من المؤكد بأن العالم ما بعد فيروس (كورونا) لن يكون مثلما كان قبلها. هذا ما يقوله الجميع. العالم سوف يتغير بكل تأكيد، وسوف تكون هنالك مراجعات عميقة سياسية واقتصادية وثقافية وحتى أخلاقية. فهنالك اليوم مؤشرات على أن هذا العالم مقدم على مرحلة تاريخية وحضارية في أفق هذا العقد الجديد. ولكن للأسف فالتركيز حالياً في معظم بلداننا العربية منصب على الأزمة، معايشتها والحد من أذاها حتى النهاية، إن كان لها نهاية في الأفق القريب. ولكن لا أحد تقريباً يخصص، ولو جزءاً بسيطاً من الجهود الفكرية والتخطيطية والسياسية والاقتصادية لمواجهة احتمالات المستقبل، ولإعداد خطة لمرحلتي الخروج من الأزمة والتعافي منها بإذن الله. وهذا أمر يجعل مدى التفكير والتخطيط متطابقين مع مدى الأزمة فقط في أفضل الأحوال، وهذا التماشي سيعقد عملية تجاوز الآثار العميقة والمتشعبة لما يجري على أرض الواقع في المستقبل. ولذلك فالمفروض العمل على: سكة المعالجة وسكة التحسب لما بعد الأزمة. وضرورة النظر إلى تبعات هذا الزلزال من الآن.
إن العالم بعد هذه الجائحة مقبل بالتأكيد على حقبة جديدة مختلفة في نمط التفكير وفي أسلوب الحياة على الأرجح، وبإمكاننا من الآن استخلاص بعض أهم هذه الدروس:
الأول: على الصعيد المحلي، لابد من الاعتراف بكل التقدير بأن إدارة الأزمة كانت على درجة عالية من الفعالية والحكمة. فعالة وجسورة في قراراتها وتوقيتاتها، مما أسهم في احتواء هذه الكارثة، والحد من آثارها، بفضل حسن التدبير والتخطيط وشجاعة القرار، مدعوماً كل ذلك بوعي مجتمعي كبير في مجمله. كما أكدت هذه المحنة أن ما أنفقته الدولة خلال العقود الماضية في الاستثمار في الصحة العامة لم يذهب سدى، حيث ظهرالنظام الصحي في البحرين كأفضل ما يكون، بل هو من أفضل الأنظمة في العالم، لأنه نظام عمومي، تديره الدولة ولأنه نظام متقدم استثمرت فيه الدولة كثيراً. وتخيلوا لو أن هذا النظام كان تحت رحمة القطاع الخاص، لا قدر الله، ماذا كان سيحدث؟؟!!
الثاني: إن أغلب الدول الآسيوية أثبتت كفاءتها في إدارة هذه الأزمة، بما تمتلكه من التزام وحنكة إدارية وانضباط مجتمعي، وصرامة في الأنظمة الحكومية، وعدم التردد في اتخاذ القرار وتنفيذه، والتعامل بطريقة إبداعية مع الأزمة، والأهم من ذلك أنها تمتلك نظاماً قيمياً صارماً وقوياً. ومثال ذلك الصين التي أثبتت أنها الأقدر على إدارة هذه الأزمة، بقوة نظامها السياسي، وانضباط شعبها وصبرها، في مقابل المجتمعات الغربية، والتي بالرغم من تقدمها، كان واضحاً أن نظامها الصحي كان مترهلاً وغير كفء، وأنها لا تمتلك نفس القدر من الانضباط الاجتماعي والقيمي، ولذلك كانت الأكثرتضرراً.
الثالث: أظهرت الأزمة فشل الرأسمالية المتوحشة في إدارة مجتمعاتها التي تعاني من فوارق طبقية طاحنة، وتركز معظم الموارد بين أيدٍ أقلية رأسمالية جشعة لا تعبأ بالشعوب، وكان واضحاً أن هذا النظام لم يستطع حماية الناس من هذا الوباء بالرغم من امتلاك هذه الدول الرأسمالية أموالاً وثروات هائلة. حيث نجد أن عدد الإصابات في القارة الأوروبية قد بلغ أرقاماً مرعبة، وأن عدد الوفيات هو الأكثر في العالم. ومثال ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية – بالرغم من عملقتها الاقتصادية والعسكرية في العالم – بات جلياً أنها تعاني من هشاشة نظامها الصحي والاجتماعي، ومن انهيار منظومتها القيمية، ولذلك من المرجح أنها سوف تكون في المستقبل معرضة لأزمات خانقة، قد تتسبب في تراجع مكانتها الدولية في النهاية.
وباختصار شديد فإن الدول التي ستنجو من براثن هذه الأزمة الخانقة بأقل الأثمان هي الدول التي استثمرت في الخدمات لصالح الإنسان، وفي بناء الطاقات العلمية، وأن الشعوب التي ستنجو هي الأكثر انضباطاً وصبراً والأبعد عن الأنانية، والتي تملتك منظومة قيم أخلاقية.
* همس:
ألوذ بالصمت الهادر
في بياض الصمت،
والعمر ذهاب،
في لجة الروح،
في أقاصي الغابة المطرية،
وفي صفحات البحر الزاحف
على قلبي.
إن العالم بعد هذه الجائحة مقبل بالتأكيد على حقبة جديدة مختلفة في نمط التفكير وفي أسلوب الحياة على الأرجح، وبإمكاننا من الآن استخلاص بعض أهم هذه الدروس:
الأول: على الصعيد المحلي، لابد من الاعتراف بكل التقدير بأن إدارة الأزمة كانت على درجة عالية من الفعالية والحكمة. فعالة وجسورة في قراراتها وتوقيتاتها، مما أسهم في احتواء هذه الكارثة، والحد من آثارها، بفضل حسن التدبير والتخطيط وشجاعة القرار، مدعوماً كل ذلك بوعي مجتمعي كبير في مجمله. كما أكدت هذه المحنة أن ما أنفقته الدولة خلال العقود الماضية في الاستثمار في الصحة العامة لم يذهب سدى، حيث ظهرالنظام الصحي في البحرين كأفضل ما يكون، بل هو من أفضل الأنظمة في العالم، لأنه نظام عمومي، تديره الدولة ولأنه نظام متقدم استثمرت فيه الدولة كثيراً. وتخيلوا لو أن هذا النظام كان تحت رحمة القطاع الخاص، لا قدر الله، ماذا كان سيحدث؟؟!!
الثاني: إن أغلب الدول الآسيوية أثبتت كفاءتها في إدارة هذه الأزمة، بما تمتلكه من التزام وحنكة إدارية وانضباط مجتمعي، وصرامة في الأنظمة الحكومية، وعدم التردد في اتخاذ القرار وتنفيذه، والتعامل بطريقة إبداعية مع الأزمة، والأهم من ذلك أنها تمتلك نظاماً قيمياً صارماً وقوياً. ومثال ذلك الصين التي أثبتت أنها الأقدر على إدارة هذه الأزمة، بقوة نظامها السياسي، وانضباط شعبها وصبرها، في مقابل المجتمعات الغربية، والتي بالرغم من تقدمها، كان واضحاً أن نظامها الصحي كان مترهلاً وغير كفء، وأنها لا تمتلك نفس القدر من الانضباط الاجتماعي والقيمي، ولذلك كانت الأكثرتضرراً.
الثالث: أظهرت الأزمة فشل الرأسمالية المتوحشة في إدارة مجتمعاتها التي تعاني من فوارق طبقية طاحنة، وتركز معظم الموارد بين أيدٍ أقلية رأسمالية جشعة لا تعبأ بالشعوب، وكان واضحاً أن هذا النظام لم يستطع حماية الناس من هذا الوباء بالرغم من امتلاك هذه الدول الرأسمالية أموالاً وثروات هائلة. حيث نجد أن عدد الإصابات في القارة الأوروبية قد بلغ أرقاماً مرعبة، وأن عدد الوفيات هو الأكثر في العالم. ومثال ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية – بالرغم من عملقتها الاقتصادية والعسكرية في العالم – بات جلياً أنها تعاني من هشاشة نظامها الصحي والاجتماعي، ومن انهيار منظومتها القيمية، ولذلك من المرجح أنها سوف تكون في المستقبل معرضة لأزمات خانقة، قد تتسبب في تراجع مكانتها الدولية في النهاية.
وباختصار شديد فإن الدول التي ستنجو من براثن هذه الأزمة الخانقة بأقل الأثمان هي الدول التي استثمرت في الخدمات لصالح الإنسان، وفي بناء الطاقات العلمية، وأن الشعوب التي ستنجو هي الأكثر انضباطاً وصبراً والأبعد عن الأنانية، والتي تملتك منظومة قيم أخلاقية.
* همس:
ألوذ بالصمت الهادر
في بياض الصمت،
والعمر ذهاب،
في لجة الروح،
في أقاصي الغابة المطرية،
وفي صفحات البحر الزاحف
على قلبي.