مملكة البحرين، البلد الآمن، وحكومتها المظفرة، القريبة من كل الأطياف والأديان والأجناس التي تظلهم بظلال العدل والمساواة، هذه المملكة التي حباها الله تعالى بأسباب الحياة والعيش الكريم، وتنوع الحرف والتجارة ومكاسب الرزق «إن سعيكم لشتى»، كانت ومن السابق من الدول المكتفية ذاتياً بما فيها من مياه عذبة وزروع، وبحر زاخر بالثروة السمكية المتنوعة، وبما يزين جيد كل امرأة وفتاة، البحرين وطن السلام الحقيقي الذي زاده مليكنا المفدى رسوخاً على المستوى العالمي، إذ لا يوجد على أرضها أي حيوان مفترس، بل الغزلان تعيش وتتناسل وتتكاثر في البر خاصة بجوار جبل الدخان وجنوبه في أمن ويأتيها رزقها من حيث لا تحتسب، ومن الفرجان المشهورة والقريبة من السوق المركزية القديمة من جهة الشرق فريق المهزع، وفريق الشيوخ «بوصرة»، من جهة الغرب، وفريق الحمام من الجنوب، ويفصل باب البحرين الفرجان الشرقية وأهمها فريق الفاضل وتوابعه من الفرجان الغربية. وسوق المنامة العاصمة، تجاره عرب وعجم وهنود وباكستانيون.
هذا التجانس والألفة بين هؤلاء التجار على اختلاف دياناتهم، جعلهم هم عمار هذه السوق، وشعب البحرين المسالم، يشتري سلعته التي يحتاجها ممن تتواجد لديه تلك السلعة، دون تفريق بين دين وأصل.
بعد زواجي من ابنة العم خليل محمد خليل البنخليل رحمه الله تعالى عام 1961، وكنا نحن الإخوة الستة نعيش في بيت الوالد تغمده الله بواسع رحمته في فريق الشيوخ «بوصرة» القريب من البلدية القديمة بالمنامة. وفي عام 1962 وفقنا الله تعالى بالمولودة البكر نعيمة، ولحاجة الطفلة لما يحفظ حليبها وغيره، اضطرتني الظروف لشراء ثلاجة، ولو صغيرة، فيممت شطر باب البحرين لوجود عدة متاجر تتاجر في الإلكترونيات -مثل الراديو والثلاجات والمراوح- المبلغ المتوفر في يدي جداً قليل، ودخلت عدة متاجر، وأخذت أساوم على السعر والقسط الشهري، وللإفادة، كان راتبي بإدارة الهجرة حينها ثلاثمائة روبية «ثلاثون ديناراً» فما وجدت من يبيعني ثلاجة بالقسط الذي يلائمني إلا التاجر كرجي مورد الثلاجات اليابانية ماركة هيتاشي، وهي ثلاجات صغيرة، حيث لا يسع مجمدها «الفريزر» إلا إلى دجاجة واحدة وإناء صغير لتجميد الماء «صيرورة الماء إلى ثلج»، ولها ثلاثة رفوف من أسفل المجمد للفواكه والماء والخضار وحليب المولودة وبعض حاجياتها.
التاجر كرجي هو البائع وهو الذي يستقبل الزبائن، وهو الذي يناقشهم في السعر.
عندما دخلت متجره الصغير بباب البحرين، قال لي: آمر، قلت أريد أن أشتري ثلاجة، وأفادني بالسعر، أجبته أريد شراء ثلاجة بالتقسيط، ووجه سؤاله الثاني كم ستدفع للقسط الشهري، أجبته ثلاثون روبية «ثلاثة دنانير»، وسألني أين يقع بيتكم، قلت قرب بلدية المنامة وسوق اللحم، وجلس خلف طاولته، وأمرني بالجلوس على المقعد المعد للزبائن، وأخذ يكتب عقد البيع والقسط الشهري المتفق عليه، وطلب إلي التوقيع، فوقعت، وقال لي الساعة الواحدة ظهراً ستكون الثلاجة في بيتكم.
وفعلاً في الميعاد المحدد، سمعت طرقاً على الباب، وفتحته فإذا التاجر السمح كرجي ومعه عدد من العمال يحملون الثلاجة، وأنا غير مصدق نفسي، وبشرت زوجتي وزوجات إخواني بأنني اشتريت ثلاجة، وكانت أول ثلاجة تدخل بيتنا الكبير في المنامة عام 1962، وعمت الفرحة أهلي جميعاً، وهذا شجع أخي المرحوم علي على شراء ثلاجة مماثلة من نفس التاجر.
عاشت البحرين الحبيبة بلد التعايش والتسامح والسلام، وعاش مليكها المفدى وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين، والشعب البحريني الوفي.
* مؤسس نادي اللؤلؤ وعضو بلدي سابق وناشط اجتماعي
هذا التجانس والألفة بين هؤلاء التجار على اختلاف دياناتهم، جعلهم هم عمار هذه السوق، وشعب البحرين المسالم، يشتري سلعته التي يحتاجها ممن تتواجد لديه تلك السلعة، دون تفريق بين دين وأصل.
بعد زواجي من ابنة العم خليل محمد خليل البنخليل رحمه الله تعالى عام 1961، وكنا نحن الإخوة الستة نعيش في بيت الوالد تغمده الله بواسع رحمته في فريق الشيوخ «بوصرة» القريب من البلدية القديمة بالمنامة. وفي عام 1962 وفقنا الله تعالى بالمولودة البكر نعيمة، ولحاجة الطفلة لما يحفظ حليبها وغيره، اضطرتني الظروف لشراء ثلاجة، ولو صغيرة، فيممت شطر باب البحرين لوجود عدة متاجر تتاجر في الإلكترونيات -مثل الراديو والثلاجات والمراوح- المبلغ المتوفر في يدي جداً قليل، ودخلت عدة متاجر، وأخذت أساوم على السعر والقسط الشهري، وللإفادة، كان راتبي بإدارة الهجرة حينها ثلاثمائة روبية «ثلاثون ديناراً» فما وجدت من يبيعني ثلاجة بالقسط الذي يلائمني إلا التاجر كرجي مورد الثلاجات اليابانية ماركة هيتاشي، وهي ثلاجات صغيرة، حيث لا يسع مجمدها «الفريزر» إلا إلى دجاجة واحدة وإناء صغير لتجميد الماء «صيرورة الماء إلى ثلج»، ولها ثلاثة رفوف من أسفل المجمد للفواكه والماء والخضار وحليب المولودة وبعض حاجياتها.
التاجر كرجي هو البائع وهو الذي يستقبل الزبائن، وهو الذي يناقشهم في السعر.
عندما دخلت متجره الصغير بباب البحرين، قال لي: آمر، قلت أريد أن أشتري ثلاجة، وأفادني بالسعر، أجبته أريد شراء ثلاجة بالتقسيط، ووجه سؤاله الثاني كم ستدفع للقسط الشهري، أجبته ثلاثون روبية «ثلاثة دنانير»، وسألني أين يقع بيتكم، قلت قرب بلدية المنامة وسوق اللحم، وجلس خلف طاولته، وأمرني بالجلوس على المقعد المعد للزبائن، وأخذ يكتب عقد البيع والقسط الشهري المتفق عليه، وطلب إلي التوقيع، فوقعت، وقال لي الساعة الواحدة ظهراً ستكون الثلاجة في بيتكم.
وفعلاً في الميعاد المحدد، سمعت طرقاً على الباب، وفتحته فإذا التاجر السمح كرجي ومعه عدد من العمال يحملون الثلاجة، وأنا غير مصدق نفسي، وبشرت زوجتي وزوجات إخواني بأنني اشتريت ثلاجة، وكانت أول ثلاجة تدخل بيتنا الكبير في المنامة عام 1962، وعمت الفرحة أهلي جميعاً، وهذا شجع أخي المرحوم علي على شراء ثلاجة مماثلة من نفس التاجر.
عاشت البحرين الحبيبة بلد التعايش والتسامح والسلام، وعاش مليكها المفدى وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين، والشعب البحريني الوفي.
* مؤسس نادي اللؤلؤ وعضو بلدي سابق وناشط اجتماعي