إذا رجعنا إلى مئات السنين إلى الوراء بل نذهب أعمق من ذلك، أي آلاف السنين، ماذا نرى في عقر قصور الأباطرة؟
الحقيقة التي لا يمكن تغطيتها أو سترها، نرى أن أباطرة تلك القرون، يوفرون لأبنائهم كل وسائل الراحة والخدمة ولا ينزلون من سلم القصر الذي قد تبلغ درجاته عشرين درجة، لا ينزلون من عالٍ حتى عشر درجات ليكونوا قريبين ممن هم أعوان الإمبراطور، فما بالك بالكادحين من الشعب؟
في الماضي، كانت هناك مقولة يرددها الناس، إن فلاناً ابن الإمبراطور أو من أبناء القريبين الكبار من الإمبراطور، وأبناء الإقطاعيين الذين يسيطرون على عنق الاقتصاد، المتخمين بالأموال والثروات والذهب والفضة، المقولة تقول إن ذلك الابن وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، تعبيراً عن استغنائه عن العمل، حتى استغناه عن الناس، يطاع بلا مناقشة، مهاب ومحاط بهالة من العلو.
الإسلام هذب الوالي المسلم بتعاليمه، والتي طبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه ومن جاء من بعده من الخلفاء الراشدين، الذين بدؤوا بأنفسهم، ها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما قدم وفد من إمبراطور الفرس طالباً مقابلة رئيس القوم، أشار المسؤول السائل بيده ذلك هو أمير المؤمنين النائم تحت تلك الشجرة فرد رئيس الوفد «عدلت فأمنت فنمت».
وحادثة أخرى وقعت لنفس أمير المؤمنين، جاء إلى بيت المال خير كثير وقطع من القماش، فوزع ذلك القماش على المؤمنين امتثالاً لما جاء في القرآن الكريم، عمر بن الخطاب معروف بطوله الفارع، والقماش وزع توزيعاً عادلاً على مستحقيه، رجل من الصحابة قال لعمر، أنت طويل، والقطعة من القماش كستني أنت من أين جئت بالزيادة التي كستك؟ عمر التفت إلى ابنه عبدالله، وقال له أخبره يا عبدالله، قال عبدالله هي نصيبي أهديتها إياه كي يكمل ثوبه!!
وعلى هذا الهدي سار كل والٍ عادل من المسلمين على هذا المنوال حتى عصرنا الحاضر، خاصةً في مملكة البحرين منذ الفتح عام 1783 وإلى عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، الذي جلالته أرسى أُسس المملكة الدستورية الحديثة، وصدَّق على الميثاق، وعلم أبنائه من الطفولة على الجد والاجتهاد والتعلم، ومشاركة عامة الشعب في العمل المنتج.
الذي دعاني لكتابة هذا المقال، أن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وظف كل ابن من أبنائه في مجال عمل مثمر ومنتج، ويساهم في حل مشكلة، وعلى رأس هذا العمل الاحتكاك بالمواطنين، وتتبع أحوالهم، والنظر فيما يشتكون منه، أو يطمح كل مواطن الحصول عليه، ووضع الحلول مع الفريق الذي يتوسم فيهم خيراً.
الطافح على السطح الآن، أن البطالة أخذت تطل برأسها، وأن هناك خللاً ما، يجب معالجته بجد وشفافية وبسرعة، كون البطالة بين الشباب المؤهل لها عواقب وخيمة على الاقتصاد ومن يدير عجلته، وأعني بذلك الشباب، ووضع الحلول الناجعة وبلا توانٍ. وفي الجانب الآخر هناك عمالة أجنبية تتولى مهام قيادية برواتب عالية ومغرية، المواطن المؤهل لمثل ذلك أولى بها، وإحلال بلا تعسف ولا هضم حق، وتقديم الشكر للموظف الأجنبي بما أسهم به من عمل في صالح البلاد للوطن والمواطنين.
أبناء مليكنا، كل واحد منهم يقود فريق عمل يؤدي إلى خلق فرص عمل لكل عاطل، ويتولى أيضاً منصباً ليس تشريفاً بل تكليف وواجب، كونهم الأقرب إلى والدهم حفظه الله ورعاه، ويستطيعون الوصول إلى القائد مباشرةً، وإفادته بكل شيءٍ أولاً بأول، وعلينا نحن المواطنين أن نحث أبناءنا على طلب العلم، فالعلم والتعليم في مملكة البحرين مجاناً من الابتدائية إلى الجامعة ولنؤهلهم لزمنهم وعصرهم، عصر النهضة والتشييد وبناء الوطن ليكون واحة غناء وأمناً وأماناً وسلاماً لنا ولمن سيأتي من بعدنا.
وأود أن أشير إلى سلبيات ما يدفع للعاطل عن العمل، بما يسمى بدل تعطل. في إحدى زياراتي لدولة أوروبية، لاحظت الكثير من الشباب والشابات المتسكعين في الأسواق وفي الحدائق العامة والمتنزهات، فسألت صديقي الذي يدرس هناك عن تلك الظاهرة، قال لي هؤلاء اكتفوا بشهادة الثانوية العامة ويحصلون على بدل تعطل حتى حصولهم على وظيفة، هم يبحثون والجهة المسؤولة عن التوظيف تبحث، قال لي الحقيقة هم -أي العاطلون- لا يقومون بالبحث عن عمل، والجهة المسؤولة عن التوظيف إذا دعتهم يردون أن هذه الوظيفة لا تناسبهم.
هذا النوع من الشباب والشابات في تلك الدولة، تعودوا على الخمول والدعة والتوكل على ما يدفع لهم نظير التعطل. وحتى لا نقع في نفس المأزق في تلك الدولة أقترح توظيف كل منهم في عملٍ منتج نظير بدل التعطل، مثل سائق سيارة في شركة والبنت في الروضات والحضانات أو مساعدة معلمة في المدارس الحكومية أو الخاصة أو المراكز الدينية والجمعيات التطوعية وبيوت الأزياء والصالونات.. والطبيب في مركز صحي أو عيادة خاصة والمحاسب في بنك أو شركة والمهندس في مكتب هندسي وخريج الصناعة في صياغة الذهب وهكذا، حتى الحصول على وظيفة تناسب ما يحمل من مؤهل، وعوضاً عن ذلك تدفع لهم الجهة التي يوظفون فيها مؤقتاً مبلغاً رمزياً نظير ما يقومون به من عمل، ولكل مجتهد نصيب، فقد يحصل أغلبية العاطلين عن العمل على وظيفة في نفس المحل الذي انتدبوا فيه، مع متابعة وزارة العمل لسلوكهم الوظيفي، وتعاملهم مع مجتمعهم وإخوانهم المواطنين.
* ناشط اجتماعي ومؤسس نادي اللؤلؤ سابقاً وعضو مجلس بلدي سابق
الحقيقة التي لا يمكن تغطيتها أو سترها، نرى أن أباطرة تلك القرون، يوفرون لأبنائهم كل وسائل الراحة والخدمة ولا ينزلون من سلم القصر الذي قد تبلغ درجاته عشرين درجة، لا ينزلون من عالٍ حتى عشر درجات ليكونوا قريبين ممن هم أعوان الإمبراطور، فما بالك بالكادحين من الشعب؟
في الماضي، كانت هناك مقولة يرددها الناس، إن فلاناً ابن الإمبراطور أو من أبناء القريبين الكبار من الإمبراطور، وأبناء الإقطاعيين الذين يسيطرون على عنق الاقتصاد، المتخمين بالأموال والثروات والذهب والفضة، المقولة تقول إن ذلك الابن وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، تعبيراً عن استغنائه عن العمل، حتى استغناه عن الناس، يطاع بلا مناقشة، مهاب ومحاط بهالة من العلو.
الإسلام هذب الوالي المسلم بتعاليمه، والتي طبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه ومن جاء من بعده من الخلفاء الراشدين، الذين بدؤوا بأنفسهم، ها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما قدم وفد من إمبراطور الفرس طالباً مقابلة رئيس القوم، أشار المسؤول السائل بيده ذلك هو أمير المؤمنين النائم تحت تلك الشجرة فرد رئيس الوفد «عدلت فأمنت فنمت».
وحادثة أخرى وقعت لنفس أمير المؤمنين، جاء إلى بيت المال خير كثير وقطع من القماش، فوزع ذلك القماش على المؤمنين امتثالاً لما جاء في القرآن الكريم، عمر بن الخطاب معروف بطوله الفارع، والقماش وزع توزيعاً عادلاً على مستحقيه، رجل من الصحابة قال لعمر، أنت طويل، والقطعة من القماش كستني أنت من أين جئت بالزيادة التي كستك؟ عمر التفت إلى ابنه عبدالله، وقال له أخبره يا عبدالله، قال عبدالله هي نصيبي أهديتها إياه كي يكمل ثوبه!!
وعلى هذا الهدي سار كل والٍ عادل من المسلمين على هذا المنوال حتى عصرنا الحاضر، خاصةً في مملكة البحرين منذ الفتح عام 1783 وإلى عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى، الذي جلالته أرسى أُسس المملكة الدستورية الحديثة، وصدَّق على الميثاق، وعلم أبنائه من الطفولة على الجد والاجتهاد والتعلم، ومشاركة عامة الشعب في العمل المنتج.
الذي دعاني لكتابة هذا المقال، أن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وظف كل ابن من أبنائه في مجال عمل مثمر ومنتج، ويساهم في حل مشكلة، وعلى رأس هذا العمل الاحتكاك بالمواطنين، وتتبع أحوالهم، والنظر فيما يشتكون منه، أو يطمح كل مواطن الحصول عليه، ووضع الحلول مع الفريق الذي يتوسم فيهم خيراً.
الطافح على السطح الآن، أن البطالة أخذت تطل برأسها، وأن هناك خللاً ما، يجب معالجته بجد وشفافية وبسرعة، كون البطالة بين الشباب المؤهل لها عواقب وخيمة على الاقتصاد ومن يدير عجلته، وأعني بذلك الشباب، ووضع الحلول الناجعة وبلا توانٍ. وفي الجانب الآخر هناك عمالة أجنبية تتولى مهام قيادية برواتب عالية ومغرية، المواطن المؤهل لمثل ذلك أولى بها، وإحلال بلا تعسف ولا هضم حق، وتقديم الشكر للموظف الأجنبي بما أسهم به من عمل في صالح البلاد للوطن والمواطنين.
أبناء مليكنا، كل واحد منهم يقود فريق عمل يؤدي إلى خلق فرص عمل لكل عاطل، ويتولى أيضاً منصباً ليس تشريفاً بل تكليف وواجب، كونهم الأقرب إلى والدهم حفظه الله ورعاه، ويستطيعون الوصول إلى القائد مباشرةً، وإفادته بكل شيءٍ أولاً بأول، وعلينا نحن المواطنين أن نحث أبناءنا على طلب العلم، فالعلم والتعليم في مملكة البحرين مجاناً من الابتدائية إلى الجامعة ولنؤهلهم لزمنهم وعصرهم، عصر النهضة والتشييد وبناء الوطن ليكون واحة غناء وأمناً وأماناً وسلاماً لنا ولمن سيأتي من بعدنا.
وأود أن أشير إلى سلبيات ما يدفع للعاطل عن العمل، بما يسمى بدل تعطل. في إحدى زياراتي لدولة أوروبية، لاحظت الكثير من الشباب والشابات المتسكعين في الأسواق وفي الحدائق العامة والمتنزهات، فسألت صديقي الذي يدرس هناك عن تلك الظاهرة، قال لي هؤلاء اكتفوا بشهادة الثانوية العامة ويحصلون على بدل تعطل حتى حصولهم على وظيفة، هم يبحثون والجهة المسؤولة عن التوظيف تبحث، قال لي الحقيقة هم -أي العاطلون- لا يقومون بالبحث عن عمل، والجهة المسؤولة عن التوظيف إذا دعتهم يردون أن هذه الوظيفة لا تناسبهم.
هذا النوع من الشباب والشابات في تلك الدولة، تعودوا على الخمول والدعة والتوكل على ما يدفع لهم نظير التعطل. وحتى لا نقع في نفس المأزق في تلك الدولة أقترح توظيف كل منهم في عملٍ منتج نظير بدل التعطل، مثل سائق سيارة في شركة والبنت في الروضات والحضانات أو مساعدة معلمة في المدارس الحكومية أو الخاصة أو المراكز الدينية والجمعيات التطوعية وبيوت الأزياء والصالونات.. والطبيب في مركز صحي أو عيادة خاصة والمحاسب في بنك أو شركة والمهندس في مكتب هندسي وخريج الصناعة في صياغة الذهب وهكذا، حتى الحصول على وظيفة تناسب ما يحمل من مؤهل، وعوضاً عن ذلك تدفع لهم الجهة التي يوظفون فيها مؤقتاً مبلغاً رمزياً نظير ما يقومون به من عمل، ولكل مجتهد نصيب، فقد يحصل أغلبية العاطلين عن العمل على وظيفة في نفس المحل الذي انتدبوا فيه، مع متابعة وزارة العمل لسلوكهم الوظيفي، وتعاملهم مع مجتمعهم وإخوانهم المواطنين.
* ناشط اجتماعي ومؤسس نادي اللؤلؤ سابقاً وعضو مجلس بلدي سابق