في هذا الوقت من كل عام نحتفل بتخريج أبنائنا وبناتنا من الثانوية العامة، ليبدؤوا مرحلة جديدة من حياتهم، ومن هؤلاء من اختار إكمال الدراسة الجامعية في جامعة البحرين لما فيها من تخصصات مختلفة تواكب التطور واحتياجات سوق العمل.

والنصيحة الذهبية دائماً هي اختيار التخصص القريب من اهتماماتهم ورغباتهم ومهاراتهم المكتسبة، وقد يكون رجوع الطلبة إلى المرشدين التربويين والمختصين مفيداً للحصول على التوجيهات التي تساعدهم على اختيار التخصص المناسب لهم في الجامعة، وفي هذا تأكيد على دور المختصين في هذه المرحلة المهمة من حياتهم. وأريد إلقاء الضوء على تخصص عمارة البيئة LandscapeArchitecture، كونه تخصص أكاديمي ومهني، يدرج تحت الدراسات والممارسات الهندسية المتعلقة بالبيئة المبنية، ويختص بتخطيط وتصميم وإدارة البيئات المبنية الخارجية، والتي تشمل المساحات الخضراء، والحدائق، والمتنزهات، والأماكن العامة، والفراغات العمرانية المفتوحة الأخرى، لتحقيق وظائف جمالية، واجتماعية، وبيئية، فهذا التخصص يركز على التنظيم المكاني للأماكن الخارجية لتلبية الاحتياجات البشرية وتعزيز المناظر الطبيعية أو المبنية مع الاهتمام بالبيئة بما فيها من نبات، وحيوان، وعناية بالأرض، والحفاظ على مواردها، والاستفادة منها. والتخصص يؤكد على أهمية زيادة الرقعة الخضراء والمساحاتالمفتوحة؛ لتعزيز النظام الإيكولوجي وتعزيز صحة الإنسان، وتحسين جودة الحياة.

وهذا التخصص ليس بالجديد في دراسات البيئة المبنية، حيث إنه يدرس في جامعات المملكة المتحدة والولايات المتحدة على نطاق واسع نظراً للحاجة لتطويرواستدامة المدن الحديثة.

وتستجيب «عمارة البيئة» إلى الديناميكيات الاجتماعية، والثقافية، والبيئية، وبالتالي فإن المهارات والمعرفة المكتسبة في هذا المجال تتميز بالتطور لتصبح بطبيعتها أكثر استجابة لهذه الديناميكيات واحتياجات الأجيال القادمة.

إنّ امتلاك الطالب كل من الحس الفني والاهتمامات التي تتعلق بالجانب الجمالي، يتماشى مع تخصص عمارة البيئة، كما أنّ امتلاك الحس المسؤول في الاهتمام بالبيئة وخدمة البشرية والإنسانية أيضاً مهم لهذا التخصص. فيعتبر «عمارة البيئة» متعدد التخصصات، حيث يتضمن تطوير المهارات والمعرفة حول الفن، والتصميم، والجغرافيا، والعلوم، خاصة فيما يتعلق بالإنسان والبيئة، وعلوم النبات، وتقنية المواد.

وفي مملكة البحرين اهتمام متزايد وحكيم بالتنمية المستدامة، وذلك لخلق بيئة مواتية تنسجم مع الوحدة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية، وكذلك للحد من التأثير على البيئة وتعزيز الهوية الإقليمية. ومن الجدير بالذكر أنّ الممارسة المهنية الجيدة لعمارة البيئة ترتكز على الاستدامة كوجه متأصل. وبناءً على ذلك، وفي ظل التطور في البحرين والاستراتيجيات المستدامة لعام 2030، أصبح تخصص عمارة البيئة أساساً للارتقاء بالمناطق العمرانية، وتوفير التوازن بين البيئات المبنية والطبيعية، وتحسين المشاريع المتعلقة بالأماكن الخارجية للناس، وأخيراً لحماية وتعزيز الطبيعة الجغرافية والبيئية المميزة في البحرين. ويكون ذلك بخلق فراغات مفتوحة قابلة للاستخدام، وذات معنى في البيئتين المبنية وغير المبنية مع حماية الخصائص الطبيعية، مما يتطلب فهماً جيداً ومعرفة ومهارات في تخطيط عمارة البيئة وتصميمها وإدارتها. وللحديث بقية.

* منسق برنامج بكالوريوس عمارة البيئة - كلية الهندسة - جامعة البحرين