أبدع اللبنانيون في اشتقاق شعار «كلن يعني كلن»، في الرد على أول خطاب لحسن نصرالله الأمين العام لـ «حزب الله»، على حراك الشارع اللبناني المطالب بالتغيير الشامل للواقع السياسي اللبناني، هاتفين «كلن يعني كلن، نصرالله واحد منن». الشعار يختزل فلسفة الحراك في أن كل الطبقة السياسية الحالية المؤسَسة على المحاصصة الطائفية وتقاسم البلد بين عدة جماعات تقُسم الشعب إلى فئات متعددة آن لها أن تُزاح من الساحة. ولا حصانة لأحد تحت أي شعار.
في العراق ولبنان اللتين تعيشان واقع التشظي السياسي «الرسمي» ذاته، تحاول كل جماعة سياسية الحفاظ على تواجدها من أجل الحفاظ على مكاسبها بذرائع عديدة، لم تعد غالبية كلا الشعبين تؤمن بها، لسبب بسيط وهو أن المواطن العادي أمام هذا السيل الجارف من الخطب والشعارات، صار يفتقد لأدنى الخدمات التي تحفظ له كرامته الإنسانية. فالبلدان يعيشان حالة شبه انهيار في كافة الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية، فضلاً عن تلويح الانهيار الاقتصادي بالوقوع في أي لحظة. وصار الحلم الأول والطموح الأكبر لأي عراقي أو لبناني هو الحصول على فرصة للهجرة، حتى لو أدى الأمر إلى الغرق في البحر أثناء عمليات الهروب أو... التهريب.
في العراق يحاول «الحشد الشعبي» وغيره من الميليشيا الحفاظ على بقائها خارج تنظيم الدولة بذريعة ضرورة وجودها لمحاربة «داعش». وعلى الرغم من إطلاق «حزب الله» خطابات تؤيد حراك اللبنانيين إلا أنه في المقابل، يحذر ويهدد من أي محاولة لنزع سلاحه باعتبارها تنفيذاً لمخطط أمريكي إسرائيلي يهدف للقضاء على المقاومة.
وأمام هذه الذرائع يقف المواطن اللبناني والعراقي مطالباً بالخبز والمسكن والأجر الكريم وتعليم أبنائه وعلاجهم والسير على طرقات وجسور طبيعية والحماية من اللصوص والاستغلال والابتزاز والحفاظ على المال العام والنزاهة في إنفاق موارد الدولة وميزانيتها. وهي حقوق أبسط بكثير من التعقيدات الداخلية والإقليمية التي تطرحها كل الميليشيات في الوطن العربي.
لا أحد ينكر خطر عودة «داعش»، وغيرها من الجماعات الإرهابية. ولا أحد يتنكر للقضية الفلسطينية. ولكن أُس المشكلة الحقيقية التي يواجهها لبنان والعراق هي ضعف الدولة وتفكك مؤسساتها. ووجود الدولة الحقيقية يتطلب بناء عقيدتها الأمنية في تبني حماية الشعب من هجمات الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» و»داعش»، أو أي صراع مع دولة مجاورة مثل إسرائيل. والمسؤول الأوحد عن الدفاع عن الدولة هو الجيش الوطني وليس الميليشيات المتعددة التي تتبنى كل واحدة منها عقيدة قتالية خاصة بها، وتدير علاقات داخلية وخارجية باستقلالية عن الدولة، وتتلقى دعماً مادياً ومعنوياً من جهات متعددة قد تكون على خلاف مع الدولة. لذلك فإن بناء دولة مؤسسات قوية وديمقراطية تخدم كافة فئات الشعب بالعدل والمساواة. وتتولى الحماية التامة للشعب وتنظمها في حالة الطوارئ يتطلب حل كل الميليشيات التي لا تظهر إلا في ظروف اضمحلال الدولة الوطنية المركزية.
ومعركة الاحتجاجات التي يخوضها اللبنانيون والعراقيون هي من أصعب وأطول المعارك، لأنها معركة تجلي الوعي ضد الفكر الزائف. الوعي بأن الدولة للجميع دون محاصصات طائفية، وأن وظيفة الدولة خدمة المواطنين وحفظ حقوق الأجيال القادمة. والفكر الزائف الذي يواجهونه هو سرقة الشعارات الوطنية والاختفاء خلفها. تلك الشعارات التي مات لأجلها آلاف الشرفاء ليبقى قلة من الانتهازيين فوق كراسي الزعامة.
في العراق ولبنان اللتين تعيشان واقع التشظي السياسي «الرسمي» ذاته، تحاول كل جماعة سياسية الحفاظ على تواجدها من أجل الحفاظ على مكاسبها بذرائع عديدة، لم تعد غالبية كلا الشعبين تؤمن بها، لسبب بسيط وهو أن المواطن العادي أمام هذا السيل الجارف من الخطب والشعارات، صار يفتقد لأدنى الخدمات التي تحفظ له كرامته الإنسانية. فالبلدان يعيشان حالة شبه انهيار في كافة الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية، فضلاً عن تلويح الانهيار الاقتصادي بالوقوع في أي لحظة. وصار الحلم الأول والطموح الأكبر لأي عراقي أو لبناني هو الحصول على فرصة للهجرة، حتى لو أدى الأمر إلى الغرق في البحر أثناء عمليات الهروب أو... التهريب.
في العراق يحاول «الحشد الشعبي» وغيره من الميليشيا الحفاظ على بقائها خارج تنظيم الدولة بذريعة ضرورة وجودها لمحاربة «داعش». وعلى الرغم من إطلاق «حزب الله» خطابات تؤيد حراك اللبنانيين إلا أنه في المقابل، يحذر ويهدد من أي محاولة لنزع سلاحه باعتبارها تنفيذاً لمخطط أمريكي إسرائيلي يهدف للقضاء على المقاومة.
وأمام هذه الذرائع يقف المواطن اللبناني والعراقي مطالباً بالخبز والمسكن والأجر الكريم وتعليم أبنائه وعلاجهم والسير على طرقات وجسور طبيعية والحماية من اللصوص والاستغلال والابتزاز والحفاظ على المال العام والنزاهة في إنفاق موارد الدولة وميزانيتها. وهي حقوق أبسط بكثير من التعقيدات الداخلية والإقليمية التي تطرحها كل الميليشيات في الوطن العربي.
لا أحد ينكر خطر عودة «داعش»، وغيرها من الجماعات الإرهابية. ولا أحد يتنكر للقضية الفلسطينية. ولكن أُس المشكلة الحقيقية التي يواجهها لبنان والعراق هي ضعف الدولة وتفكك مؤسساتها. ووجود الدولة الحقيقية يتطلب بناء عقيدتها الأمنية في تبني حماية الشعب من هجمات الجماعات الإرهابية مثل «القاعدة» و»داعش»، أو أي صراع مع دولة مجاورة مثل إسرائيل. والمسؤول الأوحد عن الدفاع عن الدولة هو الجيش الوطني وليس الميليشيات المتعددة التي تتبنى كل واحدة منها عقيدة قتالية خاصة بها، وتدير علاقات داخلية وخارجية باستقلالية عن الدولة، وتتلقى دعماً مادياً ومعنوياً من جهات متعددة قد تكون على خلاف مع الدولة. لذلك فإن بناء دولة مؤسسات قوية وديمقراطية تخدم كافة فئات الشعب بالعدل والمساواة. وتتولى الحماية التامة للشعب وتنظمها في حالة الطوارئ يتطلب حل كل الميليشيات التي لا تظهر إلا في ظروف اضمحلال الدولة الوطنية المركزية.
ومعركة الاحتجاجات التي يخوضها اللبنانيون والعراقيون هي من أصعب وأطول المعارك، لأنها معركة تجلي الوعي ضد الفكر الزائف. الوعي بأن الدولة للجميع دون محاصصات طائفية، وأن وظيفة الدولة خدمة المواطنين وحفظ حقوق الأجيال القادمة. والفكر الزائف الذي يواجهونه هو سرقة الشعارات الوطنية والاختفاء خلفها. تلك الشعارات التي مات لأجلها آلاف الشرفاء ليبقى قلة من الانتهازيين فوق كراسي الزعامة.