صدفة، وأثناء بحثي عن رقم الواتساب لإحدى الصديقات، ظهر لي اسم صديق آخر مشابه لاسمها في الحروف الأولى. إنه أحد الأصدقاء الذين توفوا منذ سنوات. استعدت ذكريات الحزن والألم. وتذكرت أن أكثر من صديق في قائمة الهاتف لدي قد توفوا عبر السنوات ومازلت أحتفظ بأرقام هواتفهم. تساءلت قليلاً.. هل أتفرغ قليلاً وأحذف أرقام «الموتى» من هاتفي؟ وكيف سأقضي هذا الوقت؟
فجأة، قررت، فعلاً، تخصيص بعض الوقت لحذف أرقام المتوفين متذرعة بحجة أن في قائمة الهاتف أسماء كثيرة عابرة ولم أعد أتواصل معهم وعلي تخفيف ذاكرة الهاتف. كما أن هذه الأرقام قد تتحول لغرباء لا حاجة لي بوجودهم في قائمة الهاتف. وحين بدأت التجوال بين الأسماء مر علي أسماء لأشخاص نسيت هويتهم وعلاقتي بهم، ولماذا أحتفظ بأرقامهم. أما أرقام من فقدتهم فقد كانت مصادفتهم مؤلمة. البعض آلمني أني نسيته. ونسيت وفاته. والبعض تذكرت ألم فراقه وكيف كان صعباً علي تجاوز حزن خسارته. البعض كانوا قريبين مني، ولدي معهم ذكريات خاصة جداً يصعب نسيانها. آخرون تذكرت صدمة خبر وفاتهم، لم يكونوا يشكون من شيء كانوا بصحة جيدة. ربما أصيبوا بخطب ما ولم أعلم به.. ومنهم من تذكرت معاناته الطويلة مع المرض. وكم مرة نجا ثم انتكس إلى أن رقدت روحه في سلام.
وحين انتهيت من المهمة الثقيلة التي لا أدري كيف اهتديت إليها. تذكرت أن بعض هؤلاء الأصدقاء رحمهم الله، لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي. وأن غيرهم ممن أشاركهم تلك الحسابات قد ارتقوا إلى الرفيق الأعلى أيضاً. لكنني لم ولن أفكر في تخفيف ذاكرة تلك الحسابات بالطريقة المتعبة ذاتها.
ومرة، كنت أقلب في درج مكتبي في المنزل، وعثرت على صورة لي مع أحد الشخصيات الإعلامية الذين توفوا. كانت ابتسامته مشرقة طيبة تبعث على الأمل. راسلني قبل وفاته بعام يسأل عن أحوالي، ويخبرني أنه خارج البلاد للعلاج. كان قد أخبرني منذ سنوات أنه يتعالج من الديسك الذي يعرقل عمله كثيراً. لكن حين توفى عرفت أن سفره الأخير كان للعلاج من مرض السرطان ولم يخبرني في رسالته الأخيرة!! إنه الآن يسكن صمت المقابر.
نحن محاطون بأكثر من عنوان للذين فقدناهم. يمكنهم غالباً الوصول إلينا على حين غفلة، لتذكيرنا بهم وبحضورهم الذي كان. كأنهم يقولون لنا نحن لا نزال في الأرجاء والأجواء نجوب جواركم فلا تنسونا.
ليس كل من غاب عنا يغيب عن الذاكرة. بعضهم عصي على النسيان. ولا يحتاج لصدفة، أو حادثة عارضة لنتذكره. ولن يمحو أثره حذف رقم هاتفه أو مسح بياناته من أي جهاز.
فجأة، قررت، فعلاً، تخصيص بعض الوقت لحذف أرقام المتوفين متذرعة بحجة أن في قائمة الهاتف أسماء كثيرة عابرة ولم أعد أتواصل معهم وعلي تخفيف ذاكرة الهاتف. كما أن هذه الأرقام قد تتحول لغرباء لا حاجة لي بوجودهم في قائمة الهاتف. وحين بدأت التجوال بين الأسماء مر علي أسماء لأشخاص نسيت هويتهم وعلاقتي بهم، ولماذا أحتفظ بأرقامهم. أما أرقام من فقدتهم فقد كانت مصادفتهم مؤلمة. البعض آلمني أني نسيته. ونسيت وفاته. والبعض تذكرت ألم فراقه وكيف كان صعباً علي تجاوز حزن خسارته. البعض كانوا قريبين مني، ولدي معهم ذكريات خاصة جداً يصعب نسيانها. آخرون تذكرت صدمة خبر وفاتهم، لم يكونوا يشكون من شيء كانوا بصحة جيدة. ربما أصيبوا بخطب ما ولم أعلم به.. ومنهم من تذكرت معاناته الطويلة مع المرض. وكم مرة نجا ثم انتكس إلى أن رقدت روحه في سلام.
وحين انتهيت من المهمة الثقيلة التي لا أدري كيف اهتديت إليها. تذكرت أن بعض هؤلاء الأصدقاء رحمهم الله، لديهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي. وأن غيرهم ممن أشاركهم تلك الحسابات قد ارتقوا إلى الرفيق الأعلى أيضاً. لكنني لم ولن أفكر في تخفيف ذاكرة تلك الحسابات بالطريقة المتعبة ذاتها.
ومرة، كنت أقلب في درج مكتبي في المنزل، وعثرت على صورة لي مع أحد الشخصيات الإعلامية الذين توفوا. كانت ابتسامته مشرقة طيبة تبعث على الأمل. راسلني قبل وفاته بعام يسأل عن أحوالي، ويخبرني أنه خارج البلاد للعلاج. كان قد أخبرني منذ سنوات أنه يتعالج من الديسك الذي يعرقل عمله كثيراً. لكن حين توفى عرفت أن سفره الأخير كان للعلاج من مرض السرطان ولم يخبرني في رسالته الأخيرة!! إنه الآن يسكن صمت المقابر.
نحن محاطون بأكثر من عنوان للذين فقدناهم. يمكنهم غالباً الوصول إلينا على حين غفلة، لتذكيرنا بهم وبحضورهم الذي كان. كأنهم يقولون لنا نحن لا نزال في الأرجاء والأجواء نجوب جواركم فلا تنسونا.
ليس كل من غاب عنا يغيب عن الذاكرة. بعضهم عصي على النسيان. ولا يحتاج لصدفة، أو حادثة عارضة لنتذكره. ولن يمحو أثره حذف رقم هاتفه أو مسح بياناته من أي جهاز.