عيد الأضحى المبارك، وهو ثاني العيدين في الديانة الإسلامية، ويأتي بعد عيد الفطر، وله منزلة كبيرة في قلوبنا، كونه يأتي وقد حج الحجيج، وأدوا الركن الخامس في الإسلام، والحج فريضة لمن استطاع إليه سبيلاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وهناك بدائل، ورد ذكرها في أحاديث نبوية.
ونحن أهل البحرين في غابر الزمان، لا نشد الرحال إلى المسجد الحرام إلا بنية الحج، لكنهم إذا وصلوا إلى الميقات بأيام نووا العمرة وسكنوا مكة في شعب عامر، ولكون المسافة التي تفصلنا عن الديار المقدسة طويلة وشاقة وتستغرق على الأقل الثلاثة أشهر ذهاباً وإياباً إلا قليلاً، سفر بحري أولاً، بسفن خشبية ذات صواري وأشرع، مصنوعة بأيدي بحرينية بارعة في هندسة السفن، من بر البحرين عن طريق فرضة المنامة العريقة إلى بر المملكة العربية السعودية، وكان ميناء العقير «العجير»، هو المنفذ الشهير قبل فرضة الخبر، ومنه تنطلق قوافل الجمال إلى الأحساء ثم الطريق المؤدي إلى الرياض، ومن الرياض يقطعون مسافات طويلة قاحلة ملأى بالرمال الناعمة، ويكابدون حر الصيف الجاف إذا كان الفصل صيفاً، ويقاسون زمهرير الشتاء والأمطار إذا كان الفصل شتاءً، تعترضهم أحياناً أراض صخرية وتلال وعرة.
وكما حدثنا المرحوم جاسم بن حسين بوحمود، إنه أثناء حجه في العشرينيات من القرن الماضي، تعرضت قافلتهم لقطاع الطرق ونهبوا شيئاً من ممتلكاتهم، لكن الله سلم الجميع.
ورجوعاً إلى عنوان الموضوع، هل أهزوجة الحية بية رفاعية المنشأ؟
أقول وبالله التوفيق، بما أن أمي رحمها الله تعالى رفاعية المولد من آل عثمان، نشأنا على ترديد تلك الأهزوجة نقلاً عن لسانها، ويرددونها – أي الاهزوجة – أطفال المنامة والمحرق في تلك الاحتفالية بمناسبة عيد الأضحى.
حية بية.. على درب الحنينية
والحنينية هي البئر ذات الماء العذب وتقع في روضة الرفاعين التي يحفها من الشرق الرفاع الشرقي، ومن الغرب الرفاع الغربي، ويجتمع أهالي الرفاع الشرقي من نساء ورجال وشباب، مصطحبين أطفالهم من أولاد وبنات معهم وهم يحملون «قفة الحية»، يجتمع الجميع إلى الغرب والشمال من قلعة المغفور له الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، وأنظارهم متجهة إلى الغرب قبل الغروب، ويرمون «الحية بية...»، في الوادي، والذي لاحظته في طفولتي، إن بعض الأطفال ينزع الزرعة من القفة، ويرمي الزرعة فقط ويحتفظ بالقفة إلى السنة «الياية» أي العام القادم، أما أهل المنامة والمحرق وتوابعها فيتوجهون إلى سواحل البحر لرمي الحية بية، يرددون نفس الأهزوجة وشكراً لمن أحيا هذه الاحتفالية وتبناها ونشرها بين الأجيال إلى حاضرنا، وهي من التقاليد الشعبية ومن التراث الجميل، الذي يجب المحافظة عليه.
في إحدى زياراتي إلى الهند في عام 1970، صادف وجودي هناك مع الأهل، أن عيداً حل عند الهنود، وفي مساء ذلك اليوم، يتوجه المواطنون الهنود إلى ساحل بحر «جباتي»، وكل عائلة تحمل مجسماً مصغراً يمثل معبودهم مصنوعاً من الطين، ملوناً بألوان ويقرؤون بعض الترانيم والأغاني والرقص على إيقاع الطبول، ثم يقذفون ذلك المجسم في البحر، في وسط الفرحة والرقص والأغاني الخاصة حسب طقوسهم، تلك صور من صور عادات وتقاليد الشعوب.
فهل أهزوجة الحية بية على درب الحنينية رفاعية المنشأ؟..أم أن حجاج البحرين، تمر قوافلهم وتستريح وترتوي من بئر «حنينية»، وحنين هذا رجل يملك وعشريته بئر ماء حلو وعذب في مكان ما من بر السعودية قريب من الأحساء تقصده القوافل وهي في طريقها إلى الأراضي المقدسة أو البوادي الأخرى؟
في كتابي الأول المعنون «من عبق الماضي»، والذي نشرته جريدة أخبار الخليج مسلسلاً جزءاً فجزءاً منذ عام 1997، ورد ما يلي: «لقد تشرفت بمعرفة السيد الفاضل حسن بن عيسى الغتم، وآل غتم عائلة كريمة معروفة لها منزلتها بين العوائل الكريمة في البحرين ذات الجذور العربية الإسلامية فسألته السؤال الآنف الذكر عام 1997 فقال مرجعاً القول إلى أهله «أمر المغفور له حاكم البحرين الشيخ سلمان بن احمد الفاتح آل خليفة بعد أن استقر في قلعة الرفاع أن تحفر عين ماء في الروضة، واستدعى أناساً من أصحاب الخبرة من الأحساء بالمملكة العربية السعودية، وكان الشيخ سلمان بن احمد الفاتح طيب الله ثراه يجلس مع أسرته الكريمة وأصحابه الأجلاء على دكة «دجة» من الجهة الشمالية للقلعة، وذات يوم عندما استطاع الحفارون الوصول الى نقطة استخراج الماء بعد عناء وبالوسائل البدائية، ذهب إليه أحدهم زافاً البشرى، وقال إن الماء حلو يا طويل العمر، وضرب له وصفاً بأن الماء أحلى من ماء حنين، ويقصد بذلك أن هناك في الأحساء رجلا يدعى حنين لديه عين ماء عذب يشبه في حلاوته هذا الماء المستخرج من هذا البئر، فقال الشيخ سلمان لنسمي هذا الماء حنينياً نسبة إلى حنين المذكور، وهكذا أطلق على هذه البئر الحنينية»، تاريخ البحرين يتضور عطراً في كل زمان ومكان، وقصة تحكي جزءاً من تاريخ بلادنا الحبيبة».
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي
ونحن أهل البحرين في غابر الزمان، لا نشد الرحال إلى المسجد الحرام إلا بنية الحج، لكنهم إذا وصلوا إلى الميقات بأيام نووا العمرة وسكنوا مكة في شعب عامر، ولكون المسافة التي تفصلنا عن الديار المقدسة طويلة وشاقة وتستغرق على الأقل الثلاثة أشهر ذهاباً وإياباً إلا قليلاً، سفر بحري أولاً، بسفن خشبية ذات صواري وأشرع، مصنوعة بأيدي بحرينية بارعة في هندسة السفن، من بر البحرين عن طريق فرضة المنامة العريقة إلى بر المملكة العربية السعودية، وكان ميناء العقير «العجير»، هو المنفذ الشهير قبل فرضة الخبر، ومنه تنطلق قوافل الجمال إلى الأحساء ثم الطريق المؤدي إلى الرياض، ومن الرياض يقطعون مسافات طويلة قاحلة ملأى بالرمال الناعمة، ويكابدون حر الصيف الجاف إذا كان الفصل صيفاً، ويقاسون زمهرير الشتاء والأمطار إذا كان الفصل شتاءً، تعترضهم أحياناً أراض صخرية وتلال وعرة.
وكما حدثنا المرحوم جاسم بن حسين بوحمود، إنه أثناء حجه في العشرينيات من القرن الماضي، تعرضت قافلتهم لقطاع الطرق ونهبوا شيئاً من ممتلكاتهم، لكن الله سلم الجميع.
ورجوعاً إلى عنوان الموضوع، هل أهزوجة الحية بية رفاعية المنشأ؟
أقول وبالله التوفيق، بما أن أمي رحمها الله تعالى رفاعية المولد من آل عثمان، نشأنا على ترديد تلك الأهزوجة نقلاً عن لسانها، ويرددونها – أي الاهزوجة – أطفال المنامة والمحرق في تلك الاحتفالية بمناسبة عيد الأضحى.
حية بية.. على درب الحنينية
والحنينية هي البئر ذات الماء العذب وتقع في روضة الرفاعين التي يحفها من الشرق الرفاع الشرقي، ومن الغرب الرفاع الغربي، ويجتمع أهالي الرفاع الشرقي من نساء ورجال وشباب، مصطحبين أطفالهم من أولاد وبنات معهم وهم يحملون «قفة الحية»، يجتمع الجميع إلى الغرب والشمال من قلعة المغفور له الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح، وأنظارهم متجهة إلى الغرب قبل الغروب، ويرمون «الحية بية...»، في الوادي، والذي لاحظته في طفولتي، إن بعض الأطفال ينزع الزرعة من القفة، ويرمي الزرعة فقط ويحتفظ بالقفة إلى السنة «الياية» أي العام القادم، أما أهل المنامة والمحرق وتوابعها فيتوجهون إلى سواحل البحر لرمي الحية بية، يرددون نفس الأهزوجة وشكراً لمن أحيا هذه الاحتفالية وتبناها ونشرها بين الأجيال إلى حاضرنا، وهي من التقاليد الشعبية ومن التراث الجميل، الذي يجب المحافظة عليه.
في إحدى زياراتي إلى الهند في عام 1970، صادف وجودي هناك مع الأهل، أن عيداً حل عند الهنود، وفي مساء ذلك اليوم، يتوجه المواطنون الهنود إلى ساحل بحر «جباتي»، وكل عائلة تحمل مجسماً مصغراً يمثل معبودهم مصنوعاً من الطين، ملوناً بألوان ويقرؤون بعض الترانيم والأغاني والرقص على إيقاع الطبول، ثم يقذفون ذلك المجسم في البحر، في وسط الفرحة والرقص والأغاني الخاصة حسب طقوسهم، تلك صور من صور عادات وتقاليد الشعوب.
فهل أهزوجة الحية بية على درب الحنينية رفاعية المنشأ؟..أم أن حجاج البحرين، تمر قوافلهم وتستريح وترتوي من بئر «حنينية»، وحنين هذا رجل يملك وعشريته بئر ماء حلو وعذب في مكان ما من بر السعودية قريب من الأحساء تقصده القوافل وهي في طريقها إلى الأراضي المقدسة أو البوادي الأخرى؟
في كتابي الأول المعنون «من عبق الماضي»، والذي نشرته جريدة أخبار الخليج مسلسلاً جزءاً فجزءاً منذ عام 1997، ورد ما يلي: «لقد تشرفت بمعرفة السيد الفاضل حسن بن عيسى الغتم، وآل غتم عائلة كريمة معروفة لها منزلتها بين العوائل الكريمة في البحرين ذات الجذور العربية الإسلامية فسألته السؤال الآنف الذكر عام 1997 فقال مرجعاً القول إلى أهله «أمر المغفور له حاكم البحرين الشيخ سلمان بن احمد الفاتح آل خليفة بعد أن استقر في قلعة الرفاع أن تحفر عين ماء في الروضة، واستدعى أناساً من أصحاب الخبرة من الأحساء بالمملكة العربية السعودية، وكان الشيخ سلمان بن احمد الفاتح طيب الله ثراه يجلس مع أسرته الكريمة وأصحابه الأجلاء على دكة «دجة» من الجهة الشمالية للقلعة، وذات يوم عندما استطاع الحفارون الوصول الى نقطة استخراج الماء بعد عناء وبالوسائل البدائية، ذهب إليه أحدهم زافاً البشرى، وقال إن الماء حلو يا طويل العمر، وضرب له وصفاً بأن الماء أحلى من ماء حنين، ويقصد بذلك أن هناك في الأحساء رجلا يدعى حنين لديه عين ماء عذب يشبه في حلاوته هذا الماء المستخرج من هذا البئر، فقال الشيخ سلمان لنسمي هذا الماء حنينياً نسبة إلى حنين المذكور، وهكذا أطلق على هذه البئر الحنينية»، تاريخ البحرين يتضور عطراً في كل زمان ومكان، وقصة تحكي جزءاً من تاريخ بلادنا الحبيبة».
* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي