مملكة البحرين من الدول الخليجية التي مرت بتحولات اقتصادية كثيرة من مد وجزر، لكنها لم تعدم الفرج فمن تجربتي في الحياة – ولأترك ما سبقني من أحداث لم أعشها، لكنني سمعتها من أبي وأهلي والذين هم أكبر سناً مني – ولأبداً من الحرب العالمية الثانية التي وقعت ما بين الأعوام 1939 إلى 1945.
ومع بعدنا عن بؤرة تلك الحرب إلا أن بلادنا قد اكتوت بلهيبها، وتعرض مصدر اقتصادها الأول وهو معمل التكرير إلى غارة جوية، لأن هذا المصنع كان يزود دول الحلفاء بالوقود، إلا أن تلك الغارة لم تحقق أهدافها وباءت بالفشل، هذا الجانب، وبالتبعية، نحن دولة غير منتجة للمصدر الأساسي للمواد الغذائية ومن أهمها الأرز والسكر والدهون والطحين والبهارات والمنبهات مثل الشاي وغيره.
هذه المواد الضرورية ظهر شحها بشكل واضح، وقل تواجدها بالأسواق وارتفعت أسعارها، وسرت معلومة أن بعض السلع تباع في السوق السوداء، هل وقفت الحكومة آنذاك مكتوفة الأيدي وهي ترى هذه النكبة وتضور الناس جوعاً، وتعتمد على ما يستورده التجار الذين يستوردون القليل وليس بتلك الكمية المطلوبة؟
هنا تدخلت الحكومة بعمل يعد في ذات الوقت تقدمياً، هذه الخطوة حين تدخلت الحكومة في الاستيراد لسد النقص، وقامت بإجراء أيضاً يعد تقدمياً، أولاً، إحصاء النفوس لكل بيت وعينت تجاراً يملكون دكاكين في الأسواق، وأصدرت – أي الحكومة – بطاقة تموينية لكل أسرة، مبيناً فيها عدد الأفراد والكمية المخصصة للغذاء الأساسي ومذكور فيها اسم التاجر ودكانه بأسعار مخفضة، كما نقول اليوم مدعومة.
وبالنسبة إلى مسرح لعبي والمكان الذي تعيش فيه أسرتي وهي السوق الكبيرة بما فيها سوق الأربعاء وبلدية المنامة القديمة التي هدمت في غفلة من التاريخ، ويحيط بها فريقا الشيوخ – بوصرة وفرق المهزع، واللذان يسكنهما كثير من القبائل العربية، ولا أريد أن أطيل، إلا أنني أريد أن أنقل صورة المواطنين الذين يجتمعون في ميدان البلدية كل شهر لاستلام مذكرة مدون فيها اسم التاجر الموكل، واسم رب الأسرة، وما يستحقه من تموين، وأطلق على تلك السنة بسنة البطاقة، ولهذا لم تبق أسرة جائعة في البحرين، ونحمد الله على نعمه، وانتهت الحرب وعادت دورة اقتصادية جديدة نشطة وكثرت الأعمال والوظائف، ومن أهمها التوظيف في شركة بابكو، والسلك الحكومي، وتبع ذلك ارتفاع سعر برميل النفط تدريجياً حتى وصل إلى أكثر من 140 دولاراً.
قبل هذه الطفرة في سعر البترول، رأت «بابكو» أن لديها تضخماً في عدد الموظفين العمال، وأنها ستقدم على الاستغناء عن عدد منهم ومكافآتهم، لكن سياسة الحكومة في تنويع مصادر الدخل، أقدمت على إنشاء مصنع للألمنيوم، والذي ساعد على تنفيذه وجود مخزون الغاز الطبيعي الذي يحتاجه هذا المصنع، وأكثر العمال المستغنى عنهم التحقوا بشركة ألبا، وسبحان الله الذي إذا أغلق مصدراً للرزق فتح أبواباً وأبواباً، ولا أنسى دور «جيبك» في الاقتصاد الوطني.
الآن – ولذلك عدة أسباب – انخفض سعر برميل البترول حتى لامس الخمسين دولاراً – لاحظ الفرق – هل هذا الانخفاض أثر في برنامج الحكومة؟ الإسكان لم يتراجع، البنى التحتية لم تتوقف، التوظيف الحكومي لم يتجمد ولم يسرح المعلمون من المدارس الحكومية، الاقتصاد ولله الحمد نشط، كل ذلك بفضل الله تعالى وبفضل الدولة والحكومة ومساندة المواطنين الأوفياء، ووقوف أشقائنا دول مجلس التعاون إلى جانبنا، فلهم كل الشكر.
إن فرض القيمة المضافة على بعض السلع غير الأساسية، أعتقد إجراء مؤقت حتى نعبر هذه الأزمة الطارئة علينا لأسباب خارجية، وفي بادئ الأمر، أعلن أن عدد السلع غير المفروضة عليها القيمة المضافة 94 سلعة، وبتدخل من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وأمره السامي، بالتريث وإعادة مراجعة السلع المعفية من القيمة المضافة بلغ عددها 140 سلعة، وبشرنا جلالته أن الخير قادم، خاصة بعد الاستكشافات البترولية والغازية الواعدة.
وأنا متفائل جداً بأن مصادر الدخل الحكومي ستزداد بفضل تنويع مصادره، مع تفعيل دور مكافحة الفساد وتجفيفه، ولا داعي لتأجيج الشارع، واحذروا دعاة التشكيك في أداء الحكومة، فالحكومة هي الجزء المهم من الشعب، وتأتي في قمة الهرم، والحريصة على امن واستقرار المملكة.
وأرى أن هناك فئة من المواطنين يستحقون الإعفاء من الضريبة المضافة وهم الفئة التي رواتبها ألف دينار وأدنى، والذين تقاعدوا قبل تطبيق نظام التقاعد، وليس لهم إلا ما يحصلون عليه من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ومن الجمعيات الخيرية المنتشرة في كل مدينة وقرية، وهم قلة، وكل الثقة مطروحة في دولتنا التي لم تقصر قط في الوقوف إلى جانب كل المواطنين في كل الظروف، ونتذكر موقف الصحابي عثمان بن عفان الذي أصبح أميراً للمؤمنين من بعد، حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تكوين جيش العسرة، إذ جهز ذلك الصحابي الجليل جيشاً عدداً وعدة وكل ما يحتاجه من ماله الخاص، فهل يبادر تجارنا الكرام بموقف مماثل، ليغطوا جزءاً من إيرادات الحكومة، فإن لم يكن تكرماً، ليكن ديناً طويل الأجل بفائدة حتى يتعافى اقتصادنا؟ كما أوجه دعوة للشركات الخاصة المحلية والأجنبية وخاصة المؤسسات المصرفية للمساهمة في ذلك.
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق وناشط اجتماعي
ومع بعدنا عن بؤرة تلك الحرب إلا أن بلادنا قد اكتوت بلهيبها، وتعرض مصدر اقتصادها الأول وهو معمل التكرير إلى غارة جوية، لأن هذا المصنع كان يزود دول الحلفاء بالوقود، إلا أن تلك الغارة لم تحقق أهدافها وباءت بالفشل، هذا الجانب، وبالتبعية، نحن دولة غير منتجة للمصدر الأساسي للمواد الغذائية ومن أهمها الأرز والسكر والدهون والطحين والبهارات والمنبهات مثل الشاي وغيره.
هذه المواد الضرورية ظهر شحها بشكل واضح، وقل تواجدها بالأسواق وارتفعت أسعارها، وسرت معلومة أن بعض السلع تباع في السوق السوداء، هل وقفت الحكومة آنذاك مكتوفة الأيدي وهي ترى هذه النكبة وتضور الناس جوعاً، وتعتمد على ما يستورده التجار الذين يستوردون القليل وليس بتلك الكمية المطلوبة؟
هنا تدخلت الحكومة بعمل يعد في ذات الوقت تقدمياً، هذه الخطوة حين تدخلت الحكومة في الاستيراد لسد النقص، وقامت بإجراء أيضاً يعد تقدمياً، أولاً، إحصاء النفوس لكل بيت وعينت تجاراً يملكون دكاكين في الأسواق، وأصدرت – أي الحكومة – بطاقة تموينية لكل أسرة، مبيناً فيها عدد الأفراد والكمية المخصصة للغذاء الأساسي ومذكور فيها اسم التاجر ودكانه بأسعار مخفضة، كما نقول اليوم مدعومة.
وبالنسبة إلى مسرح لعبي والمكان الذي تعيش فيه أسرتي وهي السوق الكبيرة بما فيها سوق الأربعاء وبلدية المنامة القديمة التي هدمت في غفلة من التاريخ، ويحيط بها فريقا الشيوخ – بوصرة وفرق المهزع، واللذان يسكنهما كثير من القبائل العربية، ولا أريد أن أطيل، إلا أنني أريد أن أنقل صورة المواطنين الذين يجتمعون في ميدان البلدية كل شهر لاستلام مذكرة مدون فيها اسم التاجر الموكل، واسم رب الأسرة، وما يستحقه من تموين، وأطلق على تلك السنة بسنة البطاقة، ولهذا لم تبق أسرة جائعة في البحرين، ونحمد الله على نعمه، وانتهت الحرب وعادت دورة اقتصادية جديدة نشطة وكثرت الأعمال والوظائف، ومن أهمها التوظيف في شركة بابكو، والسلك الحكومي، وتبع ذلك ارتفاع سعر برميل النفط تدريجياً حتى وصل إلى أكثر من 140 دولاراً.
قبل هذه الطفرة في سعر البترول، رأت «بابكو» أن لديها تضخماً في عدد الموظفين العمال، وأنها ستقدم على الاستغناء عن عدد منهم ومكافآتهم، لكن سياسة الحكومة في تنويع مصادر الدخل، أقدمت على إنشاء مصنع للألمنيوم، والذي ساعد على تنفيذه وجود مخزون الغاز الطبيعي الذي يحتاجه هذا المصنع، وأكثر العمال المستغنى عنهم التحقوا بشركة ألبا، وسبحان الله الذي إذا أغلق مصدراً للرزق فتح أبواباً وأبواباً، ولا أنسى دور «جيبك» في الاقتصاد الوطني.
الآن – ولذلك عدة أسباب – انخفض سعر برميل البترول حتى لامس الخمسين دولاراً – لاحظ الفرق – هل هذا الانخفاض أثر في برنامج الحكومة؟ الإسكان لم يتراجع، البنى التحتية لم تتوقف، التوظيف الحكومي لم يتجمد ولم يسرح المعلمون من المدارس الحكومية، الاقتصاد ولله الحمد نشط، كل ذلك بفضل الله تعالى وبفضل الدولة والحكومة ومساندة المواطنين الأوفياء، ووقوف أشقائنا دول مجلس التعاون إلى جانبنا، فلهم كل الشكر.
إن فرض القيمة المضافة على بعض السلع غير الأساسية، أعتقد إجراء مؤقت حتى نعبر هذه الأزمة الطارئة علينا لأسباب خارجية، وفي بادئ الأمر، أعلن أن عدد السلع غير المفروضة عليها القيمة المضافة 94 سلعة، وبتدخل من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وأمره السامي، بالتريث وإعادة مراجعة السلع المعفية من القيمة المضافة بلغ عددها 140 سلعة، وبشرنا جلالته أن الخير قادم، خاصة بعد الاستكشافات البترولية والغازية الواعدة.
وأنا متفائل جداً بأن مصادر الدخل الحكومي ستزداد بفضل تنويع مصادره، مع تفعيل دور مكافحة الفساد وتجفيفه، ولا داعي لتأجيج الشارع، واحذروا دعاة التشكيك في أداء الحكومة، فالحكومة هي الجزء المهم من الشعب، وتأتي في قمة الهرم، والحريصة على امن واستقرار المملكة.
وأرى أن هناك فئة من المواطنين يستحقون الإعفاء من الضريبة المضافة وهم الفئة التي رواتبها ألف دينار وأدنى، والذين تقاعدوا قبل تطبيق نظام التقاعد، وليس لهم إلا ما يحصلون عليه من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ومن الجمعيات الخيرية المنتشرة في كل مدينة وقرية، وهم قلة، وكل الثقة مطروحة في دولتنا التي لم تقصر قط في الوقوف إلى جانب كل المواطنين في كل الظروف، ونتذكر موقف الصحابي عثمان بن عفان الذي أصبح أميراً للمؤمنين من بعد، حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تكوين جيش العسرة، إذ جهز ذلك الصحابي الجليل جيشاً عدداً وعدة وكل ما يحتاجه من ماله الخاص، فهل يبادر تجارنا الكرام بموقف مماثل، ليغطوا جزءاً من إيرادات الحكومة، فإن لم يكن تكرماً، ليكن ديناً طويل الأجل بفائدة حتى يتعافى اقتصادنا؟ كما أوجه دعوة للشركات الخاصة المحلية والأجنبية وخاصة المؤسسات المصرفية للمساهمة في ذلك.
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق وناشط اجتماعي