الخميس 20-2-2020، لم يكن مميزاً بالتاريخ الأنيق الذي ختم به الأسبوع، فحسب. كان مميزاً أيضاً بحلول ضيف جديد لم تشهد قدومه أجيال كثيرة. إنه الجراد. يوم الخميس كنت كالعادة في مقر عملي. لم أصدق كثيراً التهويلات الاجتماعية والإعلامية التي روجت لمرور أسراب الجراد ولوضوح رؤيته في العديد من مناطق البحرين. ولا أدري، حقيقة، لماذا لم أصدق!! ولكنني دهشت حين غادرت موقع عملي وأنا أشاهد سرباً ضخماً من الجراد عبر زجاج السيارة. للوهلة الأولى خلته سرب طيور. لكن الظلال السوداء التي كانت تكتنف السرب لفتت تركيزي. فتمكنت من التقاط إحدى الجرادات الرشيقات وهي تلف حول نفسها. إنه حدث مثير... ففي سمائنا جراد يحلق!
تشير التعقيبات الإخبارية إلى أن موجات الجراد التي اجتاحت منطقتنا خلال عامين هي الأكبر منذ سبعين عاماً. ويعود السبب في ذلك إلى التغيرات المناخية التي زادت من ارتفاع درجات الحرارة. فالجراد يعيش غالباً في المناطق الدافئة والاستوائية. وتكمن خطورة الجراد في كبر حجمه وقدرته الكبيرة على التكاثر وكفاءة الطيران عنده التي تتجاوز مائتي كيلو متر يومياً وقدرته المهولة على الالتهام، التي تزيد من مخاطر التأثير على كمية الغذاء للبشر في مناطق صار يغلب عليها الجفاف وتراجع الخطط التنموية.
ومع وصول وفود الجراد إلى البحرين استقبلتها الجماهير بصدر رحب وبالنكات وبمقاطع الفيديو التي تحتفي بوجبات الجراد. بعث قدوم الجراد جواً من الطرافة والسعادة الخفية لا لشيء سوى أننا غير معتادين على زيارتها، وأنها في أسوأ الحالات لن تشكل خطراً داهماً على مجتمعنا، إذا ما قورنت بفيروس كورونا على سبيل المثال. فنحن في الأساس لسنا بيئة زراعية قد يتعرض اقتصادها وأمنها الغذائي للخطر بسبب الجراد.
ويبدو كذلك أن مجتمعاتنا على تماس مع الحنين للزمن الذي كان فيه الجراد جزءاً أصيلاً من المجتمع. فقد كان الجراد هبات السماء والرياح والمواسم بوجبات لذيذة غير دسمة يشتاق إليها الناس قديماً. وبالتصنيف العلمي فإن الجراد حشرة ولكن البروتين مكونها الأكبر فضلاً عن المعادن والأملاح التي تزخر بها الجرادة مما يجعلها، حسب تعبير متذوقيها، شهية وطرية ومقرمشة استناداً إلى أسلوب الطهي.
حاولت أن أبحث سريعا عن تموقع الجراد في تراثنا، القصص، الأساطير، الأمثال، الأهازيج، ولكني لم أجد وربما لم يسعفني الوقت السريع. وعلى الرغم من ذلك أتصور أن ثمة آثاراً للجراد في تراثنا وثقافتنا الشعبية. فهو أحد مكونات المجتمع التي هاجرت وانقطعت طويلاً عن بلادنا بفعل تآكل الرقعة الزراعية ولم يعد اليوم إلا بفعل الخلل المناخي.
لا شيء قد بعث على القلق من مرور أسراب الجراد. لقد تآلفنا سريعاً معها وتقبلناها. شعرنا بأننا جزء من هذه الطبيعة ومن حركتها ومن تقلباتها. مر الجراد على البحرين كما يمر المطر الخفيف. ملفتاً ومثيراً للحدث لكنه لا يتوقف عندنا ولا يترك أثراً مزعجاً.
تشير التعقيبات الإخبارية إلى أن موجات الجراد التي اجتاحت منطقتنا خلال عامين هي الأكبر منذ سبعين عاماً. ويعود السبب في ذلك إلى التغيرات المناخية التي زادت من ارتفاع درجات الحرارة. فالجراد يعيش غالباً في المناطق الدافئة والاستوائية. وتكمن خطورة الجراد في كبر حجمه وقدرته الكبيرة على التكاثر وكفاءة الطيران عنده التي تتجاوز مائتي كيلو متر يومياً وقدرته المهولة على الالتهام، التي تزيد من مخاطر التأثير على كمية الغذاء للبشر في مناطق صار يغلب عليها الجفاف وتراجع الخطط التنموية.
ومع وصول وفود الجراد إلى البحرين استقبلتها الجماهير بصدر رحب وبالنكات وبمقاطع الفيديو التي تحتفي بوجبات الجراد. بعث قدوم الجراد جواً من الطرافة والسعادة الخفية لا لشيء سوى أننا غير معتادين على زيارتها، وأنها في أسوأ الحالات لن تشكل خطراً داهماً على مجتمعنا، إذا ما قورنت بفيروس كورونا على سبيل المثال. فنحن في الأساس لسنا بيئة زراعية قد يتعرض اقتصادها وأمنها الغذائي للخطر بسبب الجراد.
ويبدو كذلك أن مجتمعاتنا على تماس مع الحنين للزمن الذي كان فيه الجراد جزءاً أصيلاً من المجتمع. فقد كان الجراد هبات السماء والرياح والمواسم بوجبات لذيذة غير دسمة يشتاق إليها الناس قديماً. وبالتصنيف العلمي فإن الجراد حشرة ولكن البروتين مكونها الأكبر فضلاً عن المعادن والأملاح التي تزخر بها الجرادة مما يجعلها، حسب تعبير متذوقيها، شهية وطرية ومقرمشة استناداً إلى أسلوب الطهي.
حاولت أن أبحث سريعا عن تموقع الجراد في تراثنا، القصص، الأساطير، الأمثال، الأهازيج، ولكني لم أجد وربما لم يسعفني الوقت السريع. وعلى الرغم من ذلك أتصور أن ثمة آثاراً للجراد في تراثنا وثقافتنا الشعبية. فهو أحد مكونات المجتمع التي هاجرت وانقطعت طويلاً عن بلادنا بفعل تآكل الرقعة الزراعية ولم يعد اليوم إلا بفعل الخلل المناخي.
لا شيء قد بعث على القلق من مرور أسراب الجراد. لقد تآلفنا سريعاً معها وتقبلناها. شعرنا بأننا جزء من هذه الطبيعة ومن حركتها ومن تقلباتها. مر الجراد على البحرين كما يمر المطر الخفيف. ملفتاً ومثيراً للحدث لكنه لا يتوقف عندنا ولا يترك أثراً مزعجاً.