برزت مواقع التواصل الاجتماعي بأنواعها المتعددة خلال العقدين الماضيين، كمنصات رقمية متعددة الأغراض والوظائف والتكنولوجيا معتمدة على (الويب 2)، والتي تسمح بمشاركة مقاطع الفيديو والنص والصوت والصور والرسوم بطريقة أكثر تعاونية وتفاعلية. وشهدت السنوات العشر الماضية زيادة في مواقع الشبكات الاجتماعية بشكل لم يحدث فى وسيلة اتصالية وبنفس سرعة الانتشار والتأثير كانت سرعة الجدل والخلاف بشأن تقييمها والحكم عليها، سواء بين الباحثين أو بين رجال السياسة أو الجمهور المستخدم لها وانقسم كل فريق منهم ما بين مؤيد ومعارض أو بين من يرى أنها مفيدة أو ضارة، وبين كل تيار رؤيته على أدلة حقيقية ومنطقية، دعمتها الممارسات الفعلية والواقعية لمواقع التواصل الاجتماعي.
لقد بنى المؤيدون طروحاتهم الداعمة على ما أحدثته مواقع التواصل من تحول في الفكر الإنساني والحياة الاجتماعية للجمهور، حيث وظفت في إدارة الأعمال وإنهاء المصالح الجماهيرية، سواء الرسمية أو الخاصة. وباتت عنصراً فاعلاً فى التواصل الإنساني بين البشر على امتداد البسيطة، ناهيك عن الترفيه والتسلية والدردشة والتعلم عن بعد واكتساب المهارات وغيرها. كما باتت هذه المواقع الكبري مؤسسات اقتصادية عولمية عابرة للقارات تتعدى ميزانياتها ميزانيات بعض دول العالم الثالث، وباتت أيضا قوة مؤثرة في صنع القرار السياسي لدرجة أن حكومات الدول الكبرى في العالم عجزت أن تضع لها تنظيماً سريعاً يحد من جموحها.
على حين بنى الفريق الآخر رؤيته المعارضة لهذه الشبكات على الآثار السلبية والأضرار الاجتماعية والسياسية التي ارتبطت بشبكات التواصل، والتي يأتي في مقدمتها استخدامها فى نشر الشائعات والإثارة والإساءة والتشهير والافتراءات والحرب النفسية ضد أشخاص أو مجتمعات أو دول معينة. بجانب نشر الخوف وتصفية الخصوم وتصفية الحسابات السياسية، بل وتكريس ظاهرة الإدمان وارتباطها بالكثير من الأمراض النفسية لدى فئة الشباب، لدرجة أن زميلي البروفسير محمد عثمان أطلق عليها شبكات اللاتواصل اجتماعي، بسبب أنها أدت إلى ظاهرة العزلة الاجتماعية. ونتيجة لهذا الدور السلبي الذي يقضي على الإنسان ويضعف مناعته النفسية والاجتماعية والوطنية نتيجة التشكيك الذي تمارسه والشائعات التي تنشرها والعزلة التي دفعته لإدمانها جعلت من هذه المنصات فيروسات ضارة ومميته، ولكن بشكل آخر سواء نفسياً أو اجتماعياً أو سياسياً أو في السمعة والمكانة. وهو ما يجعلنا نرى أن هذه المنصات قد أصبحت خطراً كبيراً لا يقل تأثيره عن هذا الفيروس. وربما يزيد في إضراره ونتائجه على المجتمع الإنساني. والأخطر أن يجتمع الاثنان «كورونا وشبكات التواصل»، ويوجه كل منهما مضاره ومخاطره إلى نفس الجمهور أي الإنسان الأعزل الذي ليس معه أية أسلحلة للمقاومة وحماية الذات.
لقد أصبح الإنسان يقضي وقتًا طويلاً في استخدام الهواتف الذكية وأجهزة التابلت وأجهزة الكمبيوتر المحمولة لاستخدامها فى الدردشة، وتحميل الصور / مقاطع الفيديو ونشر الأخبار وإنتاج الآراء في شكل تعليقات أو بوستات، وأصبح هناك أشخاص لهم متابعون على مستوى العالم يعدون بعشرات الملايين ومواقع يشترك فيها مئات الملايين حول العالم.
إن الرؤية الأكثر موضوعية لتقييم هذه الشبكات تقتضي الانطلاق من فرضية أن كل شيء من صنع البشر له إيجابياته وله سلبياته، المهم هو استخدام الإنسان لهذا الشيء أو الآلة أو الاختراع. فقد سئل الشيخ محمد متولى الشعرواي رحمه الله عن التليفزيون في بداية دخوله العالم العربي ومدى حلاله من حرامه ارتكازاً على منهجية التناقض والمقارنة بين السلبي والإيجابي والضار والمفيد، فقال إنه «مثل السكين ممكن أن يستخدمها الإنسان في قضاء حاجاته وطعامه؛ كي يستطيع العيش والعمل، ويمكن أن تستخدم فى قتل البشر». وللحديث بقية.
* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال
لقد بنى المؤيدون طروحاتهم الداعمة على ما أحدثته مواقع التواصل من تحول في الفكر الإنساني والحياة الاجتماعية للجمهور، حيث وظفت في إدارة الأعمال وإنهاء المصالح الجماهيرية، سواء الرسمية أو الخاصة. وباتت عنصراً فاعلاً فى التواصل الإنساني بين البشر على امتداد البسيطة، ناهيك عن الترفيه والتسلية والدردشة والتعلم عن بعد واكتساب المهارات وغيرها. كما باتت هذه المواقع الكبري مؤسسات اقتصادية عولمية عابرة للقارات تتعدى ميزانياتها ميزانيات بعض دول العالم الثالث، وباتت أيضا قوة مؤثرة في صنع القرار السياسي لدرجة أن حكومات الدول الكبرى في العالم عجزت أن تضع لها تنظيماً سريعاً يحد من جموحها.
على حين بنى الفريق الآخر رؤيته المعارضة لهذه الشبكات على الآثار السلبية والأضرار الاجتماعية والسياسية التي ارتبطت بشبكات التواصل، والتي يأتي في مقدمتها استخدامها فى نشر الشائعات والإثارة والإساءة والتشهير والافتراءات والحرب النفسية ضد أشخاص أو مجتمعات أو دول معينة. بجانب نشر الخوف وتصفية الخصوم وتصفية الحسابات السياسية، بل وتكريس ظاهرة الإدمان وارتباطها بالكثير من الأمراض النفسية لدى فئة الشباب، لدرجة أن زميلي البروفسير محمد عثمان أطلق عليها شبكات اللاتواصل اجتماعي، بسبب أنها أدت إلى ظاهرة العزلة الاجتماعية. ونتيجة لهذا الدور السلبي الذي يقضي على الإنسان ويضعف مناعته النفسية والاجتماعية والوطنية نتيجة التشكيك الذي تمارسه والشائعات التي تنشرها والعزلة التي دفعته لإدمانها جعلت من هذه المنصات فيروسات ضارة ومميته، ولكن بشكل آخر سواء نفسياً أو اجتماعياً أو سياسياً أو في السمعة والمكانة. وهو ما يجعلنا نرى أن هذه المنصات قد أصبحت خطراً كبيراً لا يقل تأثيره عن هذا الفيروس. وربما يزيد في إضراره ونتائجه على المجتمع الإنساني. والأخطر أن يجتمع الاثنان «كورونا وشبكات التواصل»، ويوجه كل منهما مضاره ومخاطره إلى نفس الجمهور أي الإنسان الأعزل الذي ليس معه أية أسلحلة للمقاومة وحماية الذات.
لقد أصبح الإنسان يقضي وقتًا طويلاً في استخدام الهواتف الذكية وأجهزة التابلت وأجهزة الكمبيوتر المحمولة لاستخدامها فى الدردشة، وتحميل الصور / مقاطع الفيديو ونشر الأخبار وإنتاج الآراء في شكل تعليقات أو بوستات، وأصبح هناك أشخاص لهم متابعون على مستوى العالم يعدون بعشرات الملايين ومواقع يشترك فيها مئات الملايين حول العالم.
إن الرؤية الأكثر موضوعية لتقييم هذه الشبكات تقتضي الانطلاق من فرضية أن كل شيء من صنع البشر له إيجابياته وله سلبياته، المهم هو استخدام الإنسان لهذا الشيء أو الآلة أو الاختراع. فقد سئل الشيخ محمد متولى الشعرواي رحمه الله عن التليفزيون في بداية دخوله العالم العربي ومدى حلاله من حرامه ارتكازاً على منهجية التناقض والمقارنة بين السلبي والإيجابي والضار والمفيد، فقال إنه «مثل السكين ممكن أن يستخدمها الإنسان في قضاء حاجاته وطعامه؛ كي يستطيع العيش والعمل، ويمكن أن تستخدم فى قتل البشر». وللحديث بقية.
* أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال