لن تنتهي زوبعة وفضيحة الشهادات الجامعية المزورة في البحرين حتى نجد تقارير مفصلة وعقوبات رادعة وقرارات مقنعة عن هذه الفوضى التي لم يعهدها الوطن من قبل. فوجود عشرات الشهادات المزورة من أعلى الرتب والتخصصات حتى هذه اللحظة دون الكشف عن أيٍّ منها يثير القلق، خاصة أن بعض من تلكم التخصصات والاختصاصات تشكل خطراً حقيقياً على حياة الإنسان ومستقبل البلد، كالطب والهندسة وغيرها من المهن المتعلقة بصحتنا ووجودنا وسلامتنا ومستقبلنا.

إن أكثر ما يثيره الرأي العام في البحرين بعد زلزال الشهادات الجامعية المزورة هو أهمية التدقيق على الشهادات الطبية، لأن هذه المهنة -أكثر من سواها- تشكل هاجساً حقيقياً لارتباطها بأرواح الناس وصحتهم. اليوم يجب أن تنتفض وزارة الصحة وتهتم بهذا الموضوع بشكل صارم، خاصة أنه يحظى باهتمام خاص ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، فيجب التأكد من شهادة كل الأطباء فوراً وبشكل عاجل، وإذا كان هناك من أولوية لعمل اللجنة الخاصة بالتدقيق على الشهادات العليا فإن المستشفيات العامة والخاصة يجب أن تكون على رأس أولوياتها.

لا خيار آخر أمام الصحة - وبقية المؤسسات العامة والخاصة- إلا التأكد من صحة هذه الشهادات التي يعمل أصحابها تحت سقفها قبل فوات الأوان، فالبعض يقول بأنه بات يخشى من العلاج في مستشفياتنا خوفاً من «اندساس» بعض أصحاب تلكم الشهادات المزورة بين الأطباء، وهذا هاجس مشروع جداً «لو أنا غلطان»؟

لكن وبعد كل هذه الزوبعة من حقنا أن نسأل بعض الأسئلة، كيف تم توظيف أجانب وبعض البحرينيين في مناصب مهمة وحيوية وهم يحملون شهادات مزورة؟ ألم يتم التدقيق وفحص شهاداتهم بشكل كافٍ قبل توظيفهم أم تم توظيفهم بـ «الواسطة»؟ والسؤال الآخر هو، ما هي الآلية التي يتم من خلالها فحص الشهادات الجامعية؟ أم أنه لا توجد آلية ولا يوجد فحص أصلاً للشهادات وأصحابها؟ فإذا كانت الإجابات كلها لا تتطابق مع سقف طموحاتنا في وجود إجابات شافية فإننا سنشك في كل شيء ومن حقنا أن نتهم كل الجهات بخصوص هذه الفضيحة الكبرى.

الآن يمكننا أن نخاف -وهذا حق مشروع- حتى من الجهات التي ستفحص وتدقق على الشهادات الجامعية، خوفاً من أن يوجد من أعضائها بعض ممن يحملون شهادات مزورة، وإذا كان منهم بعض من هؤلاء فإننا لن نصل إلى نتيجة مرضية ومقنعة، بل ربما -وخوفاً من الفضيحة- سيخرج بعضهم من هذه الاتهامات خروج الشعرة من العجينة. هذا أهم ما يجب أن يقال في هذا الموضوع الشائك، ولهذا فإننا نقترح في نهاية الموضوع بتشكيل لجان محايدة جداً «ويا ليت» أنها جهات غير محلية، أو محلية لكنها كاملة النزاهة والشرف لفحص كل الشهادات الجامعية دون استثناء أحد، حتى أصحاب اللجان أنفسهم يجب أن تُفحص شهاداتهم.