يسألني بعضهم، مجتمعنا بات يعج بخطابات «التنظير»، والحديث عن «المثاليات»، سواء أكان ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي، أو في بعض التصريحات لمسؤولين في الحكومة، وحتى أنتم في بعض كتاباتكم تمارسون «التنظير»!
أجبته بأن «هذا صحيح للأسف»، لكن الظواهر لا تحصل إلا بسبب بواعث ومسوغات، وحتى أوضح لك الأسباب، عليك أن تركز في السطور التالية.
أولاً، عليك إدراك القاعدة التي تقول إن «التنظير» حين يزيد، فإن الممارسات العملية الصحيحة التي يركز فيها هذا التنظير إما أن تكون غير موجودة، أو أنها في تراجع، أو هي في طور الانقراض!
عليك أن تستوعب، حين يكون تركيز البشر في نشر «المثاليات» والدعوة إلى «الفضائل» في التعامل والأخلاق والسلوكيات وغيرها من أمور، فإن هذا مؤشر يثبت حينما تضعه للاختبار، بأن الممارسات تسير في خط معاكس، فبدل أن تجد «الفضيلة» ستجد مكانها «الرذيلة»، بمجاز اللفظ إن كنا نتحدث عن الممارسات النموذجية والمثالية.
الغالبية تتحدث عما تراه مفقوداً، أو ما تعتبر وجوده أمراً مطلوباً، ويكون الحديث بصيغة «الحث» و«الرغبة» بأن تتحقق لنا المضامين على أرض الواقع.
عليك أن تستشعر الخطر أيضاً حينما ترى «الشعارات» تطغى، وحين تكون الدعوة للمثاليات هي اللغة المشتركة بين كثيرين، إذ الشاهد هنا، بأن هذه الشعارات لو كانت متحققة، ولو أن هذه المثاليات مطبقة على أرض الواقع، لما كانت هناك أصلاً دعوات لها.
الناس باتوا يمارسون نقداً غير مباشر، باتوا يمارسون التلميح والإشارات والإسقاطات، لأن قول الحقيقة بشكلها المباشر، يثير للأسف كثيراً ممن شغلهم الشاغل محاربة الحقيقة، خاصة ممن ثبتت عليهم بالممارسات محاربة المثاليات والفضائل، بالتالي حين تغيب التطبيقات والأفعال الصحيحة بسبب أفراد لا يؤمنون بها، فإن مساعي محاربة التعبير الحر، وخنق الأصوات «ديدن» ستجده متكرساً في بعض المواقع، ولدى بعض الأفراد.
مثلاً، حينما نتحدث عن شعارات محاربة الفساد، ووقف الهدر المالي، ومحاسبة «فراعنة» الاستبداد الإداري، حينما «يغرق» المجتمع من خلال الناشطين في مواقع التواصل، وتكثر الكتابات عن مثاليات العمل النزيه، وعن الإدارة الصالحة، فهذا مؤشر على أن التطبيقات العملية لم تصل للمستوى الذي تحد فيه من هذه الظواهر السلبية والخاطئة، هذا يبين أن عمليات المعالجة مازالت تحتاج أن تفعل بقوة.
عمليات التنظير اليوم، قد يستاء منها كثيرون، خاصة ممن ينشغلون كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ الانطباع الأولي هذه الأيام يتمثل في أن الجميع يتحدثون بلغة المثاليات، والجميع يقدمون النصائح والتوصيات للآخرين في كيفية ممارسة حياتهم، أو كيف يتبعون خطوات تقودهم للنجاح، أو كيف يتصرفون في مجتمع «وردي»، لكن كما بينا أعلاه، ابحث عن البواعث، وستجد أن هناك ثغرات، وأن هناك نواقص عديدة، في جوانب مختلفة، التعامل معها بات بأسلوب «الأمنيات» أو «قوائم الأحلام»، عل وعسى أن تصل التعاملات على أرض الواقع، أو الإجراءات المفترض تطبيقها بحذافيرها ونصوصها، علها تصل لمستوى يقارب مثاليات الكلام وجمالية الشعارات، وعليه يتحول «التنظير» إلى كلام «يشخص» الواقع بلا تجميل.
خلاصة القول، إنه ليس معيباً أن تتحدث عن المثاليات وتنشرها وتحاول تنوير الناس بها، طالما كان تحقيقها والوصول لها هو الهدف المنشود، لتداعياته الإيجابية التي ستعود على أي مجتمع وأهله.
{{ article.visit_count }}
أجبته بأن «هذا صحيح للأسف»، لكن الظواهر لا تحصل إلا بسبب بواعث ومسوغات، وحتى أوضح لك الأسباب، عليك أن تركز في السطور التالية.
أولاً، عليك إدراك القاعدة التي تقول إن «التنظير» حين يزيد، فإن الممارسات العملية الصحيحة التي يركز فيها هذا التنظير إما أن تكون غير موجودة، أو أنها في تراجع، أو هي في طور الانقراض!
عليك أن تستوعب، حين يكون تركيز البشر في نشر «المثاليات» والدعوة إلى «الفضائل» في التعامل والأخلاق والسلوكيات وغيرها من أمور، فإن هذا مؤشر يثبت حينما تضعه للاختبار، بأن الممارسات تسير في خط معاكس، فبدل أن تجد «الفضيلة» ستجد مكانها «الرذيلة»، بمجاز اللفظ إن كنا نتحدث عن الممارسات النموذجية والمثالية.
الغالبية تتحدث عما تراه مفقوداً، أو ما تعتبر وجوده أمراً مطلوباً، ويكون الحديث بصيغة «الحث» و«الرغبة» بأن تتحقق لنا المضامين على أرض الواقع.
عليك أن تستشعر الخطر أيضاً حينما ترى «الشعارات» تطغى، وحين تكون الدعوة للمثاليات هي اللغة المشتركة بين كثيرين، إذ الشاهد هنا، بأن هذه الشعارات لو كانت متحققة، ولو أن هذه المثاليات مطبقة على أرض الواقع، لما كانت هناك أصلاً دعوات لها.
الناس باتوا يمارسون نقداً غير مباشر، باتوا يمارسون التلميح والإشارات والإسقاطات، لأن قول الحقيقة بشكلها المباشر، يثير للأسف كثيراً ممن شغلهم الشاغل محاربة الحقيقة، خاصة ممن ثبتت عليهم بالممارسات محاربة المثاليات والفضائل، بالتالي حين تغيب التطبيقات والأفعال الصحيحة بسبب أفراد لا يؤمنون بها، فإن مساعي محاربة التعبير الحر، وخنق الأصوات «ديدن» ستجده متكرساً في بعض المواقع، ولدى بعض الأفراد.
مثلاً، حينما نتحدث عن شعارات محاربة الفساد، ووقف الهدر المالي، ومحاسبة «فراعنة» الاستبداد الإداري، حينما «يغرق» المجتمع من خلال الناشطين في مواقع التواصل، وتكثر الكتابات عن مثاليات العمل النزيه، وعن الإدارة الصالحة، فهذا مؤشر على أن التطبيقات العملية لم تصل للمستوى الذي تحد فيه من هذه الظواهر السلبية والخاطئة، هذا يبين أن عمليات المعالجة مازالت تحتاج أن تفعل بقوة.
عمليات التنظير اليوم، قد يستاء منها كثيرون، خاصة ممن ينشغلون كثيراً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ الانطباع الأولي هذه الأيام يتمثل في أن الجميع يتحدثون بلغة المثاليات، والجميع يقدمون النصائح والتوصيات للآخرين في كيفية ممارسة حياتهم، أو كيف يتبعون خطوات تقودهم للنجاح، أو كيف يتصرفون في مجتمع «وردي»، لكن كما بينا أعلاه، ابحث عن البواعث، وستجد أن هناك ثغرات، وأن هناك نواقص عديدة، في جوانب مختلفة، التعامل معها بات بأسلوب «الأمنيات» أو «قوائم الأحلام»، عل وعسى أن تصل التعاملات على أرض الواقع، أو الإجراءات المفترض تطبيقها بحذافيرها ونصوصها، علها تصل لمستوى يقارب مثاليات الكلام وجمالية الشعارات، وعليه يتحول «التنظير» إلى كلام «يشخص» الواقع بلا تجميل.
خلاصة القول، إنه ليس معيباً أن تتحدث عن المثاليات وتنشرها وتحاول تنوير الناس بها، طالما كان تحقيقها والوصول لها هو الهدف المنشود، لتداعياته الإيجابية التي ستعود على أي مجتمع وأهله.