تبوأ التعليم الإلكتروني في السنوات الخمس الماضية أولويةً في أغلب التوجهات الاستراتيجية والسياسات الأكاديمية لدى مؤسسات التعليم العالي على اختلاف فئاتها ومراحل استهدافها بدءاً من المعاهد الفنية «ما بعد المرحلة الثانوية» وانتهاءً بالمؤسسات الأكاديمية ومراكز البحث العلمي والتدريب الاحترافي، حيث أضحت أغلب الجامعات تتنافس في استقطاب وتوظيف المنصات الإلكترونية المتطورة مثل بلاك بورد، موودل ، مايكروسوفت ألترا، والفصول والمختبرات الافتراضية. وفي السياق ذاته، أخذت مؤسسات التعليم العالي تولي أهمية فائقة لتطوير مهارات منسوبيها - من أعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية على حد سواء - في مجال توظيف التقنيات الإلكترونية في العملية الأكاديمية وإدارتها. كل هذا يأتي من أجل هدف أساس ألا وهو تحقيق معايير الجودة الشاملة في العملية التعليمية التعلمية في السياق الجامعي من جهة وتطوير نوعية العمل المؤسسي فيها من جهة أخرى. من هذا المنطلق ولتحقيق أفضل النتائج من مبادرات توظيف منصات التعليم الإلكتروني في التعليم الجامعي، يوصي الباحثون في شؤون التعليم العالي بتطوير استراتيجيات توظيف وسائل التعليم والتعلم الإلكتروني بحيث تحقق أقصى درجات الدافعية لدى الطلبة للإقبال على العملية الأكاديمية من خلال منصات التعليم الإلكتروني المتاحة. وأولى هذه الاستراتيجيات هي توظيف تعابير الوجه من قبل الأستاذ المحاضر لتحسين نوعية العرض من جهة وزيادة التفاعل الطلابي أثناء التواصل في الفضاء الافتراضي من جهة أخرى. فطريقة التحدث والاستعراض الشفوي من قبل المحاضر للمادة العلمية أثناء التفاعل الافتراضي وطريقة تعابير الوجه للمحاضر أمام الكاميرا التي يرى الطلبة صورته فيها تستطيع أن تكون مؤشراً حقيقياً على مدى فاعلية التفاعل الذي يقوم به المحاضر أثناء التفاعل الافتراضي ومدى تحقيقه لنواتج التعلم المستهدفة. فحركات الفم والعين والوجنات كلها قد تلعب دوراً محورياً في الإشارة إلى مدى تفاعل الطلبة ومدى اندماجهم في الدرس الإلكتروني.

وبناءً على ذلك، فإن هناك إجراءات أساسية وجب على المحاضر الجامعي اتباعها لضمان سلامة توظيف وسائل التعليم الإلكتروني مثل إرسال التعليمات الخاصة بالتفاعل الإلكتروني مسبقاً للطلبة قبل الموعد الرسمي للمحاضرة الافتراضية وبدء المحاضر للدرس الافتراضي قبل موعد التواصل الرسمي بفترة بسيطة «10 دقائق تقريباً»، والتأكد من انضمام أغلب الطلبة للمحاضرة من خلال البدء بمحادثات جانبية مع الطلبة أثناء ولوجهم للدرس الافتراضي، وسلامة وجودة الصورة والصوت لديهم. كما ينصح التربويون في هذا المجال بضرورة تجنب عقد الدرس من قبل المحاضر أو الطلبة في الأماكن العامة كالمقاهي أو المجمعات التجارية، وذلك تفادياً للضوضاء التي قد تشتت الانتباه والتركيز على موضوع الدرس الافتراضي.

إضافةً إلى ما تقدم، وبما أن العملية التعليمية التعلمية تهدف أساساً لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاندماج الإيجابي للمتعلم في عملية التعلم، وجب على المحاضر ضمان تفعيل المشاركة والاندماج الطلابي أثناء التفاعل الإلكتروني. ويمكن تحقيق هذا من خلال جعل المشاركة الفاعلة سواء بالأسئلة أو أداء المهام متطلباً أساسياً لتسجيل الطلبة لحضورهم في الدرس الافتراضي. كما يمكن ضمان المشاركة الفاعلة للطلبة أثناء التواصل الإلكتروني من خلال تكليفهم المسبق بمهام أو تسخير الدرس الافتراضي لشرح ومناقشة واجب أساسي في المقرر الدراسي. وختاماً، يمكن الاستنتاج بأن التحول الرقمي متطلبٌ أساسيُ وليس خياراً ورفاهية في عملية التعليم والتعلم عامة وفي التعليم الجامعي خصوصاً، وهنا يجب التنويه إعجاباً بما قامت به جامعة البحرين من مبادرات رائدة في مجال التعامل المبكر في هذا التوجه العالمي من خلال توفير ورش التدريب على التمكين الرقمي لأعضاء الهيئة الأكاديمية وتوفير منصات التعليم الإلكتروني الشهيرة مثل بلاك بورد، بلاك بورد ألترا، وموودل ومايكروسوفت 365 لتحقيق التفاعل الإلكتروني بين المحاضر والطلبة وذلك من خلال سياسة واضحة تضمن عدم انتهاك الخصوصية للطرفين، وتضمن احترام أخلاقيات ومبادئ التعليم الجامعي الرصين.

* أستاذ مشارك – كلية البحرين للمعلمين – جامعة البحرين