وجد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نفسه فجأة في موقف لا يحسد عليه، بين مطرقة إيران وسندان أمريكا، لاسيما فيما يتعلق بقضية التزام بلاده بتنفيذ عقوبات واشنطن على طهران، خاصة وأن العبادي أطلق تصريحات الأربعاء الماضي، نقلتها وسائل إعلام محلية ودولية، أتت قبل عزمه القيام بزيارة إلى كل من أنقرة وطهران الثلاثاء والأربعاء، قبل أن يلغي زيارة الثانية، أكد فيها أن «بغداد ستلتزم بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران»، مشيراً إلى أن «ذلك لحماية مصالح شعبه»، واعتبر أن «بلاده ستخسر بخلاف ذلك»، في إشارة إلى عدم التزامها بتلك العقوبات، حيث رأى من جهة نظره أن «عدم الالتزام بتلك العقوبات لن يقدم شيئاً لإيران»، مضيفاً «بل على العكس عدم الالتزام سيؤذي شعبنا وبلادنا وهذا أمر غير مقبول».
وحاول العبادي أن يكون دبلوماسياً لأقصى درجة وألا يستفز أنصار إيران في العراق وخارجها خاصة الميليشيات المسلحة وقبلها الأحزاب الموالية لطهران، حينما لفت إلى أن «بلاده لن تستطيع التعامل بالدولار الأمريكي إلا عن طريق البنك الفيدرالي الأمريكي ولن تستطيع الخروج عن المنظومة الاقتصادية العالمية»، لاسيما وأن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران والتي فرضتها واشنطن الثلاثاء الماضي تستهدف مشتريات طهران من الدولار الأمريكي، وتجارة الفحم، والسيارات، وتجارة المعادن، وبرمجيات الصناعة، فيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واضحاً في تحذيره بمنع الشركات التي تتعامل مع طهران من القيام بأية أنشطة في أمريكا، وفقاً للعقوبات الجديدة المفروضة على حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.
لكن تلك التصريحات كانت سبباً رئيساً ومباشراً في أن تفتح طهران وميليشياتها المسلحة في العراق، النار على العبادي وتصريحاته، مهاجمة إياه، ولم يكن الهجوم عتابا بقدر ما كان محاولة إذلال لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، الذي وجد نفسه فجأة مطروداً من جنة «ولاية الفقيه»، خاصة وأن طهران وميليشياتها المسلحة غمزت من قناة «نكران الجميل» و«عدم الاعتراف بفضل إيران على العراق»، وفسر ذلك جلياً في تصريحات مجتبى الحسيني، ممثل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لدى العراق، حينما صب جام غضبه على العبادي قائلاً «تصريحات رئيس الوزراء اللامسؤولة لا تنسجم مع الوفاء للمواقف المشرفة للجمهورية الإسلامية ودماء الشهداء التي قدمت للدفاع عن العراق وتطهير أرضه من لوث «داعش»»، مضيفاً «نأسف على موقفه هذا (...) إنه يعبر عن انهزامه تجاه أمريكا» كما أنه «لا يتلاءم مع الروح العراقية التي قدمت بطولات كبيرة في مقارعة «داعش» المدعوم من قبل أمريكا».
وابتزاز إيران للعراق تمارسه الأولى بين فترة وأخرى، لعل آخرها قبل نحو شهر، حينما قطعت الكهرباء التي تصدرها إلى جنوب العراق، من أجل تشكيل حكومة موالية لطهران، خاصة وأن إيران تنتج نحو 58 ألف ميغاواط تحتاج منها نحو 42 ألف ميغاواط للاستهلاك المحلي، الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات حاشدة ضد العبادي وحكومته.
واكتمل الهجوم الإيراني على العبادي برفض زيارته لطهران، والتي كانت مقررة الثلاثاء، بإعلان المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية برهم قاسمي لوكالة «إيسنا» الإيرانية شبه الرسمية والتي قال فيها «ليس لدينا أي معلومات عن مثل هذه الزيارة»، في إشارة إلى عدم رغبة طهران في تلك الزيارة وتجاهلها، خاصة وأن وسائل إعلام إيرانية كانت قد أعلنت قبل أيام عن موعد زيارة العبادي لطهران وترتيباتها.
الميليشيات والأحزاب العراقية الموالية لإيران، لم تكن أقل مستوى في هجومها على العبادي من ممثل خامنئي في العراق، خاصة منظمة «بدر» بقيادة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، وقبلهما حزب «الدعوة الإسلامية» الذي ينتمي إليه العبادي، حيث لم ترفض تلك الكيانات العقوبات الأمريكية فقط، بل شنت هجوماً عنيفاً على رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته.
وحاول العبادي عبثاً احتواء الموقف وأن يحتفظ بخط رجوع حينما أكد قبل ساعات، «التزام بلاده بعدم التعامل بالدولار»، مستبعدا «التزام بلاده بالعقوبات الأمريكية على طهران»، لكن اللافت في التصريحات الأخيرة للعبادي باستثناء قضية تراجعه عن مسألة الالتزام بالعقوبات، هجومه الضمني الشرس على الميليشيات المسلحة في العراق، حينما قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي «لا نتراجع عن حقوق شعبنا، يريدون أن يضغطوا علينا حتى نقدم مصالح عصابات على مصالح الشعب العراقي، هذا لا يمكن».
ووفقاً لإحصائيات اقتصادية بثتها وكالة الصحافة الفرنسية فإن «قيمة الواردات العراقية من إيران باستثناء المحروقات بلغت نحو 6 مليارات دولار، فيما يعد العراق ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية»، بيد أن المعلومة الأبرز التي أوردتها الوكالة هي أن «المحافظات العراقية المتاخمة لإيران تعتمد بشكل كبير على إيران في دعم الطاقة لاسيما قضية تزويدها بالكهرباء»، وهو ما ذهبت إليه في تقدير أن العراق سوف يكون المتضرر الأكبر من العقوبات الأمريكية على إيران نتيجة احتياجات حكومة بغداد من المنتجات الإيرانية الأساسية بالإضافة إلى الطاقة المستوردة من طهران، وهذا ما يفسر الابتزاز الإيراني الأخير للعراقيين.
وقفة:
يبدو أن العبادي لم يدرك أن تبعية العراق لإيران طوال السنوات الماضية لها ثمن باهظ لن يقف عند حد ابتزاز «ولاية الفقيه» للعراقيين وإذلالهم بقطع الكهرباء عنهم فقط!
وحاول العبادي أن يكون دبلوماسياً لأقصى درجة وألا يستفز أنصار إيران في العراق وخارجها خاصة الميليشيات المسلحة وقبلها الأحزاب الموالية لطهران، حينما لفت إلى أن «بلاده لن تستطيع التعامل بالدولار الأمريكي إلا عن طريق البنك الفيدرالي الأمريكي ولن تستطيع الخروج عن المنظومة الاقتصادية العالمية»، لاسيما وأن العقوبات الأمريكية الجديدة ضد طهران والتي فرضتها واشنطن الثلاثاء الماضي تستهدف مشتريات طهران من الدولار الأمريكي، وتجارة الفحم، والسيارات، وتجارة المعادن، وبرمجيات الصناعة، فيما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واضحاً في تحذيره بمنع الشركات التي تتعامل مع طهران من القيام بأية أنشطة في أمريكا، وفقاً للعقوبات الجديدة المفروضة على حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني.
لكن تلك التصريحات كانت سبباً رئيساً ومباشراً في أن تفتح طهران وميليشياتها المسلحة في العراق، النار على العبادي وتصريحاته، مهاجمة إياه، ولم يكن الهجوم عتابا بقدر ما كان محاولة إذلال لرئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، الذي وجد نفسه فجأة مطروداً من جنة «ولاية الفقيه»، خاصة وأن طهران وميليشياتها المسلحة غمزت من قناة «نكران الجميل» و«عدم الاعتراف بفضل إيران على العراق»، وفسر ذلك جلياً في تصريحات مجتبى الحسيني، ممثل المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي لدى العراق، حينما صب جام غضبه على العبادي قائلاً «تصريحات رئيس الوزراء اللامسؤولة لا تنسجم مع الوفاء للمواقف المشرفة للجمهورية الإسلامية ودماء الشهداء التي قدمت للدفاع عن العراق وتطهير أرضه من لوث «داعش»»، مضيفاً «نأسف على موقفه هذا (...) إنه يعبر عن انهزامه تجاه أمريكا» كما أنه «لا يتلاءم مع الروح العراقية التي قدمت بطولات كبيرة في مقارعة «داعش» المدعوم من قبل أمريكا».
وابتزاز إيران للعراق تمارسه الأولى بين فترة وأخرى، لعل آخرها قبل نحو شهر، حينما قطعت الكهرباء التي تصدرها إلى جنوب العراق، من أجل تشكيل حكومة موالية لطهران، خاصة وأن إيران تنتج نحو 58 ألف ميغاواط تحتاج منها نحو 42 ألف ميغاواط للاستهلاك المحلي، الأمر الذي أدى إلى اندلاع احتجاجات حاشدة ضد العبادي وحكومته.
واكتمل الهجوم الإيراني على العبادي برفض زيارته لطهران، والتي كانت مقررة الثلاثاء، بإعلان المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية برهم قاسمي لوكالة «إيسنا» الإيرانية شبه الرسمية والتي قال فيها «ليس لدينا أي معلومات عن مثل هذه الزيارة»، في إشارة إلى عدم رغبة طهران في تلك الزيارة وتجاهلها، خاصة وأن وسائل إعلام إيرانية كانت قد أعلنت قبل أيام عن موعد زيارة العبادي لطهران وترتيباتها.
الميليشيات والأحزاب العراقية الموالية لإيران، لم تكن أقل مستوى في هجومها على العبادي من ممثل خامنئي في العراق، خاصة منظمة «بدر» بقيادة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، وقبلهما حزب «الدعوة الإسلامية» الذي ينتمي إليه العبادي، حيث لم ترفض تلك الكيانات العقوبات الأمريكية فقط، بل شنت هجوماً عنيفاً على رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته.
وحاول العبادي عبثاً احتواء الموقف وأن يحتفظ بخط رجوع حينما أكد قبل ساعات، «التزام بلاده بعدم التعامل بالدولار»، مستبعدا «التزام بلاده بالعقوبات الأمريكية على طهران»، لكن اللافت في التصريحات الأخيرة للعبادي باستثناء قضية تراجعه عن مسألة الالتزام بالعقوبات، هجومه الضمني الشرس على الميليشيات المسلحة في العراق، حينما قال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي «لا نتراجع عن حقوق شعبنا، يريدون أن يضغطوا علينا حتى نقدم مصالح عصابات على مصالح الشعب العراقي، هذا لا يمكن».
ووفقاً لإحصائيات اقتصادية بثتها وكالة الصحافة الفرنسية فإن «قيمة الواردات العراقية من إيران باستثناء المحروقات بلغت نحو 6 مليارات دولار، فيما يعد العراق ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية»، بيد أن المعلومة الأبرز التي أوردتها الوكالة هي أن «المحافظات العراقية المتاخمة لإيران تعتمد بشكل كبير على إيران في دعم الطاقة لاسيما قضية تزويدها بالكهرباء»، وهو ما ذهبت إليه في تقدير أن العراق سوف يكون المتضرر الأكبر من العقوبات الأمريكية على إيران نتيجة احتياجات حكومة بغداد من المنتجات الإيرانية الأساسية بالإضافة إلى الطاقة المستوردة من طهران، وهذا ما يفسر الابتزاز الإيراني الأخير للعراقيين.
وقفة:
يبدو أن العبادي لم يدرك أن تبعية العراق لإيران طوال السنوات الماضية لها ثمن باهظ لن يقف عند حد ابتزاز «ولاية الفقيه» للعراقيين وإذلالهم بقطع الكهرباء عنهم فقط!