على مدى سنوات الميثاق المبارك، حققت مملكة البحرين إنجازات نوعية كبيرة على مختلف الصعد عبرت بها إلى المستقبل، متكئة على رؤية حكيمة وفكر مستنير لجلالة القائد ودعم ومساندة من شعب وفيّ، آمن أن هذا الوطن لن يبنى إلا بسواعد أبنائه، رجالاً ونساءً، وصولاً إلى الغد الأجمل والوطن الذي يفاخر به الجميع.

ولا شك أن المرأة البحرينية، والتي لم تنسَ دورها كأم وزوجة ومربية أجيال، استطاعت خلال العقدين الماضيين أن تحقق إنجازات نوعية، لم يكن لها أن تتحقق لولا الرعاية والدعم الملكي السامي، وما جاء به ميثاق العمل الوطني من تأصيل لدور المرأة في المجتمع، فكانت الأنموذج الأجمل لإنجازات الميثاق، واستطاعت أن تتبوأ مكانتها المستحقة في العمل العام، داخلياً وخارجياً.

ويُعد إنشاء المجلس الأعلى للمرأة، بأمر أميري في الثاني والعشرين من أغسطس عام 2001، وبرئاسة صاحبة السمو الملكي، الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، أحد أهم الإنجازات التاريخية للمرأة البحرينية، والذي أخذ على عاتقه ضمان تحقيق الاستقرار الأسري في إطار الترابط العائلي والمجتمعي، ورفع قدرة المرأة في المساهمة التنافسية في العملية التنموية القائمة على أسس تكافؤ الفرص وإدماج احتياجات المرأة فيها، وبما يحقق لها فرصاً متجددة للارتقاء بخياراتها نحو جودة حياتها، وليكون المجلس بيت للخبرة الوطنية المتخصص في شؤون المرأة.

وخلال سنوات الميثاق، حققت المرأة البحرينية إنجازات فريدة ونوعية، حيث ساهمت وبشكل حقيقي في قيادة العمل العام والخاص، ضمن منظومة متطورة من التشريعات والقوانين الرائدة على مستوى المنطقة والعالم، أكدت في مجملها مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، وأتاحت للمرأة الفرصة الكاملة لتكون الشريك الحقيقي في بناء الدولة، وتساهم في تعزيز التنمية المستدامة لكل أبناء البحرين من خلال ما تبوأته من مواقع قيادية.

فعلى الصعيد المحلي، شكلت المرأة البحرينية نموذجاً فريداً لسيدات العالم، فكانت البحرينية أول سيدة على مستوى الخليج تفوز بانتخابات حرة لعضوية المجلس البلدي والمجلس النيابي، وهو ما يعني الثقة المطلقة من المواطنين بإمكانياتها وقدرتها على العطاء، كممثل لأبناء الوطن.

وتتويجاً لهذه الثقة، وبعد أن نالت المرأة البحرينية ثقة المواطنين، استطاعت أن تنال ثقة زملائها ممثلي الشعب، فتبوأت رئاسة مجلس النواب بكل ثقة واقتدار.

وهذه الثقة تكررت في العديد من الصور ومن خلال انتخاب سيدات على رأس الجمعيات المهنية والمنظمات الأهلية، فتولت المرأة رئاسة عدد من الجمعيات، ومنها «الصحافيين» و»الأطباء» و»المحامين».. إلى جانب وجود حقيقي في الكثير من الجمعيات السياسية، إلى جانب مشاركة فعالة في العمل السياسي من خلال الترشح والانتخاب في خمس دورات بلدية ونيابية.

ولتحقيق مبدأ العدالة في الفرص، فقد حرص جلالة الملك المفدى على أن تكون المرأة حاضرة في مجلس الشورى، حيث تم تعيين سيدات ذوات كفاءة وخبرة ومستوى أكاديمي رفيع ليكنَّ ضمن الغرفة الثانية في السلطة التشريعية، ما انعكس بشكل إيجابي على أداء هذه السلطة، وأثمر قوانين وتشريعات متطورة.

كذلك لم تكن المرأة البحرينية بعيدة عن العمل الحكومي، فقد شاركت بفعالية في مناصب عليا، فكانت الوزيرة والوكيلة والمديرة، وفي مختلف التخصصات والوزارات، وأثبتت كفاءتها وقدرتها على إدارة العمل العام بكل حرفية ومهنية.

أما على صعيد قطاع الأعمال الخاصة، فكانت المرأة دائماً حاضرة في ممارسة مختلف الأعمال وحققت نجاحات كبيرة، بل واستطاعت أن تقود كبرى المؤسسات المالية والصناعية والتجارية بحرفية عالية، وأن تحقق نتائج مبهرة في القطاع الخاص.

يضاف إلى كل ذلك، ما استطاعت المرأة البحرينية تحقيقه على المستوى الدولي، حيث كانت أول عربية ومسلمة تتولى رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتولت مهام قيادية في العديد من المنظمات الدولية، إلى جانب نجاحها أن تكون ممثلاً لوطنها وسفيرة في أكبر عواصم العالم.

هذه المرأة في عهد الميثاق، والتي لم تتخلَّ عن دورها الطبيعي كأم وزوجة، فكانت المربية والقاضية والطبيبة والمهندسة والعسكرية، فهي شقيقة الرجل، واليد الأخرى في بناء الوطن، والمؤمنة دائماً أن هذا الوطن يستحق من الجميع الولاء والإيمان بالقدرة على البناء والتنمية.

* إضاءة..

«أخص بالذكر ما تتولاه المرأة البحرينية، المحافظة على هويتها الوطنية وتقاليدها الأصيلة، من دور طليعي ساهم في تشكيل الصيغة العصرية والمتحضرة لدولتنا المدنية، متجاوزين بذلك مرحلة التمكين والدعم والمطالبة بالحقوق، إلى مرحلة نشهد فيها حضوراً متقدماً ومسؤولاً للمرأة البحرينية». من كلمة جلالة الملك في افتتاح دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس لمجلسي الشورى والنواب.