هل لديك أصدقاء كُثر؟! في الغالب سيكون الجواب بـ«نعم»؟!
طيب لنحدد أكثر، هل لديك أصدقاء «أصلاء»؟! وهنا قد يكون الجواب بعكس سرعة جواب السؤال الأول، ولربما تتحصل رداً فيه «تأتأة» لكنه أيضاً بـ«نعم».
حسناً، وكيف تعرف أن صاحبك هذا أو ذاك «أصيل»؟! ما الذي يثبت لك أنك مصيب في وصفك لهم؟! لأنه إن لم يتطابق وصفك مع توقعك أو ظنك، فإنك لن تكون مصيباً بقدر ما ستكون واقعاً في «مصيبة»!
لفتت انتباهي بالأمس صورة وضعها أحد الأطباء بإحدى الدول العربية على حسابه في تطبيق «الإنستغرام»، التقطها الثالثة فجراً، وفيها شاب مصاب في رأسه ونائم على سرير المستشفى وحوله ثلاثة من أصدقائه، نام أحدهم على الكرسي بجوار السرير، واثنان تمددا على الأريكة المقابلة، وعلق الطبيب تحت الصورة بهذه الكلمات: «لا تصاحب إلا أصيلاً»!
بغض النظر عن تعليقات الناس على الصورة، وما بين «مستهزئ» وللأسف هذا حال كثير من الناس في يومنا هذا، وبين «مشكك» في مصداقية الصورة، وبين «معجب» بهذا الموقف، ستقف متأملاً بالضرورة مثل هذه «الصورة الناطقة» التي لا تحتاج لأي تعليق، وستحرك فيك شيئاً، سواء ستعيد لذهنك ذكريات مؤلمة لمن يفترض كونهم أصدقاء كشفت المواقف حقيقتهم لك، أو لمن أثبتت التجربة إخلاصهم وحبهم.
هنا تأتي النصيحة الذهبية، والتي لو طبقها الإنسان بحذافيرها لوجد نفسه في محيط إيجابي، صحي نفسياً، بل ووسط آمن يحميه ويحسسه بقيمته، النصيحة التي كتبها الطبيب «لا تصاحب إلا أصيلاً».
كم منكم يمتلك صديقاً «أصيلاً» بالفعل؟! صديقاً «حقيقياً» غير «زائف»؟! صديقاً يجمعه بك حبه لك ولشخصك، تقديره لعشرتك وسيرتك معه، تثمينه لما تمثله له من إضافة في حياته، صديقاً لا يتقرب إليك طامعاً في مكسب مادي أو معنوي أو دعم من أي نوع، أو حتى ربط اسمه وشخصه بك لو كنت أنت صاحب شهرة أو شخصية عامة؟!
هل من الخطأ أن نفرز أصدقاءنا ونصنفهم بين فترة وأخرى؟! هل من الخطأ أن نراجع أنفسنا في علاقاتنا؟! والأهم هل من المهم أن نحاول وضع علاقاتنا هذه في موضع الاختبار لنعرف بالضبط من هم أصدقاؤنا الحقيقيون، من هم «الأصلاء» لا مدعو الصداقة؟!
أحد الأشخاص من الله عليه بنعمة الثراء والشهرة معاً، كان لا يخلو يومه من صحبة عدد من رفقاء يتزايدون بشكل دائم، كان يحب قضاء الوقت معهم، ولا يحتاج أصلاً لتوجيه دعوة لهم، بل هم يصلونه يومياً وبالكاد يتركونه لوحده، كان يقيم الحفلات اليومية، أكل وشرب ولعب وضحك، وطبعاً هو من يدفع، ومن يرتب، ومن يجهز كل شيء، وفي النهاية هو من ينظف كل شيء بعد رحيلهم، طبعاً ليس بالمعني الحرفي، إذ من خلال العاملين لديه، لكن الفكرة أنه كان يفعل لهم كل شيء، حتى لدرجة إذا احتاج أحدهم لمال يعطيه، أو شكا له أحدهم من معاناة صحية له أو لأحد أفراد عائلته تكفل بعلاجه.
قرر يوماً اختبار قوة هذه العلاقات، فجمعهم وأعلن لهم بأنه خسر كل ثروته، وأنه أصبح مفلساً، وبالكاد يستطيع الحفاظ على مسكنه، أو توفير قوت يومه. طلب منهم المساعدة، عبر تجميع مبلغ يسدد به إيجار المنزل الضخم الذي يعيش فيه، ولشراء ما يأكله. سبعة من أصل ثمانية أصحاب دائمي السهر عنده ودائمي تقديم طلبات المساعدة له، سبعة اعتذروا له واختلقوا أعذاراً للمغادرة، الثامن الذي ظل باقياً كان متأثراً وعيناه تدمعان، لكنه تماسك وقال له: يمكنك أن تأتي وتسكن معي في شقتي، وسنتشارك في الطعام.
حاول الاتصال بالسبعة اليوم التالي، وفي أيام متلاحقة، لكن الهاتف يرن طويلاً دون رد، وبعدها بعضهم واضح أنه «حظر» رقمه، فلم يعد يرن الرقم أساساً. حينها صارح صديقه الثامن بالحقيقة وأنه كان مجرد اختبار لمعرفة «معدن» أصدقائه، وأنه كان هو الصاحب «الأصيل» من بين الثمانية.
هناك قصص عديدة لاختبارات قام بها أشخاص لكشف حقيقة صداقاتهم، كلها تضمنت نهايات مؤلمة ومخيبة، والدرس المستفاد هنا بأنه مهما أحاط بك كثيرون، ومهما جاملوك وابتسموا لك وسايروك حتى فيما تفعله، عليك أن تعرف مبعث هذا السلوك، أهو صادق أم زائف؟! لا أقول هنا تحول لشخص يشك في كل من حوله، بل أقول كن ذكياً في صداقاتك، وضع كل واحدة منها في موقعها الصحيح التي تستحقه، وحينما تكتشف أن لديك ولو صاحباً واحداً «أصيلاً»، اعرف أن هذا من سيظل لك ذخراً وسنداً أبد الدهر.
حياتنا باتت ملأى بالمظاهر، وأيضاً بالمصالح، حتى تدنست العلاقات بالزيف والكذب، فبت لا تعرف العلاقة الحقيقية من المصطنعة! وأكثر من سيفهم ما أقوله هنا هم «أصحاب المناصب» الذين زالوا منها ورحلوا عنها، فرحل وانفض من حولهم آلاف البشر، وكثير منهم كانوا يحسبونهم أصدق الأصدقاء.
{{ article.visit_count }}
طيب لنحدد أكثر، هل لديك أصدقاء «أصلاء»؟! وهنا قد يكون الجواب بعكس سرعة جواب السؤال الأول، ولربما تتحصل رداً فيه «تأتأة» لكنه أيضاً بـ«نعم».
حسناً، وكيف تعرف أن صاحبك هذا أو ذاك «أصيل»؟! ما الذي يثبت لك أنك مصيب في وصفك لهم؟! لأنه إن لم يتطابق وصفك مع توقعك أو ظنك، فإنك لن تكون مصيباً بقدر ما ستكون واقعاً في «مصيبة»!
لفتت انتباهي بالأمس صورة وضعها أحد الأطباء بإحدى الدول العربية على حسابه في تطبيق «الإنستغرام»، التقطها الثالثة فجراً، وفيها شاب مصاب في رأسه ونائم على سرير المستشفى وحوله ثلاثة من أصدقائه، نام أحدهم على الكرسي بجوار السرير، واثنان تمددا على الأريكة المقابلة، وعلق الطبيب تحت الصورة بهذه الكلمات: «لا تصاحب إلا أصيلاً»!
بغض النظر عن تعليقات الناس على الصورة، وما بين «مستهزئ» وللأسف هذا حال كثير من الناس في يومنا هذا، وبين «مشكك» في مصداقية الصورة، وبين «معجب» بهذا الموقف، ستقف متأملاً بالضرورة مثل هذه «الصورة الناطقة» التي لا تحتاج لأي تعليق، وستحرك فيك شيئاً، سواء ستعيد لذهنك ذكريات مؤلمة لمن يفترض كونهم أصدقاء كشفت المواقف حقيقتهم لك، أو لمن أثبتت التجربة إخلاصهم وحبهم.
هنا تأتي النصيحة الذهبية، والتي لو طبقها الإنسان بحذافيرها لوجد نفسه في محيط إيجابي، صحي نفسياً، بل ووسط آمن يحميه ويحسسه بقيمته، النصيحة التي كتبها الطبيب «لا تصاحب إلا أصيلاً».
كم منكم يمتلك صديقاً «أصيلاً» بالفعل؟! صديقاً «حقيقياً» غير «زائف»؟! صديقاً يجمعه بك حبه لك ولشخصك، تقديره لعشرتك وسيرتك معه، تثمينه لما تمثله له من إضافة في حياته، صديقاً لا يتقرب إليك طامعاً في مكسب مادي أو معنوي أو دعم من أي نوع، أو حتى ربط اسمه وشخصه بك لو كنت أنت صاحب شهرة أو شخصية عامة؟!
هل من الخطأ أن نفرز أصدقاءنا ونصنفهم بين فترة وأخرى؟! هل من الخطأ أن نراجع أنفسنا في علاقاتنا؟! والأهم هل من المهم أن نحاول وضع علاقاتنا هذه في موضع الاختبار لنعرف بالضبط من هم أصدقاؤنا الحقيقيون، من هم «الأصلاء» لا مدعو الصداقة؟!
أحد الأشخاص من الله عليه بنعمة الثراء والشهرة معاً، كان لا يخلو يومه من صحبة عدد من رفقاء يتزايدون بشكل دائم، كان يحب قضاء الوقت معهم، ولا يحتاج أصلاً لتوجيه دعوة لهم، بل هم يصلونه يومياً وبالكاد يتركونه لوحده، كان يقيم الحفلات اليومية، أكل وشرب ولعب وضحك، وطبعاً هو من يدفع، ومن يرتب، ومن يجهز كل شيء، وفي النهاية هو من ينظف كل شيء بعد رحيلهم، طبعاً ليس بالمعني الحرفي، إذ من خلال العاملين لديه، لكن الفكرة أنه كان يفعل لهم كل شيء، حتى لدرجة إذا احتاج أحدهم لمال يعطيه، أو شكا له أحدهم من معاناة صحية له أو لأحد أفراد عائلته تكفل بعلاجه.
قرر يوماً اختبار قوة هذه العلاقات، فجمعهم وأعلن لهم بأنه خسر كل ثروته، وأنه أصبح مفلساً، وبالكاد يستطيع الحفاظ على مسكنه، أو توفير قوت يومه. طلب منهم المساعدة، عبر تجميع مبلغ يسدد به إيجار المنزل الضخم الذي يعيش فيه، ولشراء ما يأكله. سبعة من أصل ثمانية أصحاب دائمي السهر عنده ودائمي تقديم طلبات المساعدة له، سبعة اعتذروا له واختلقوا أعذاراً للمغادرة، الثامن الذي ظل باقياً كان متأثراً وعيناه تدمعان، لكنه تماسك وقال له: يمكنك أن تأتي وتسكن معي في شقتي، وسنتشارك في الطعام.
حاول الاتصال بالسبعة اليوم التالي، وفي أيام متلاحقة، لكن الهاتف يرن طويلاً دون رد، وبعدها بعضهم واضح أنه «حظر» رقمه، فلم يعد يرن الرقم أساساً. حينها صارح صديقه الثامن بالحقيقة وأنه كان مجرد اختبار لمعرفة «معدن» أصدقائه، وأنه كان هو الصاحب «الأصيل» من بين الثمانية.
هناك قصص عديدة لاختبارات قام بها أشخاص لكشف حقيقة صداقاتهم، كلها تضمنت نهايات مؤلمة ومخيبة، والدرس المستفاد هنا بأنه مهما أحاط بك كثيرون، ومهما جاملوك وابتسموا لك وسايروك حتى فيما تفعله، عليك أن تعرف مبعث هذا السلوك، أهو صادق أم زائف؟! لا أقول هنا تحول لشخص يشك في كل من حوله، بل أقول كن ذكياً في صداقاتك، وضع كل واحدة منها في موقعها الصحيح التي تستحقه، وحينما تكتشف أن لديك ولو صاحباً واحداً «أصيلاً»، اعرف أن هذا من سيظل لك ذخراً وسنداً أبد الدهر.
حياتنا باتت ملأى بالمظاهر، وأيضاً بالمصالح، حتى تدنست العلاقات بالزيف والكذب، فبت لا تعرف العلاقة الحقيقية من المصطنعة! وأكثر من سيفهم ما أقوله هنا هم «أصحاب المناصب» الذين زالوا منها ورحلوا عنها، فرحل وانفض من حولهم آلاف البشر، وكثير منهم كانوا يحسبونهم أصدق الأصدقاء.