الأرقام التي طالعتنا بها وزارة التربية والتعليم والتي تبين أداءها خلال جائحة فيروس كورونا تجعل المرء يفخر بمجهوداتها التي تفوقت فيها على أفضل المدارس الخاصة ذات الرسوم الفلكية. الوزارة قدمت مشكورة 3475 حصة متلفزة و2221 درساً عبر 14 قناة في «اليوتيوب» و1301 درس نموذجي بالإضافة إلى الكثير لضمان سير العملية التعليمية من دون توقف.
هذه الوزارة العتيدة على الرغم من كثرة الانتقادات لها في الآونة الأخيرة تستحق الإشادة على المجهود المميز الذي قامت به خلال الشهور الماضية. وأرى أن التعليم الحكومي الذي قدم لنا الوزراء والقضاة والمصرفيين والمهندسين والأطباء والمحامين والضباط والأدباء والفنانين على مدى عقود طويلة مازال قادراً على مواكبة العصر، وتقديم تعليم معقول جداً يضمن للطالب الأسس السليمة لمواصلة مشواره الأكاديمي أو المهني.
ولعل هذا الأداء المذهل في أحلك الظروف وأصعبها يزيل الشكوك عن مقدرة مدارس الحكومة على التحسين والتطوير. وقد يكون جرعة ثقة يحتاجها التعليم الحكومي بعد سنوات من «تكسير المجاديف» بسبب مقارنته بالتعليم في المدارس الخاصة التي تهافت عليها الناس، بحثاً عن «البريستيج» غالباً أو رغبة في تعلم أبنائهم اللغات في بعض الأحيان.
واللافت أن مدارس الحكومة -التي قلل من شأنها بعض الناس- ينتقل لها ما يقارب 1800 طالب من المدارس الخاصة سنوياً، وأعتقد أن لا تفسير لذلك سوى أن كثيراً من أولياء الأمور اكتشفوا أن التعليم الحكومي مازال على ما يرام.
«تغيرات التقاعد»
وحول موضوع الساعة الذي يتناوله الناس في البحرين منذ أيام، أبدى صديق انزعاجه من تقليص كل الامتيازات السابقة للتقاعد المبكر، الأمر الذي سيقضي على حلمه في ترك وظيفته الحالية من خلال التقاعد المبكر والتحرر من بيئة عمل جففت كل قطرة فرح في حياته. هذا الصديق الأربعيني، الذي توقفت ترقياته بعد وصوله إلى «آخر المربوط» في درجته الوظيفية، وتبخرت تقريباً فرصة انتقاله إلى درجة أو منصب أعلى، يجد نفسه محاطاً يوميّاً بأسود وثعابين يتربصون له ويسعدهم تصيد أخطائه، مما يشعره بالضيق وعدم الأمان. ومع التغير القادم في اشتراطات التقاعد فهو سيكون مضطراً إلى أن يبقى محبوساً في وظيفة لا مستقبل لها وفي مواجهة من لا يكن له الخير لسنوات أكثر لم تكن في الحسبان.
الوظيفة لا ينظر لها كمصدر لدخل شهري ثابت فقط، بل هي جزء مهم من حياة الرجل يقضي فيها جل وقته وتشعره بأهميته. والتقاعد المبكر كان أحد المخارج السحرية لمن لم يتأقلم مع بيئة عمله أو أيقن أن بقاءه يساوي خروجه.
أما الآن وبعد احتمالية سد باب الخروج فسيكون مصير كثيرين البقاء في سجن الوظيفة، وما تجلبه لهم من صراعات وحزن دائم وإحباط، كان الله في عونهم.
{{ article.visit_count }}
هذه الوزارة العتيدة على الرغم من كثرة الانتقادات لها في الآونة الأخيرة تستحق الإشادة على المجهود المميز الذي قامت به خلال الشهور الماضية. وأرى أن التعليم الحكومي الذي قدم لنا الوزراء والقضاة والمصرفيين والمهندسين والأطباء والمحامين والضباط والأدباء والفنانين على مدى عقود طويلة مازال قادراً على مواكبة العصر، وتقديم تعليم معقول جداً يضمن للطالب الأسس السليمة لمواصلة مشواره الأكاديمي أو المهني.
ولعل هذا الأداء المذهل في أحلك الظروف وأصعبها يزيل الشكوك عن مقدرة مدارس الحكومة على التحسين والتطوير. وقد يكون جرعة ثقة يحتاجها التعليم الحكومي بعد سنوات من «تكسير المجاديف» بسبب مقارنته بالتعليم في المدارس الخاصة التي تهافت عليها الناس، بحثاً عن «البريستيج» غالباً أو رغبة في تعلم أبنائهم اللغات في بعض الأحيان.
واللافت أن مدارس الحكومة -التي قلل من شأنها بعض الناس- ينتقل لها ما يقارب 1800 طالب من المدارس الخاصة سنوياً، وأعتقد أن لا تفسير لذلك سوى أن كثيراً من أولياء الأمور اكتشفوا أن التعليم الحكومي مازال على ما يرام.
«تغيرات التقاعد»
وحول موضوع الساعة الذي يتناوله الناس في البحرين منذ أيام، أبدى صديق انزعاجه من تقليص كل الامتيازات السابقة للتقاعد المبكر، الأمر الذي سيقضي على حلمه في ترك وظيفته الحالية من خلال التقاعد المبكر والتحرر من بيئة عمل جففت كل قطرة فرح في حياته. هذا الصديق الأربعيني، الذي توقفت ترقياته بعد وصوله إلى «آخر المربوط» في درجته الوظيفية، وتبخرت تقريباً فرصة انتقاله إلى درجة أو منصب أعلى، يجد نفسه محاطاً يوميّاً بأسود وثعابين يتربصون له ويسعدهم تصيد أخطائه، مما يشعره بالضيق وعدم الأمان. ومع التغير القادم في اشتراطات التقاعد فهو سيكون مضطراً إلى أن يبقى محبوساً في وظيفة لا مستقبل لها وفي مواجهة من لا يكن له الخير لسنوات أكثر لم تكن في الحسبان.
الوظيفة لا ينظر لها كمصدر لدخل شهري ثابت فقط، بل هي جزء مهم من حياة الرجل يقضي فيها جل وقته وتشعره بأهميته. والتقاعد المبكر كان أحد المخارج السحرية لمن لم يتأقلم مع بيئة عمله أو أيقن أن بقاءه يساوي خروجه.
أما الآن وبعد احتمالية سد باب الخروج فسيكون مصير كثيرين البقاء في سجن الوظيفة، وما تجلبه لهم من صراعات وحزن دائم وإحباط، كان الله في عونهم.