الشعوب في كل أرجاء المعمورة، تواقة للأمن والاستقرار واستتباب السلام، فالمصلحون من خيرة الرجال من كل تجمع أو مستعمرة بشرية، يلهمهم الله تعالى ما يمكنهم به من المحافظة على أنفسهم وأموالهم وكف أيدي بعضهم عن بعض فتسود الطمأنينة بينهم، وتستقيم معيشتهم، فلا يطمع طامع في مال غيره، ولا يعتدي شاذ على محارم الآخر، ويبنون موطنهم من طين وحجارة وماء أرضهم، ويعرف السكان حدود بيوتهم ومزارعهم ومصانعهم وسبل الكد بإجتهاد، ويأكل مما زرعته وصنعته يده، وهكذا يمتد تكاتف أهل هذا الموطن للحفاظ على كيانهم بالقلاع والحصون، وتدريب الجيوش لحراسة الحدود من كيد الكائدين واعتداء المعتدين، إذ ثبت في عصرنا المعاش، إن القوة تردع كل طامع ومعتدٍ، والمهم وحدة القيادة مع الشعب، وحدة قائمة على العدل والمساواة، وهذا حاصل في مملكتنا ولله الحمد خاصة في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، صاحب المشروع الإصلاحي الشامل، ووقوف صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر بكل ما أوتي من قوة وحنكة سياسية وصلابة إلى جانب الملك المفدى وتنفيذ سياسته الطموحة، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الأول المشهود له بانفتاح أفق ورؤية واضحة للحاضر والمستقبل، انفتاح يسانده علم وحلم وفهم لما تتطلبه المملكة، لنيل قطوفها اليانعة، من أجل عيش كريم لكل مواطن، حفظهم الله تعالى جميعاً ووفقهم كل التوفيق والسداد، وبمساعدة من القاعدة العريضة من جموع الشعب الوفي.

«كانت بلدية المنامة هي الجهة المسؤولة عن الحراسة، وكانت الشرطة تابعة لها، بالإضافة إلى بعض النواطير المخصصين للحراسة الليلية، وفي عام 1926 أنشأت اول نواة للشرطة النظامية بقيادة ضابط بريطاني معار من الجيش الهندي، ثم تسلم الكابتن إل.إس.بارك وظيفة قمندان للشرطة كمساعد للمستشار بلجريف، ومكث حتى عام 1932»، «المرجع مسيرة وطن من اعداد الأستاذ عبدالعزيز يوسف احمد السيد»، علماً إن أول بلدية أنشئت في عام 1919.

«ثم كونت قوة نواطير من 150 فرداً، ليكونوا حراساً في الليل لمدينتي المنامة والمحرق»، «نفس المرجع»، «وجاء الوقت لتعلن الحكومة للملأ عزمها تشكيل بوليس وبمعاش 40 روبية للنفر، مع مؤنة غذائية شهرية – لمن يريد المزيد من المعلومات يرجع إلى نفس الكتاب-، ثم أنشأت فرقة للهجانة في الأربعينيات من القرن الماضي».

وفي عام 1935 أنشأت فرقة للموسيقى، وتلت ذلك فرقة لحراسة السواحل، وأول سفينة كانت خشبية من صنع محلي وتحمل اسم حوار – نفس المرجع – وبما ان بلادنا تسير سيراً حثيثاً في سلم التحضر والرقي وبناء هذه الدولة الفتية، لا في هذا الجانب فقط، وإنما على جميع المستويات و الجوانب.

وفي مصدرٍ آخر، أن أول بحريني تولى رئاسة الشرطة المغفور له الشيخ خليفة بن محمد بن عيسى بن علي آل خليفة عام 1937 للكاتب العقيد خليل إبراهيم الشنو، وثم صاحب السمو المغفور له الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة.

وأنا ومن هم في سني وأكبر مني سناً قليلاً، عاصرنا حقبة رئيس الشرطة الأول والثاني رحمهما الله واسكنهما فسيح جناته.

وفي أواخر الخمسينيات تولى هذه المهمه ذات المسؤولية الكبرى صاحب السمو الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة وبعد الإستقلال أصبح وزيراً للداخلية، وبذلك يعد أول وزير يعين للداخلية، وشهدت هذه الوزارة في عهده تطوراً كبيراً ومشهوداً، من حيث تحديث الشرطة في المجال الشرطي والأمني، ويعد سمو الشيخ محمد بن خليفة أول من أدخل العنصر النسائي في الشرطة، وأول من طور إدارة الهجرة بالقوانين العصرية، ومن أهمها صدور تأشيرة لدخول البحرين لمدة 72 ساعة، تعطى للسواح والتجار بالمطار بشرط حمل طالبها إثبات أسباب مجيئه إلى البلاد مع وجود تذكرة سفر للعودة صالحة، وهذا حل إشكالاً كبيراً وأوجد مصدر دخلٍ للبلاد، وأظهر وجهاً حضارياً للبحرين عالمياً.

وإذا كنا هذه الأيام نحتفل مع الداخلية بعيدها المئوي الأول، فاننا نزداد فخراً واعتزازاً بالنقلة الحضارية والتقدمية التي بلغتها هذه الوزارة في أجهزتها المتعددة والمتشعبة ذات الكفاءة العالية، محافظة على مكتسابات الوطن والمواطنين، بقيادة معالي وزير الداخلية، الفريق أول ركن، معالي الشيخ، راشد بن عبدالله آل خليفة حفظه الله تعالى ورعاه، وما يقدمه كل مسؤول في الوزارة من بذل وعطاء وفاء وفداء لبلاده، وبعين ساهرة على أمن الوطن، ودامت مملكتنا عزيزة مطمئنة بقيادة وحكمة مليكنا المفدى، وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، حفظهم الله تعالى ذخراً وسدد خطاهم، ودامت أفراح مملكة البحرين.

* مؤسس نادي اللؤلؤ، وعضو بلدي سابق، وناشط اجتماعي