أنا من أشد المؤيدين لقناة تلفزيونية خاصة بالسلطة التشريعية، كي ننزع منها مبرر أن الإعلام الذي لم ينصفها من يد أعضاء السلطة في كل مرة، وتكون حجة الإنصاف الإعلامي عليهم في تلك الحالة.

فتلك قناتهم وهم مسؤولون عنها، وستتاح لهم الفرصة الكافية لإبراز أدائهم بالشكل الذي يرتضونه، وفرصة كبيرة كذلك لزيادة الوعي باختصاصاتهم وصلاحياتهم، خاصة وأن القناة ستكون مخصصة لهذا الغرض، فلا مطلوب منها تغطية الفعاليات الأخرى أو ملاحقة أنشطة الحكومة وإبرازها، أو إبراز الأنشطة الاقتصادية أو الاستماع ونقل شكاوى الناس، ولا حتى مطلوب منها الترفيه فوق هذا كله كما هو حاصل بالنسبة للقنوات العامة، بل سيكون الوقت كله والميزانية كلها مخصصة فقط لإبراز دور واختصاص وأداء السلطة التشريعية.

أما مسألة تحديد الكلفة التأسيسية للقناة والكلفة التشغيلية بتردداتها باستوديوهاتها بموظفيها بإعلاميها فليعرض الأمر على شركات القطاع الخاص، وتطرح مناقصة عامة وستحدد تلك الطريقة الكلفة الحقيقية من جهات مستقلة كما قال الأخ غانم البوعينين.

يبقى أن يتدارس أعضاء السلطة فيما بينهم كيف ستعدل تلك القناة بين ال 80 عضواً بالتساوي، فلا تحابي عضواً على حساب آخر، أو كتلة على أخرى، وتلك معضلة يعلم السادة الأعضاء أنها موجودة الآن ويشتكي منها الجميع، وستزداد حدة بوجود قناة متفرغة لملاحقة نشاط أعضاء السلطة التشريعية.

و ليحرص الأعضاء على وجود آلية لمراقبة الحياد والموضوعية الخاصة بالقائمين على القناة للعدالة والإنصاف بين الأعضاء بعضهم البعض، وأن يمنح الجميع عدد مرات ووقت بالتساوي للظهور على القناة، وأن يبرز جهد الجميع بلا استثناءات وأن توجد آلية لمحاسبة أي انحراف في التغطيات وفي المونتاج وفي العناوين التي ترجح كفة عضو على الآخر.

ويبقى أن تدار القناة بأسلوب عصري مشوق سريع الرتم يراعي تعدد الخيارات المتاحة أمام المشاهدين، فلا تصبح القناة مملة ينصرف عنها المشاهدون وتضيع الأموال العامة هدراً ويحاسبكم الناس عليها!!

نتفق أن السلطة التشريعية بحاجة لأن تسوق «أداءها» من جهة كسلطة وكأعضاء كل على حده، ونتفق أن هناك حاجة لزيادة وعي المجتمع «باختصاصاتها وصلاحياتها» حتى يحكم عليهما بإنصاف، والإنصاف هو قصة القصص ومأساة المآسي، وهو ما نعاني من قصور منقطع النظير.

الإنصاف في الحكم على الأداء يحتاج إلى إلمام باختصاصات ما سنحكم عليه وبإمكاناته وأن أتابع الجهد بحسن نية وبتجرد وهذه الأدوات مطلوبة من النائب بحد ذاته وكما هي مطلوبة من الإعلامي ومطلوبة من أي سلطة رقابية حتى من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.

فمثلما كان هناك نداء بإعلاميين من ينصفنا، برزت الحاجة الآن إلى نواب من ينصفنا، وستبرز الحاجة إلى نشطاء من ينصفنا، وسنظل نبحث عن الإنصاف، وسنظل نشتكي من عدم الإنصاف، وسيكون يوم لنا ويوم علينا وسنسقى من ذات الكأس الذي سقيناه لغيرنا، طالما لم نؤسس لآلية عادلة للحكم على الآخرين بالارتقاء والترفع عن الصغائر، وبالموضوعية وبالتجرد وبالحيادية وبالاختصاص وبالتواضع وبالمهنية، وكل أدوات العدل المطلوبة من أي جهة رقابية على الأخرى.

فلتكن إذاً قناة خاصة بالسلطة التشريعية ولنرَ كيف تدار؟ وكم تكلفتها؟ وهل سينصفهم المجتمع أم لا؟