للذين لم يتابعوا هذا الهاشتاغ أو هذا العنوان على تويتر، فإن قصته حصلت في المملكة العربية السعودية وتتلخص في التالي رجل مرور أوقف سائق سيارة مخالفة وأراد تحرير مخالفة لها، لكن الذي حدث أن العائلة التي في السيارة بدأت تصرخ على رجل المرور وتصوره وتهدده بنشر صوره في الإعلام وحاولوا أن يلصقوا به تهماً وكان أحد الركاب يصرخ ويقول لآخر معه «دق على عمتك خلها تفضحه في الإعلام» نهاية القصة أن تم تكريم رجل المرور ومحاسبة ركاب السيارة المخالفة، ويصبح هذا العنوان شعاراً للابتزاز الإعلامي الممجوج.
أورد هذه القصة لأقف عند هذا الهاشتاغ الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ليعبر عن حالة نعاني منها نحن في البحرين أيضاً، وهي التهديد والابتزاز باستغلال وسائل الإعلام أو وسائل التواصل، وكيف أصبحت تلك الوسائل ميداناً للبلطجة والصراخ وبدلاً من أن تكون وسائل مساعدة للبحث عن الحلول ومعالجة الملفات وتحولت لعنصر من عناصر استمرار الفساد وضياع الحق.
المسألة ليست ملفاً «للشهادات المزورة» كما أنها ليست أي ملف آخر من الملفات التي تحتاج لمعالجة لفساده أو لغيره من أسباب السقم التي طالته، المسألة هي فوضى المعالجة المجتمعية التي تفوق في سوئها فوضى الحكومة في المعالجة، نحن أسوأ من حكومتنا.
فإن كانت الحكومة مقصرة ومخطئة وتأخرت في معالجة أي ملف، فإن ما نقوم به نحن كمجتمع من «سعار» في البحث عن أي لحم لنهشه يفوق في ضرره على أي ملف من ضرر القصور الحكومي، فلا تنتهي المشكلة ولا نجد لها حلاً.
نحن لا نعطي فرصة للحلول، وكأنها لا تعنينا، كل منا يريد أن يكون بطل الساعة وفتى البراري والوديان، أصبح ذم الحكومة وإيقاع اللوم عليها وسبها والتحسب على مسؤوليها تنافساً بيننا وهدفاً بحد ذاته.
من يريد أن يرشح نفسه، من يريد أن يكون «بطل الجروب» في الواتس أب، من يريد أن يكون فتى البراري على تويتر، يمعن في البحث عن ضحية يؤلب عليها الناس، والمطالبة بمحاسبته ونزعه من مكانه وطرده من منصبه والتحسب عليه و و وو، من يتحسب أكثر، ينال نجومية أكثر تلك هي خلطة النجاح اليوم.. طيب والحل؟ والملف الذي نتباكى عليه؟ وضحايا القصور والفساد من سيعالج مشكلتهم؟ لا أحد معنياً بهم، ضاع الملف وأصحابه وسط هذا السعار.
كم ملفاً فتح وساهم المجتمع بإيجاد حل له؟ كم ملفاً نقله الإعلام عبر صحافته وتلفزيونه بحرفية ومهنية ساهمت في وضع تصور واضح للمشكلة؟
كم كاتباً ساهم في وضع الملف بجميع أبعاده ووضع المشكلة في حجمها الطبيعي وفتح أبواب للنقاش العقلاني مهيئاً بيئة صحية تسهم في البحث عن حلول للملف المطروح؟
كم واحداً منا كاتباً كان أو مغرداً أو له مساهمة على وسائل التواصل الاجتماعي «فصفص» المشكلة ورسم لنا خارطة طريق تساعدنا في إيجاد المخارج للحل سواء في ملف الشهادات المزورة أو أي ملف آخر سبق أن شغل الرأي العام في الآونة الأخيرة؟
«أبطال» اليوم «كغراندايزر» صوت عالٍ لكنه خواء، خالٍ من الدسم المعرفي، عضلاتهم نمت بالمايكرويف لشدة تعطشهم للشهرة والنجومية الشعبية، قليل وقليل جداً من تجده يقرأ الملف قراءة متأنية، بمعنى أنه يجهد بجمع ما استطاع من المعلومات، يرفع التلفون ويسأل، يبحث عن مقاربة أو مقارنة توضح الصورة، يجهد في البحث عن حلول أوجدها آخرون لذات الملف، فذلك جهد ممل وتأنٍّ طويل وسيسبقه آخرون في احتلال الصدارة إن هو اتخذ هذا السبيل المجهد، وقد يصل في النهاية في بعض الملفات إلى أن الحكومة ربما لم تكن غلطانه وهنا الطامة الكبرى!! فإن نقل الحقيقة والواقع فتلك نهاية لطريق النجومية وهناك دائماً من هو على الطريق السريع ممكن أن يسبقه ويكسب نجومية أكثر منه بسب الحكومة ويخسرها هو، وقد يرى الخطأ في موقع آخر، وقد يرى أن الحكومة وآخرين يتحملون المسؤولية معاً، وكل ذلك سيظهره في النهاية أنه منافق مطبل مستفيد إلخ من قائمة خسران النجومية. وفي النهاية ستعلو مصلحته الخاصة على مصلحة ضحايا الملف، فمن ذا الذي سيخسر مصلحته من أجل صالح مجموعة ما، صغرت تلك المجموعة كبرت حتى لو كانت المجموعة تمثل وطناً؟ كم كاتباً منا تخاذل عن قول الحق إن كان في صالح الحكومة خوفاً من اتهامه بقائمة التطبيل؟ كم من مغرد سكت عن قول الحق لأن الأجواء ليست مناسبة؟ كم ناشطاً تغاضى عن حقائق لأنه يريد أن يترشح؟
في الختام أحيي رجل الأمن السعودي الذي لم يخضع لابتزاز الإعلام، وأحيي كل مسؤول يسير على الحق لم تهزه تهديدات وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيي كل معني بالشأن العام كاتباً كان مغرداً أو ناشطاً أو مرشحاً، بذل جهداً في البحث عن حل بدلاً من بذل جهده في البحث عن ضحية.
وأتمنى أن يتوقف المجتمع البحريني من الجري وراء أصحاب شعار «دق على عمتك».
أورد هذه القصة لأقف عند هذا الهاشتاغ الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ليعبر عن حالة نعاني منها نحن في البحرين أيضاً، وهي التهديد والابتزاز باستغلال وسائل الإعلام أو وسائل التواصل، وكيف أصبحت تلك الوسائل ميداناً للبلطجة والصراخ وبدلاً من أن تكون وسائل مساعدة للبحث عن الحلول ومعالجة الملفات وتحولت لعنصر من عناصر استمرار الفساد وضياع الحق.
المسألة ليست ملفاً «للشهادات المزورة» كما أنها ليست أي ملف آخر من الملفات التي تحتاج لمعالجة لفساده أو لغيره من أسباب السقم التي طالته، المسألة هي فوضى المعالجة المجتمعية التي تفوق في سوئها فوضى الحكومة في المعالجة، نحن أسوأ من حكومتنا.
فإن كانت الحكومة مقصرة ومخطئة وتأخرت في معالجة أي ملف، فإن ما نقوم به نحن كمجتمع من «سعار» في البحث عن أي لحم لنهشه يفوق في ضرره على أي ملف من ضرر القصور الحكومي، فلا تنتهي المشكلة ولا نجد لها حلاً.
نحن لا نعطي فرصة للحلول، وكأنها لا تعنينا، كل منا يريد أن يكون بطل الساعة وفتى البراري والوديان، أصبح ذم الحكومة وإيقاع اللوم عليها وسبها والتحسب على مسؤوليها تنافساً بيننا وهدفاً بحد ذاته.
من يريد أن يرشح نفسه، من يريد أن يكون «بطل الجروب» في الواتس أب، من يريد أن يكون فتى البراري على تويتر، يمعن في البحث عن ضحية يؤلب عليها الناس، والمطالبة بمحاسبته ونزعه من مكانه وطرده من منصبه والتحسب عليه و و وو، من يتحسب أكثر، ينال نجومية أكثر تلك هي خلطة النجاح اليوم.. طيب والحل؟ والملف الذي نتباكى عليه؟ وضحايا القصور والفساد من سيعالج مشكلتهم؟ لا أحد معنياً بهم، ضاع الملف وأصحابه وسط هذا السعار.
كم ملفاً فتح وساهم المجتمع بإيجاد حل له؟ كم ملفاً نقله الإعلام عبر صحافته وتلفزيونه بحرفية ومهنية ساهمت في وضع تصور واضح للمشكلة؟
كم كاتباً ساهم في وضع الملف بجميع أبعاده ووضع المشكلة في حجمها الطبيعي وفتح أبواب للنقاش العقلاني مهيئاً بيئة صحية تسهم في البحث عن حلول للملف المطروح؟
كم واحداً منا كاتباً كان أو مغرداً أو له مساهمة على وسائل التواصل الاجتماعي «فصفص» المشكلة ورسم لنا خارطة طريق تساعدنا في إيجاد المخارج للحل سواء في ملف الشهادات المزورة أو أي ملف آخر سبق أن شغل الرأي العام في الآونة الأخيرة؟
«أبطال» اليوم «كغراندايزر» صوت عالٍ لكنه خواء، خالٍ من الدسم المعرفي، عضلاتهم نمت بالمايكرويف لشدة تعطشهم للشهرة والنجومية الشعبية، قليل وقليل جداً من تجده يقرأ الملف قراءة متأنية، بمعنى أنه يجهد بجمع ما استطاع من المعلومات، يرفع التلفون ويسأل، يبحث عن مقاربة أو مقارنة توضح الصورة، يجهد في البحث عن حلول أوجدها آخرون لذات الملف، فذلك جهد ممل وتأنٍّ طويل وسيسبقه آخرون في احتلال الصدارة إن هو اتخذ هذا السبيل المجهد، وقد يصل في النهاية في بعض الملفات إلى أن الحكومة ربما لم تكن غلطانه وهنا الطامة الكبرى!! فإن نقل الحقيقة والواقع فتلك نهاية لطريق النجومية وهناك دائماً من هو على الطريق السريع ممكن أن يسبقه ويكسب نجومية أكثر منه بسب الحكومة ويخسرها هو، وقد يرى الخطأ في موقع آخر، وقد يرى أن الحكومة وآخرين يتحملون المسؤولية معاً، وكل ذلك سيظهره في النهاية أنه منافق مطبل مستفيد إلخ من قائمة خسران النجومية. وفي النهاية ستعلو مصلحته الخاصة على مصلحة ضحايا الملف، فمن ذا الذي سيخسر مصلحته من أجل صالح مجموعة ما، صغرت تلك المجموعة كبرت حتى لو كانت المجموعة تمثل وطناً؟ كم كاتباً منا تخاذل عن قول الحق إن كان في صالح الحكومة خوفاً من اتهامه بقائمة التطبيل؟ كم من مغرد سكت عن قول الحق لأن الأجواء ليست مناسبة؟ كم ناشطاً تغاضى عن حقائق لأنه يريد أن يترشح؟
في الختام أحيي رجل الأمن السعودي الذي لم يخضع لابتزاز الإعلام، وأحيي كل مسؤول يسير على الحق لم تهزه تهديدات وسائل التواصل الاجتماعي، وأحيي كل معني بالشأن العام كاتباً كان مغرداً أو ناشطاً أو مرشحاً، بذل جهداً في البحث عن حل بدلاً من بذل جهده في البحث عن ضحية.
وأتمنى أن يتوقف المجتمع البحريني من الجري وراء أصحاب شعار «دق على عمتك».