من المعروف أن المواقف التي نمر بها والتي يكون لها الأثر على تغيير مسار حياتنا تبقى عالقة في ذاكرتنا مهما تقادم بها الزمن.
صف الحضانة وهو المرحلة الأولى، الأساسية والانتقالية من حضن الأم إلى كنف أم أخرى، لكن بالنسبة إلى طفل الحضانة هي فقط «السيدة الشريرة». كيف لا؟ وجميع الأطفال الذين اشترك معهم بغرفة واحدة يبكون بأعلى أصواتهم ويصرخون ويركلون الأرض بأرجلهم ويقولون أشياء لا أفهمها وأنا معهم أبكي بهدوء أحاول أن أكتم صوتي، لا أعلم إن كنت أدرك حينها أن البكاء والعويل ليسا من سمات الإتيكيت أو إن المعلمة قالت حينها بنبرة كلها تهديد:«من سيبقى مواصلاً في البكاء سأرميه في غرفة الفئران».
فبالطبع المكوث مع معلمة باردة الأعصاب سليطة اللسان تمشي ببطء السلحفاة وترمي علينا نظراتها الغاضبة أهون عليّ من أن أجد نفسي محاطة بغرفة أهابُ أن أذكر اسمها مع نفسي.
هذه الذكريات الأليمة عادت إلى ذاكرتي يوم أرسلت ابني الأول إلى صف الحضانة، فالبداية كانت قاسية ولكنني رأيت الأمر مغايراً في الأيام اللاحقة، وتكرر الأمر مع أبنائي الوسطيين إلى أن وصلت إلى آخر العنقود ابنتي الصغيرة فكان الأمر عصيباً في الأسبوع الأول ولكن سرعان ما تغير الأمر واختلف كلياً بعدها.
ومتعة الإجازة بالنسبة لها لا تعادل متعة وجودها في المدرسة. فالأمر يدعو إلى الاستغراب إلى أن عرفت السبب خلال أيام التدريس عن بعد ومكوثي معها عن قرب.
فالمعلمة لا تصرخ ولا تهدد ولا تزمجر ولا توَلوِل. وأسلوبها مشجع جميل وشرحها وافٍ ويسير وكلامها رزين وتعابيرها لا تخلو من التحفيز وابتسامتها ملازمتها وظاهرة للجميع. حينها أدركت سبب تعلق أبنائي بمدرسات الحضانة.
وهنا يستحضرني القول عن سيدة تعلمت من ثقافة كرمها ورقي تعاملها الكثير وكيف تعطي كل طفل إحساس بأنه شاب كبير والبنت أنها آنسة ذات شأن عظيم. إنها حقيقة السيدة ليلى شفيق مسؤولة قسم الروضة في مدارس المعارف الحديثة والذي يعجز القلم عن الكتابة بما يستحقه شخصها الكريم، فلها مـني قبلة على جبينها ملؤها كل المودة والتقدير، فهي من ألغت من رأسي وجود غرفة مليئة بالفئران لتحل مكانها غرفة مليئة بالمحبة والقلوب والمبتسمين...!
{{ article.visit_count }}
صف الحضانة وهو المرحلة الأولى، الأساسية والانتقالية من حضن الأم إلى كنف أم أخرى، لكن بالنسبة إلى طفل الحضانة هي فقط «السيدة الشريرة». كيف لا؟ وجميع الأطفال الذين اشترك معهم بغرفة واحدة يبكون بأعلى أصواتهم ويصرخون ويركلون الأرض بأرجلهم ويقولون أشياء لا أفهمها وأنا معهم أبكي بهدوء أحاول أن أكتم صوتي، لا أعلم إن كنت أدرك حينها أن البكاء والعويل ليسا من سمات الإتيكيت أو إن المعلمة قالت حينها بنبرة كلها تهديد:«من سيبقى مواصلاً في البكاء سأرميه في غرفة الفئران».
فبالطبع المكوث مع معلمة باردة الأعصاب سليطة اللسان تمشي ببطء السلحفاة وترمي علينا نظراتها الغاضبة أهون عليّ من أن أجد نفسي محاطة بغرفة أهابُ أن أذكر اسمها مع نفسي.
هذه الذكريات الأليمة عادت إلى ذاكرتي يوم أرسلت ابني الأول إلى صف الحضانة، فالبداية كانت قاسية ولكنني رأيت الأمر مغايراً في الأيام اللاحقة، وتكرر الأمر مع أبنائي الوسطيين إلى أن وصلت إلى آخر العنقود ابنتي الصغيرة فكان الأمر عصيباً في الأسبوع الأول ولكن سرعان ما تغير الأمر واختلف كلياً بعدها.
ومتعة الإجازة بالنسبة لها لا تعادل متعة وجودها في المدرسة. فالأمر يدعو إلى الاستغراب إلى أن عرفت السبب خلال أيام التدريس عن بعد ومكوثي معها عن قرب.
فالمعلمة لا تصرخ ولا تهدد ولا تزمجر ولا توَلوِل. وأسلوبها مشجع جميل وشرحها وافٍ ويسير وكلامها رزين وتعابيرها لا تخلو من التحفيز وابتسامتها ملازمتها وظاهرة للجميع. حينها أدركت سبب تعلق أبنائي بمدرسات الحضانة.
وهنا يستحضرني القول عن سيدة تعلمت من ثقافة كرمها ورقي تعاملها الكثير وكيف تعطي كل طفل إحساس بأنه شاب كبير والبنت أنها آنسة ذات شأن عظيم. إنها حقيقة السيدة ليلى شفيق مسؤولة قسم الروضة في مدارس المعارف الحديثة والذي يعجز القلم عن الكتابة بما يستحقه شخصها الكريم، فلها مـني قبلة على جبينها ملؤها كل المودة والتقدير، فهي من ألغت من رأسي وجود غرفة مليئة بالفئران لتحل مكانها غرفة مليئة بالمحبة والقلوب والمبتسمين...!