يختلف كثيرون على علم الطاقة وصحته وحقيقته، وكنت في فترة سابقة اهتممت بالموضوع وقربته قليلاً من خلال المطالعة حيناً ومن خلال التطبيقات العملية لبعض التمارين والدروس على سبيل الفضول والتجربة حيناً آخر. هو موضوع مثير حقيقةً ولكن مازال يكتنفه كثير من الغموض ويداخله كثير من التشويه والتشويش والتداخل إذ تلقفه في بعض المراحل والأحيان من هم غير أهل لتبنيه أو تطبيقه، بل ولربما تم استغلاله في مجالات أخرى جعلت منه كارثة بدل أن يكون ترجماناً للوعي وبوابة لرحمة البشر لأنفسهم واستجلابهم لرحمات الرب المنتشرة في أرجاء الكون الواسع.

ولربما الحديث عن انتشار الرحمة أو الكوارث في الكون معقد جداً، ويتطلب الكثير من الشرح في مجموعة من الأبواب ذات العلاقة بالاتصال البشري بالكون، فضلاً عن فهم الفراغ ووظيفته، ووصولاً إلى مشروعية العمل بعلم الطاقة في الدين الإسلامي أو موقعها منه، وربما يخالط ذلك تداخل أو غموض لدى البعض للربط بالكارما ما يستدعي مزيداً من التوضيح من هنا وهناك، وأعد أن سأتناول تلك الموضوعات في قادم الأيام في حدود ما أتيح لي من معرفة، مستنيرة ببحث مستفيض حول بعض القضايا امتد لما يقارب عام كامل قضيته ممتنعة عن التطرق للموضوع في مقالاتي لحين تزودي منه وضمان اقتناعي بما يشتمل عليه وإذا ما كان هذا أساساً من العلوم المشروعة في العقيدة الإسلامية أو مما يجب تجنبه، ولنا في ذلك وقفات كثيرة إن شاء الله.

إن الحديث عن الوعي الذي تناولناه في مقالات سابقة، يفضي إلى الحديث عن ثوابت وأسس في الدين الإسلامي لطالما كانت مغيبة عنا، أو لربما كان فهمنا له -في ضوء التفسير التقليدي للنصوص الدينية- فهماً مغلوطاً، ولا شك في أن المتنورين والأكثر وعياً في مجتمعاتنا يعرفون جيداً ما قد تلقيه الأنظمة السياسية على النصوص من تفسيرات بما يخدم مصالحها أحياناً، وما قد تعكسه ذكورية المجتمع في تقديم شروحات ذكورية أكثر مما هي تفسيرات حقيقية لمعنى النصوص، ثم إن من الأخطاء التي نقع فيها أحياناً أخذ الآيات والأحاديث بمعانيها الظاهرة دون التأمل في معانيها الكامنة، ودون إقامة الروابط المنطقية بين الآيات في سياقات معينة مفندة أبعادها ذات الارتباط بالعالم الكوني، من باب أن العلم الشرعي علم مستقل يتناول بعض القواعد الأساسية في الحياة ولكن إسقاطات الإعجاز العلمي على القرآن مسألة بالغة الخطورة وغير قابلة للتحقق. وكل ذلك موضع نظر، ويستحق المراجعة، ويسترعي الالتفات للتفسيرات المعاصرة وما أقامته من أدوات ربط مع بقية المجالات العلمية باعتبار أننا نتعاطى مع مبدأ الأحادية المنطلق من الوحدانية، وهو مبدأ يؤكد أن الكون واحد والروح واحدة وأن مسألة الثواب والعقاب تقوم على مبدأ فردي لا جماعي.

* اختلاج النبض:

إنما هو مجرد تمهيد مقتضب استعرض الأفكار المثيرة للجدل للمضي قدماً في رحلة تفنيدها والبحث في أعماق العلم بدلاً من ملامسة قشوره وتقديم الأحكام المطلقة بصحة مجال وبطلان آخر. فلحين الوقوف على كافة المفاصل، والانتهاء من سلسلة ضخمة أعكف على إعدادها في هذا السياق، لنا وقفة ختامية نفند فيها الأمور ونصل وإياكم لمعنى الحقيقة وما تشتمل عليه فعلياً.