشها هو "جيش الشعب" عرباً وبدواً مسلمين ودروزاً ومسيحيين لكن القانون الحالي نسف ذلك.
- سيجعل من الصعب على العرب أن يطلبوا حقوقاً قومية متساوية. رغم أنهم يشكلون 20% من مواطني الدولة ويملكون فقط 2.1% من أراضيها. كما إن القول بأن إسرائيل دولة يهودية يعني عدم السماح لعرب إسرائيل بحمل جواز سفر مزدوج إسرائيلي وفلسطيني. بل وسيشرعن عملية استبعاد المواطنين العرب.
- سيخدم قانون الدولة القومية للشعب اليهودي تل أبيب لرد آلاف الفلسطينيين الذين سيأتون بناء على حقهم في العودة جراء طردهم من موطنهم 1948 أو في أي وقت بعد ذلك وهو حق وثقته الأمم المتحدة وينطبق على كل فلسطيني وذريته مهما بلغ عددها وأماكن تواجدها ومكان ولادتها، مع العلم أن عدد الفلسطينيين حول العالم يبلغ وفق إحصاءات رسمية، نحو 12.4 مليون نسمة.
بالعجمي الفصيح
إن تعودنا على أنماط الاستجابة العربية حول ماذا بعد قانون يهودية الدولة؛ يشير إلى أن المقاومة لم تعد قابلة للترميم؛ وستكون المتوالية التالية لما بعد نقل السفارة ويهودية الدولة هو أن لا تعتبر إسرائيل عدواً للعرب.