في زمنٍ مضى، يضم البيت العود الجد والجدة وأبناءهما وزوجاتهم وأولادهم، وقد يمتد إلى أبناء الأبناء، أيضاً الخال والخالة، والعم والعمة، وإذا ضاق البيت العود، وأصبح طارداً للأطراف، مما يضطر احدٌ ممن ذكرت للظعن من البيت العود، وإذا وقع مثل ذلك، تشيعه الدموع والنحيب والحرقة، إما بالنسبة إلى البنت، فبمجرد خطبتها وزواجها، تنتقل الى بيت الزوجية، والأمل أن تكون زيجة موفقة، وحياة دائمة سعيدة للزوجين، وما أجمل البيت إذا جاءت البنت إلى بيت والديها مع زوجها وأبنائهما لزيارة الأهل، حيث نرى جميع من في البيت يرحبون بهم وتعم الفرحة الجميع ولا يمكن وصفها من جانب أخوالهم وخالاتهم، وقد يتباهى خال بابن أخته فيخرج به في الفريق وهو جذلان، وإذا سأله أحد من أبناء الفريق من هذا الطفل أجاب هو ابن أختي.هذا الترابط الممتد، تمتد آثاره إلى الأحفاد، ويتوارثون التعاليم الإسلامية بما حوت من أخلاق حميدة وحسن سلوك، وتوقير الكبير والعطف على الصغير، وبالمجمل يتعلمون السنع، والعلاقات الاجتماعية.أردت بهذه المقدمة الدخول في الموضوع الذي أنا بصدده.مما سمعته من الخال يوسف محمد عثمان الرويعي، رحمه الله تعالى، وهو الذي تربى منذ الصغر في طاعة الأسرة الحاكمة، منذ حكم صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته – وقد يكون قبل ذلك –، ومن ثم صار فداوياً مع صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وكان من ضمن المرافقين دائماً لسموه أثناء المقناص في ذلك الوقت في السعودية «القيصومة»، ومما قاله لنا الخال يوسف إن صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة رحمه الله دائماً يردد قوله المأثور «مجالسنا مدارسنا».وقد غرس عظمته هذا في أنجاله الكرام وفي أحفاده وأفراد أسرته الكريمة، وبين أبناء شعبه، وها نحن نشاهد بأم أعيننا كيف يربي أنجاله أبناءهم وأحفادهم الكرام على هذا المنهج، فهم جميعاً قدوة لنا.المجالس في زمن مضى، وقفاً على علية القوم، من تجار ونواخذه، «ربابنة سفن للغوص والتجارة»، والطبقة الوسطى خجولة جداً، وليس لها ذكر إلا قليلاً، وتنشط تلك المجالس شتاء – حيث لا أسفار ولا غوص – وفي شهر رمضان المبارك.إما مجالس حاضرنا السعيد، فإلى جانب المجالس السابقة الذكر، وبروز الطبقة الوسطى، أصبح كثير من الرجال والشباب وأيضاً النساء لهم مجالس أسبوعية في منازلهم، يحضرها جمع غفير، ويلاقون في هذه المجالس الترحاب من قبل أصحابها وكرم الضيافة.والمجالس لها رسالة وأهداف نبيلة، من حيث تقوية العلاقات الاجتماعية والوطنية، وتناول الكثير من المواضيع الهامة التي لها علاقة بالشأن المحلي والإقليمي والعربي والعالمي، كما تستضيف بعض المجالس محاضرين في الدين والاقتصاد والأسرة والصحة والرياضة وغيرها، كل هذا في عصر الديمقراطية التي أرساها حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه.والملاحظ ان بعض رواد هذه المجالس إذا حضر المجلس والمحاضر يتكلم، يقاطعه بالسلام على جميع الحاضرين فرداً فرداً ومصافحتهم، والواجب والأصول أن يجلس على أقرب كرسي يجده شاغراً، فإذا انتهت المحاضرة أو الندوة، يستطيع أن يصافح من شاء من المتواجدين في المجلس، ويقوي أواصر الصداقة والتآلف مع الجميع، هذه من أهم الواجبات بالنسبة الى الحضور، ومن مهام صاحب المجلس أن ينزل الرجال والنساء إذا حضرنا - في السابق لا مكان للنساء في مجالس الرجال-، وأن يوفر صاحب المجلس لهم الصدارة ما أمكن، وهذا لا يعني التمييز بين الحضور كما يظن البعض، بل هو حق وواجب تجاه من له يدٌ طولى ومقام رفيع في خدمة الوطن والمجتمع، وللحقيقة أن كثيراً من رواد المجالس المتواجدين قبلاً، يتنازل عن مكانه ويقدمه للقادم الكبير المقام المعطي المتواضع، وهذا من عاداتنا وأعرافنا وتقاليدنا المتوارثة ويجب علينا المحافظة عليها وتوريثها إلى أجيال المستقبل، قال الله تعالى :- «والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة...»، «الآية 9 من سورة الحشر»، والذي أحب أن ألفت النظر إليه أن أصحاب هذه المجالس يستحقون دعماً من الحكومة الموقرة لما يقومون به من عمل يصب في المصلحة الوطنية ولم الشمل.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90