من بعد بيان وزارة الداخلية أطلقت مؤسسة أمنية أخرى وهي الحرس الوطني بيانها لتأكد الدولة أنها جادة وحازمة ولن تتهاون مع أي استحقاق وطني مطلوب.

بعد أن كانت الدولة تكتفي بالتأكيد على الثوابت الوطنية خطاباً ولا تتشدد في المطالبة بإثبات تلك الأقوال بالأفعال، تحول الموقف إلى المطالبة بترجمة الأقوال إلى أفعال، وقد عبر عن هذا التحول بيان الحرس الوطني الجريء كما هو بيان الداخلية، فالحرس الوطني في بيانه أكد أن «الوطنية يجب أن تكون ممارسة عملية واقعية، قبل أن تكون شعارات براقة وكلمات، يسطرها الكثيرون عبر وسائل الإعلام أو تدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ضمير صادق يربط شعب البحرين بكل فئاته بالأرض والمكان والدين والثقافة والتاريخ».

وانطلاقاً من جدية الدولة في المرحلة الراهنة ومتطلباتها الأمنية رصد البيان أنه «كان هناك من يستغل هذه الحرية من خلال بعض المنابر الدينية المتطرفة التي دأبت على بث نوازع الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد منحازين في ذلك لتيارات وأيديولوجيات معادية للثوابت والأسس الوطنية البحرينية، بل ووصل بها التطرف إلى حد التعاطف تجاه الأعمال الإرهابية، التي راح ضحيتها العديد من شهداء ومصابي الواجب، بالإضافة إلى الإضرار بالمنشآت الحيوية وترويع المواطنين الآمنين وتعريض حياتهم للخطر».

والحرس الوطني كما نعلم يحمل على عاتقه -بالإضافة إلى مسؤولية حراسة وحماية منشآت الدولة الحيوية- دوراً اجتماعياً إنسانياً في العديد من الأعمال التطوعية الخيرية في الدولة، فهو المؤسسة التي تضع على كاهلها تحقيق الالتحام بين الأمن والمواطنة.

وجاء بيانها وبيان وزارة الداخلية مؤكدين حزم الدولة وجديتها في عدم التهاون مع أي تناقض أو ازدواجية في الخطاب، ومؤكدين جدية الدولة في السؤال والإلحاح بحثاً عن المواقف والممارسات والأفعال لا الأقوال، وانطلاقاً من موقع مؤسسة الحرس الوطني أكد بيانها «على دور ومسؤولية جميع المواطنين تجاه الثوابت الوطنية وصيانة المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من خلال العمل وتبني المواقف الجادة والوعي بالمخاطر المحيطة والأصوات الخبيثة التي تتبنى أجندات وأفكاراً تحمل في طياتها الشر والعداء لخير هذا الوطن وصالح المواطنين» انتهى

فمن كان يعتقد أنه يستطيع أن ينعم بخيرات دولته ووطنه ولا يرى ولا يسمع ولا يتكلم حين تطالبه الدولة بإعلان موقفه، فإن عليه أن يعيد النظر ويتمعن في هذا الإلحاح في المطالبة وعدم المرور والقفز عليه خاصة إن كان من يتصدى للشأن العام.

الأمر الثاني من يعتقد أن مطالبة الدولة مواطنيها بالاستحقاق الوطني أمر من أشخاص أو جهات فهو خاطئ، وعليه أن يعي أنه يتعامل ويتعاطى مع دولة مؤسسات وقانون، وأن استحقاقه الدستوري النابع من الميثاق الوطني الذي صوت عليه الشعب البحريني هو الذي آن أوان إثبات مصداقيته، وأن الدولة لن تتهاون من الآن فصاعداً أمام المطالبة بهذا الاستحقاق لكل من يقف مطالباً بأي حق له من الدولة، فدستورك يضع بند الحقوق والواجبات في فصل واحد.

نحن أمام دولة تقف جميع مؤسساتها ومنتميها صفاً واحداً، بلا استثناء وتتقدمهم جميعاً مؤسساتها الأمنية والعسكرية والقانونية.

حق الوطن ليس شعاراً وليس كلاماً وعبارات منمقة أو بصمة تضعها في تصويت ثم تأكل من خيراته وتنعم بأمنه وأمانه وتصد عن حقه حين يناديك.

اليوم الدستور والميثاق والقانون عليك رقيب، فإن أوفيت وطنك حقه بالممارسة والفعل والقول الفصيح دون التواء لسان، فهذا وطن تستحق أن تعيش فيه ولك أن تطالبه بحقوقك، وإن لم تجده يستحق أبسط حقوقه وهي أن تحدد موقفك صراحة من أمنه وسياداته بلا التواء لسان وبلا قفز على المسميات وبلا تجنب لإدانات محددة والاكتفاء بالبيانات العامة حمالة الأوجه، فإن هناك مقولة معروفة وليست اختراعاً بحرينياً «وطن لا تحميه وطن لا تستحق أن تعيش فيه».