كما الأم الحانية، هي البحرين، لا ترضى أن ترى سوءاً يمس أبناءها، فهي تطمح كما أي أم أن تلم شمل أبنائها جميعاً، وتسعى لأن يسود الوئام بينهم. وخلال الأسبوع المنصرم طالعنا الإعلام بأمر وتوجيه ملكيين يؤكدان هذا الكلمات، حيث أصدر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، أمره السامي بتثبيت جنسية 551 محكوماً صدرت بحقهم أحكام بإسقاط الجنسية، وبعدها مباشرة صدر توجيه جلالته حفظه الله إلى الحكومة بتعزيز إمكانياتها من أجل إتاحة المجال للتطبيق الفعال لأحكام قانون العقوبات البديلة، وتوفير التدابير والبرامج التأهيلية التي تتناسب مع الظروف الشخصية للمحكوم عليهم الذين يتوخى إصلاحهم من أجل أن يُعاد إدماجهم في المجتمع.

البحرين كالأم الحانية التي تمنح أبناءها فرصاً إذا ما أخطؤوا وضلوا، فمن خلال الأمر الملكي بتثبيت جنسيات 551 بالإضافة إلى توجيه الحكومة إلى تعزيز إمكانياتها من أجل إتاحة المجال لتطبيق قانون العقوبات البديلة الذي أقر عام 2017، نستطيع أن نعرف حجم التسامح والرحمة التي تتمتع بها أمنا الغالية البحرين، وكيف أنها تريد أن تضمن الانسجام المجتمعي حتى فيما يتعلق بالمسيء والمخطئ.

* رأيي المتواضع:

قانون العقوبات البديلة، من القوانين النوعية والهامة، بما تضمنه من نظام يسمح بتنوع العقوبات ويوفر مساحة في توقيع الجزاء الجنائي بما يتناسب مع عمر وصحة وجنس المحكوم عليه وكذلك ظروفه الشخصية، ويتلاءم في ذات الوقت مع طبيعة الجريمة ويعزز سبل مكافحتها وردع مرتكبيها دون المساس بحقوق المجني عليهم والمتضررين من الجريمة.

كل ما نحتاجه اليوم هو حملات توعوية وتثقيفية تتعلق بهذا القانون، وإجراءاته، كما أعتقد أننا بحاجة إلى دراسة أثر تطبيق هذا القانون على المجتمع البحريني، ومعدلات انخفاض الجريمة، ودراسة مدى جدواه وفعاليته، بعد مدة من الزمن.

قانون العقوبات البديلة «فرصة» رائعة للردع دون حبس الحرية، وفرصة رائعة لكي لا يتأثر بعض المحكومين اجتماعياً، وهو في نفس الوقت «فرصة» للتدبر والتمعن أيضاً، فكم هو جميل أن يراجع البعض نفسه الأمارة بالسوء ويلجم جمحها قبل الوقوع في الجريمة أياً كان حجمها وضررها.