بعيداً عن الأحداث المحلية المختلفة، لفت انتباهي ما تناقلته وسائل الإعلام لمنظر الآلاف ممن اصطفوا في العديد من مدن العالم منذ ساعات الصباح الأولى أمام متاجر «أبل» منتظرين الحصول على آخر دفعة من هواتفها التي طرحتها مؤخراً في مشهد يتكرر كل عام. فطوابير الانتظار كانت طويلة وتشمل كل الأجناس والأعراق تركوا بيوتهم والتزاماتهم وأوقفوا حياتهم من أجل الحصول على هاتف باهظ الثمن!
تساءلت، ما الذي يدفع الناس -بعضهم يبدو عليهم الرزانة والتكانة- إلى الوقوف لساعات للحصول على هاتف سيكون متوفراً في الأسواق لمدة طويلة نسبياً تصل إلى عام أو عامين على أقل تقدير؟
تطلق إحدى المجلات المتخصصة في التكنولوجيا وصف «مدمن التكنولوجيا» على الشخص الذي يلهث وراء كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا بشكل جنوني وتصيبه حالة مقاربة للهلوسة إذا فاته اقتناء جهاز مطروح للتو بحيث تشبه حالته حالة المدمن الذي يهلوس إذا لم يحصل على حقنة جديدة ليشبع بها إدمانه!
لكن هل يعي «مدمن التكنولوجيا» أن ما يصاحب طرح الهواتف الجديدة سنوياً من مؤتمرات يحضرها الآلاف وتقام في أكبر القاعات هو عبارة عن مسرحية تسويقية كبرى تستخدم فيها أدوات العرض المسرحي من إضاءة وشاشات كبيرة وعبارات تحفيزية تؤثر على مشاعر الناس وتدفعهم للهرولة نحو المتاجر لدفع الأموال؟
تقول نفس المجلة، إن المستهلك «المدمن» لا يستوعب ولا يصدق أن ما تقوم به شركات التكنولوجيا من حملات تسويقية ضخمة تستهدفه وتستهدف التأثير على قراره، فهو يرى في المؤتمرات والدعاية محاولة «بريئة» لتعريفه بالمنتجات الجديدة، فالإدمان لديه يمنع تقبل فرضية وجود حيلة تسويقية تقوم بها هذه الشركات وهي مشكلة يعاني منها الشباب أكثر من أي فئة عمرية أخرى لأنهم يعتقدون أنهم إذا حصلوا على الجديد حافظوا على حداثتهم وأبقوا أنفسهم في خانة التطور والتقدم وبذلك ابتعدوا عن المتخلفين وأيضاً ممن هم أكبر منهم سناً.
وقد لعبت شركات كبرى بنجاح على وتر الإدمان هذا واستطاعت لسنوات أن تغري «المدمنين» بشراء أجهزتها بشكل سنوي مستخدمة محفزات كثيرة من ضمنها الشكل الأنيق والسعر الباهظ كي تشعر المستهلك أنه يحصل على جهاز مميز وغير متوفر للجميع.
سلوكيات المدمن سواء كان مدمناً على المخدر أو التدخين أو الشراء متشابهة، فما أن ينتهي مفعول الحقنة أو السيجارة أو البضاعة حتى تراه يسارع في البحث عن التي تليها ليشبع بها إدمانه. ولا فرق كثيراً بين مدمن مخدرات أو مدمن تكنولوجيا فكلاهما يصرفان أموالهما دون حسبان ودون وعي على شراء ما يعدل المزاج.
أولياء الأمور في هذا الزمن أمام مهمة صعبة لاكتشاف إذا كان أحد أبنائهم في حالة إدمان للتكنولوجيا هذه، ففي عصر يحفز الناس على الإقبال على التكنولوجيا وتعلم أسرارها يصعب التفريق بين المهتم بها والذي يتابع الجديد في عالمها من باب المعرفة والفضول والثقافة العامة وبين من يسارع لاقتنائها من باب الإدمان.
وللعلم فإن بعض ملامح إدمان التكنولوجيا هو الاندفاع نحو اقتناء جهاز جديد «سواء كان كمبيوتراً أو هاتفاً أو ما شابه» فور نزوله للأسواق، وتخصيص جزء كبير من الوقت في الحديث عن أدق تفاصيل الجهاز الجديد ومن ثم إهمال الجهاز بعد مرور فترة قصيرة على اقتنائه بالإضافة إلى الشعور المستمر بالوحدة والابتعاد عن مصاحبة الناس باستثناء المدمنين الآخرين على التكنولوجيا.
حطوا بالكم!
تساءلت، ما الذي يدفع الناس -بعضهم يبدو عليهم الرزانة والتكانة- إلى الوقوف لساعات للحصول على هاتف سيكون متوفراً في الأسواق لمدة طويلة نسبياً تصل إلى عام أو عامين على أقل تقدير؟
تطلق إحدى المجلات المتخصصة في التكنولوجيا وصف «مدمن التكنولوجيا» على الشخص الذي يلهث وراء كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا بشكل جنوني وتصيبه حالة مقاربة للهلوسة إذا فاته اقتناء جهاز مطروح للتو بحيث تشبه حالته حالة المدمن الذي يهلوس إذا لم يحصل على حقنة جديدة ليشبع بها إدمانه!
لكن هل يعي «مدمن التكنولوجيا» أن ما يصاحب طرح الهواتف الجديدة سنوياً من مؤتمرات يحضرها الآلاف وتقام في أكبر القاعات هو عبارة عن مسرحية تسويقية كبرى تستخدم فيها أدوات العرض المسرحي من إضاءة وشاشات كبيرة وعبارات تحفيزية تؤثر على مشاعر الناس وتدفعهم للهرولة نحو المتاجر لدفع الأموال؟
تقول نفس المجلة، إن المستهلك «المدمن» لا يستوعب ولا يصدق أن ما تقوم به شركات التكنولوجيا من حملات تسويقية ضخمة تستهدفه وتستهدف التأثير على قراره، فهو يرى في المؤتمرات والدعاية محاولة «بريئة» لتعريفه بالمنتجات الجديدة، فالإدمان لديه يمنع تقبل فرضية وجود حيلة تسويقية تقوم بها هذه الشركات وهي مشكلة يعاني منها الشباب أكثر من أي فئة عمرية أخرى لأنهم يعتقدون أنهم إذا حصلوا على الجديد حافظوا على حداثتهم وأبقوا أنفسهم في خانة التطور والتقدم وبذلك ابتعدوا عن المتخلفين وأيضاً ممن هم أكبر منهم سناً.
وقد لعبت شركات كبرى بنجاح على وتر الإدمان هذا واستطاعت لسنوات أن تغري «المدمنين» بشراء أجهزتها بشكل سنوي مستخدمة محفزات كثيرة من ضمنها الشكل الأنيق والسعر الباهظ كي تشعر المستهلك أنه يحصل على جهاز مميز وغير متوفر للجميع.
سلوكيات المدمن سواء كان مدمناً على المخدر أو التدخين أو الشراء متشابهة، فما أن ينتهي مفعول الحقنة أو السيجارة أو البضاعة حتى تراه يسارع في البحث عن التي تليها ليشبع بها إدمانه. ولا فرق كثيراً بين مدمن مخدرات أو مدمن تكنولوجيا فكلاهما يصرفان أموالهما دون حسبان ودون وعي على شراء ما يعدل المزاج.
أولياء الأمور في هذا الزمن أمام مهمة صعبة لاكتشاف إذا كان أحد أبنائهم في حالة إدمان للتكنولوجيا هذه، ففي عصر يحفز الناس على الإقبال على التكنولوجيا وتعلم أسرارها يصعب التفريق بين المهتم بها والذي يتابع الجديد في عالمها من باب المعرفة والفضول والثقافة العامة وبين من يسارع لاقتنائها من باب الإدمان.
وللعلم فإن بعض ملامح إدمان التكنولوجيا هو الاندفاع نحو اقتناء جهاز جديد «سواء كان كمبيوتراً أو هاتفاً أو ما شابه» فور نزوله للأسواق، وتخصيص جزء كبير من الوقت في الحديث عن أدق تفاصيل الجهاز الجديد ومن ثم إهمال الجهاز بعد مرور فترة قصيرة على اقتنائه بالإضافة إلى الشعور المستمر بالوحدة والابتعاد عن مصاحبة الناس باستثناء المدمنين الآخرين على التكنولوجيا.
حطوا بالكم!