في محاولة جريئة، أنتج مجموعة من الفنانين البحرينيين ومشاهير «السوشال ميديا» بقيادة المبدع أحمد شريف مقطعاً تمثيلياً تحت اسم «كلنا متفقين» يمتد لـ 13 دقيقة، وتم نشره بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي وبالأخص موقع «اليوتيوب» الذي وضع فيه المقطع التمثيلي كاملاً.
أقول بأنها محاولة جريئة، لأن الحبكة الدرامية التي مثلها هؤلاء المبدعون تركزت على قضية خطيرة وهامة، تعتبر أساسا لهدم أي مجتمع، ولتدمير كثير من الأمور فيه، بما فيها نفسيات الناس، وهنا أتحدث عن ظاهرة «الفساد» بغض النظر إن كان مالياً أو إدارياً.
دائماً ما أقول بأن الفساد الإداري هو بوابة العبور للفساد المالي، إذ من يستهين بعملية إتباع القوانين والأنظمة، ويخرقها ويتجاوزها، سهل عليه جداً أن يطور عملية الفساد الإداري ليدخل المال طرفاً فيها، وليتحول لفساد مالي، والكارثة بل المصيبة حينما يكون المال المستهدف هو «المال العام» الذي هو ملك الدولة، وهو أيضاً ملك للمواطن باعتبار أن توظيف هذا المال يصب في مصلحة الناس أولاً وأخيراً، من ناحية المخرجات والأهداف.
المشهد التمثيلي والذي وضع في مواقع التواصل الاجتماعي، بالتالي حظي بمشاهدة وانتشار واسعين جداً، تطرق لأمور عديدة إلى جانب القضية الرئيسة التي تسلط الضوء على الفساد، وكيف يبدأ، وكيف يكبر، وكيف يتداخل فيه أفراد هنا وهناك بناء على المصلحة، لتكتشف فجأة أنك أمام «عصابة فساد» متشعبة.
هذه الأمور تبدأ منذ عملية «الاستغلال» لأملاك الغير، أو القفز والتطفل على أمورهم الخاصة، رغم أن الإسقاط كان عبر زجاجة عطر، لكن الفكرة تتضح حينما يبدأ أحدهم بالتطفل على خصوصياتك، ثم ليسرقها منك ويقوم الآخرون باستغلالها تباعاً. لربما تكون هذه الخصوصيات عملك في وظيفتك، أو إنجازاً حققته، أو حتى سمعة طيبة تمتلكها في المجتمع، فيتم تشويهها. الاستغلال من أبشع الصفات التي باتت تتأصل في مجتمعاتنا من قبل عناصر انعدمت لديها المبادئ والأخلاقيات.
الإسقاط الثاني كان جلياً بأنه معالجة لقضية الترشح للانتخابات، ماذا يريد الناس من المترشحين، وماذا يريد المترشحون من البرلمان؟! وكيف أن العملية باتت تتجه إلى مسارات أخرى غير تحقيق «مصلحة المجتمع». كيف أن استغلال الفرص لدى البعض أهم من الرسالة السامية التي يجب أن يؤدوها، وكيف أن كثيراً من الناس في المقابل «ضيقوا» نظرتهم لأهم ممارسة تشريعية، وحصروها في عملية التحصل على مكاسب مادية، ومنافع وقتية، على حساب التشريع الذي يؤصل لمستقبل أفضل.
القضية الكبرى كانت تبسيط الشرح لعملية تفشي «فيروس» الفساد، وكيف أنه يبدأ مع فرد، وقد يتمدد ليشمل أفراداً آخرين مشاركين في نفس الجريمة المعنية بسرقة المال العام، بل الأخطر حينما تكتشف أن للفساد قبولا لدى أفراد من المجتمع، طالما أن المسألة فيها استفادة مادية شخصية، بل والطامة حينما تجد في بعض الحالات أن من دوره محاربة الفساد، هو قابل للمشاركة فيه وتسهيل أموره لو خدم ذلك مصلحته الخاصة. وهنا نحن أمام مشكلة خطيرة، إذ عدم التصدي بقوة للفساد، وعدم تقديم «أمثلة» للمجتمع على أفراد فاسدين تتم محاكمتهم وفضحهم على جرائمهم بحق المال العام، يمنح فرصة لتزايد عدد الفاسدين، بالتالي صناعة «عصابات فساد» هي معاول الهدم الأخطر للمجتمعات.
رغم «سوداوية» المشهد في أغلب مقاطعه، والشعور المؤسف الذي ينتابك لسهولة سقوط كثير من الأفراد في فخ المشاركة مع المفسدين، إلا أن النهاية تقدم لك «بصيص أمل»، بل وتبعث لديك الإحساس بالتفاؤل، فمن بدأوا العملية كلها لم يكونوا فاسدين ولا سراقاً ولا مجرمين، بل كان سعيهم الكشف عن معادن البشر، ومدى قابليتهم للفساد، ومن هم الممتلكين لصناعة القرار وهم مشاركون في هذه العملية.
الخلاصة تقدم لنا الحل، وكيف أن البحث والترصد ونصب الكمائن للفاسدين وبالقانون، هو في الأساس واجبنا الوطني كأفراد ومؤسسات معنية بمحاربة هذه الظواهر، كيف أن محاربتها واجب كل من يحرص على وطنه، وعلى ماله العام، وعلى حقوق الناس فيه.
هل حرقت المشهد التمثيلي بهذه السطور؟! قد أكون، لكن مشاهدته لمن لم يفعل أمر أراه إيجابياً، فالفن لابد وأن يقدم رسالته السامية بشكلها الصحيح، الرسالة التي تخدم المجتمع، وتحارب الظواهر الخاطئة، وتحيي الأمل في قلوب الناس، وتؤكد على أن الباطل والخطأ والفساد وإن استمر لفترة، فلابد من سطوع الحق والتصحيح يوماً ما، وهذا لا يتأتى إلا على يد المخلصين والغيورين على أوطانهم.
شكراً لإبداعكم، أحمد شريف، جمعان الرويعي، سامي رشدان، عبدالله سويد، وبقية نجوم «السوشال ميديا» الذين لا تسع المساحة لذكرهم فرداً فرداً، شكراً لكم على هذا العمل الذكي، المخلص في رسائله، المحب لوطنه في مضمونه.
أقول بأنها محاولة جريئة، لأن الحبكة الدرامية التي مثلها هؤلاء المبدعون تركزت على قضية خطيرة وهامة، تعتبر أساسا لهدم أي مجتمع، ولتدمير كثير من الأمور فيه، بما فيها نفسيات الناس، وهنا أتحدث عن ظاهرة «الفساد» بغض النظر إن كان مالياً أو إدارياً.
دائماً ما أقول بأن الفساد الإداري هو بوابة العبور للفساد المالي، إذ من يستهين بعملية إتباع القوانين والأنظمة، ويخرقها ويتجاوزها، سهل عليه جداً أن يطور عملية الفساد الإداري ليدخل المال طرفاً فيها، وليتحول لفساد مالي، والكارثة بل المصيبة حينما يكون المال المستهدف هو «المال العام» الذي هو ملك الدولة، وهو أيضاً ملك للمواطن باعتبار أن توظيف هذا المال يصب في مصلحة الناس أولاً وأخيراً، من ناحية المخرجات والأهداف.
المشهد التمثيلي والذي وضع في مواقع التواصل الاجتماعي، بالتالي حظي بمشاهدة وانتشار واسعين جداً، تطرق لأمور عديدة إلى جانب القضية الرئيسة التي تسلط الضوء على الفساد، وكيف يبدأ، وكيف يكبر، وكيف يتداخل فيه أفراد هنا وهناك بناء على المصلحة، لتكتشف فجأة أنك أمام «عصابة فساد» متشعبة.
هذه الأمور تبدأ منذ عملية «الاستغلال» لأملاك الغير، أو القفز والتطفل على أمورهم الخاصة، رغم أن الإسقاط كان عبر زجاجة عطر، لكن الفكرة تتضح حينما يبدأ أحدهم بالتطفل على خصوصياتك، ثم ليسرقها منك ويقوم الآخرون باستغلالها تباعاً. لربما تكون هذه الخصوصيات عملك في وظيفتك، أو إنجازاً حققته، أو حتى سمعة طيبة تمتلكها في المجتمع، فيتم تشويهها. الاستغلال من أبشع الصفات التي باتت تتأصل في مجتمعاتنا من قبل عناصر انعدمت لديها المبادئ والأخلاقيات.
الإسقاط الثاني كان جلياً بأنه معالجة لقضية الترشح للانتخابات، ماذا يريد الناس من المترشحين، وماذا يريد المترشحون من البرلمان؟! وكيف أن العملية باتت تتجه إلى مسارات أخرى غير تحقيق «مصلحة المجتمع». كيف أن استغلال الفرص لدى البعض أهم من الرسالة السامية التي يجب أن يؤدوها، وكيف أن كثيراً من الناس في المقابل «ضيقوا» نظرتهم لأهم ممارسة تشريعية، وحصروها في عملية التحصل على مكاسب مادية، ومنافع وقتية، على حساب التشريع الذي يؤصل لمستقبل أفضل.
القضية الكبرى كانت تبسيط الشرح لعملية تفشي «فيروس» الفساد، وكيف أنه يبدأ مع فرد، وقد يتمدد ليشمل أفراداً آخرين مشاركين في نفس الجريمة المعنية بسرقة المال العام، بل الأخطر حينما تكتشف أن للفساد قبولا لدى أفراد من المجتمع، طالما أن المسألة فيها استفادة مادية شخصية، بل والطامة حينما تجد في بعض الحالات أن من دوره محاربة الفساد، هو قابل للمشاركة فيه وتسهيل أموره لو خدم ذلك مصلحته الخاصة. وهنا نحن أمام مشكلة خطيرة، إذ عدم التصدي بقوة للفساد، وعدم تقديم «أمثلة» للمجتمع على أفراد فاسدين تتم محاكمتهم وفضحهم على جرائمهم بحق المال العام، يمنح فرصة لتزايد عدد الفاسدين، بالتالي صناعة «عصابات فساد» هي معاول الهدم الأخطر للمجتمعات.
رغم «سوداوية» المشهد في أغلب مقاطعه، والشعور المؤسف الذي ينتابك لسهولة سقوط كثير من الأفراد في فخ المشاركة مع المفسدين، إلا أن النهاية تقدم لك «بصيص أمل»، بل وتبعث لديك الإحساس بالتفاؤل، فمن بدأوا العملية كلها لم يكونوا فاسدين ولا سراقاً ولا مجرمين، بل كان سعيهم الكشف عن معادن البشر، ومدى قابليتهم للفساد، ومن هم الممتلكين لصناعة القرار وهم مشاركون في هذه العملية.
الخلاصة تقدم لنا الحل، وكيف أن البحث والترصد ونصب الكمائن للفاسدين وبالقانون، هو في الأساس واجبنا الوطني كأفراد ومؤسسات معنية بمحاربة هذه الظواهر، كيف أن محاربتها واجب كل من يحرص على وطنه، وعلى ماله العام، وعلى حقوق الناس فيه.
هل حرقت المشهد التمثيلي بهذه السطور؟! قد أكون، لكن مشاهدته لمن لم يفعل أمر أراه إيجابياً، فالفن لابد وأن يقدم رسالته السامية بشكلها الصحيح، الرسالة التي تخدم المجتمع، وتحارب الظواهر الخاطئة، وتحيي الأمل في قلوب الناس، وتؤكد على أن الباطل والخطأ والفساد وإن استمر لفترة، فلابد من سطوع الحق والتصحيح يوماً ما، وهذا لا يتأتى إلا على يد المخلصين والغيورين على أوطانهم.
شكراً لإبداعكم، أحمد شريف، جمعان الرويعي، سامي رشدان، عبدالله سويد، وبقية نجوم «السوشال ميديا» الذين لا تسع المساحة لذكرهم فرداً فرداً، شكراً لكم على هذا العمل الذكي، المخلص في رسائله، المحب لوطنه في مضمونه.