الظواهر الصوتية في ازدياد، بل أصبحت تتكاثر بيننا، وللأسف لم يعش عبدالله القصيمي بيننا ليرى أن عنوان كتابه «العرب ظاهرة صوتية» قد تحول ليكون مثالاً حياً لبعض ممثلي الشعب من السادة النواب تحت قبة البرلمان، فكثيراً ما تسمع لهم جعجعة دون أي طحن يذكر، بل تزداد هذه الظاهرة في البروز مع اقتراب موعد الانتخابات، وتزداد حدة كلما اقتربت نهاية الدور الأخير مع تعالي الصوت كدعاية انتخابية مجانية تنقل على الهواء مباشرة، وهناك نوع آخر من النواب لا تكاد تسمع له همساً في المجلس، ولكنه أسد ضرغام في وسائل التواصل الاجتماعي وينتقد، بل يناشد كبقية الشعب وهو ممثلهم الذي كفل له المشروع الإصلاحي لجلالة الملك أدوات تشريعية يعالج فيها القضايا تحت قبة مجلس الشعب، ولكنه يبحث عن البطولات الزائفة وتملق مشاعر المصوتين في منبر العوام دون اللجوء لمنبره الحقيقي وأدواته التي أصابها الصدأ لأنه لا يجيد استخدامها.

البعض يهدد وآخر يناشد والخاسر الأكبر هو من أوصلك إلى هذا الموقع الذي أنت فيه، فمع تحرك بعض النواب بشكل بسيط يتدخل سمو ولي العهد رئيس الوزراء ليطمئن الأسر المنتجة والمشاريع المنزلية وأرباب الأعمال البسيطة بتوجيه سموه لإعادة صياغة القرار وتعديله بما يتناسب مع متطلبات الشعب في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أصحاب هذه المشاريع.

ولكن الغريب هو مبادرة بعض النواب لتصدر المشهد بشأن القرار الصادر عن سمو ولي العهد رئيس الوزراء مع توصيات لبعض الحسابات لشكرهم، وكأنهم لا يعلمون أن الجهاز الحكومي يرصد كل ما يجول في وسائل التواصل الاجتماعي من مطالبات وانتقادات ويتم التعامل معها بحسب الجهة، وهناك أيضاً برنامج تواصل الذي يمكن للمواطن من خلاله إيصال شكواهم للجهة المعنية دون أي تدخل من نائب وغيره مع الحصول على إجابات شافية لمطالبه.

على الإخوة النواب مراعاة عقول المواطنين وعدم محاولة دغدغة مشاعرهم بالهتافات الصوتية والكتابة في السوشال ميديا، بل بطرح الأسئلة وتشريع القوانين بما يحمي مكتسباتهم، فالناخب اليوم هو أوعى وأقدر على تمييز من يعمل من أجله ومن يعمل من أجل نفسه فقط.