من بعد البحرين ومصر تتعرض اليوم المملكة العربية السعودية إلى أشرس «حرب إعلامية» في تاريخها لشيطنتها وتشويه صورتها، وبين الوقت الذي تعرضت له البحرين ومصر والوقت الذي تعرضت له السعودية سبع سنوات، في حربهم ضد البحرين اشتغلت كل الماكنة الإعلامية ضدنا واشنطن بوست ونيويورك تايمز والسي أن أن والجارديان والأنديبندت والبي بي سي ولا حاجة للقول أيضاً الجزيرة ومونت كارلو وفرانس 24 وجميع المنظمات العابرة للحدود العفو وحقوق الإنسان ومراسلون بلا حدود ومنظمات الأزمات الدولية حتى محركات البحث على الإنترنت تصدرت فيها صورنا المشيطنة.

بدأت الحرب الإعلامية على البحرين عام 2011 ولم تهدأ إلا عام 2017، ومن ذلك الحين ونحن ننبه بأنها لم تنته، وستعود، وربما بأشرس منها، فالمشروع مازال قائماً، وأدواته وموولوه مازالوا يعملون ويحلمون، وهذه الساحة الميدانية موجهة للرأي العام الغربي خالية من وجودنا تماماً لم نقربها ولم نرسم لها استراتيجية تضع لنا موطئ قدم فيها.

اعتمدنا في مواجهة هذا المشروع على صلاتنا وعلاقاتنا الرسمية الرسمية، حكومات مع حكومات، ونسينا أن حكوماتهم تتأثر وتخضع للحملات الإعلامية الضاغطة، فحتى لو كانت علاقتنا مع حكومات غربية وإدارات أمريكية ممتازة إلا أن صراعاتهم الحزبية وحرياتهم التعبيرية تمنح لخصوم تلك الحكومات مساحة لهزيمتهم وجعلهم يتراجعون عن التحالف معنا، أو لإضعاف تحالفهم معنا.

سبع سنوات ونحن ننبه إلى ضرورة إيجاد موطئ قدم لنا في تلك المساحة باستراتيجية شاملة تبني شبكة للعلاقات العامة هناك في عقر دارهم بين مراكز ومؤسسات مدنية لا رسمية ولا بعثات دبلوماسية، بل مؤسسات مدنية أهلية تعمل من هناك وتجتمع فيها خبراتنا وخبرات حلفائنا (مصريين و أردنيين و مغاربة) وفق الدول المستهدفة، تبني علاقاتها مع القوى الناعمة الأوروبية والأمريكية وسائل إعلام ومنظمات ومراكز أبحاث وشركات، وشبكة علاقات عامة تعمل على التواصل مع المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي تخلق لنا قاعدة حلفاء في تلك المساحات على مدار السنة ننشط فيها اللقاءات الثقافية العلمية النوعية الخاصة بالمرأة والطفل والتراث والآثار والفنون ومعها الأنشطة السياسية التي تجمعهم بأكاديميين وأصحاب أعمال.

سبع سنوات من مثلنا كشعوب خليجية عند الرأي العام الغربي هم «الدمى» التي صنعوها هم وقدموها للرأي العام على أنهم يمثلون شعوب الخليج!

كان الصوت عند الرأي العام الغربي إما رسمياً وغالباً يمثله أحد أفراد الأسر الحاكمة وإما «دمية» هم صنعوها ولمعوها وقدموها كممثل عن الشعب البحريني أو السعودي، وهذه أكبر أخطائنا التي نلام عليها وعلى تقصيرنا فيها.

كان يجب أن نعد كتيبة من المتحدثين الشعبيين لا الرسميين، وكان يجب تشجيع الدولة للمؤسسات المدنية أن تربط لها شبكات العلاقات العامة الدولية وكان يجب على الدولة أن تساعد تلك المؤسسات المدنية الوطنية على التشبيك الدولي وعلى توظيف الجاليات العربية وطلبتنا الذين يدرسون هناك وغيرها من الأدوات التي كان بإمكانها أن تعبر عن صوت الشعوب العربية الخليجية الوطنية.

هذه الفزعة التي تحركت بتلقائية للدفاع عن وطنها في البحرين ومن ثم في السعودية لا يجب أن تترك بعد هدوء العاصفة دون أن تستثمر ويبنى عليها وفقاً لاستراتيجية مرسومة تخطط للمستقبل وتتعلم من الأخطاء، فالمفاجأة خطأ استراتيجي يدل على أننا لم نستعد لأمر كان متوقعاً، وقد حذرنا منه ومازلنا نحذر جميع الدول المستهدفة ومنها البحرين والسعودية والإمارات.