قناة السويس المصرية التي كان وراء فكرة إنشائها الدبلوماسي الفرنسي «فرانسيس دي لاسيبس» في عام 1859، واستغرق حفرها عشر سنوات تعود إلى الأضواء مجدداً وتثبت مرة أخرى أنها شريان الحياة للتجارة بين الشرق والغرب. فالقناة المائية التي تمر من خلالها بضائع تشكل ما لا يقل عن 12٪ من حجم التجارة العالمية تشهد منذ الأربعاء الماضي جموداً اضطرارياً وبذلك تتعطل مصالح شركات كبرى ودول في شتى أنحاء المعمورة.

وفي هذه العجالة، لا تتسع المساحة لذكر تفاصيل توقف الحركة في القناة، فالكل على ما أظن مطلع عليها. لكن مع بروز أخبار قناة السويس في وسائل الإعلام يتبين للمتابع أن البحث عن بدائل للقناة جارٍ على قدم وساق منذ زمن. ومن هذه البدائل محاولة إسرائيل مد خطوط حديدية للقطارات من مدينة أم الرشراش «إيلات» الواقعة على ضفاف خليج العقبة إلى البحر الأبيض المتوسط، بحيث تدخل السفن خليج العقبة ومن ثم تحمل البضائع في قطارات على اليابسة وثم تنقل مرة أخرى في سفن إلى البحر الأبيض «لكن لحسن الحظ تم تجميد المشروع في 2019».

والبديل الآخر هو خط بحر الشمال والذي يخترق الجليد في أقصى شمال الكرة الأرضية. فبدلاً من اللجوء إلى قناة السويس، بالإمكان الآن - ومع استمرار ذوبان الجليد جراء الاحتباس الحراري - أن تبحر السفن من اوروبا متجهة الى الشمال لتصل الى شرق آسيا. والرحلة الشمالية هذه أقصر بحوالي 7 آلاف كيلومتر من الرحلة التي تمر على قناة السويس. هذا بالإضافة إلى وجود محطات قديمة في جنوب القارة الأفريقية تستخدم كبديل لقناة السويس أبرزها رأس الرجاء الصالح الذي كان ومازال منافساً للقناة خاصة في فترة الأزمات. فخلال حروب مصر كان رأس الرجاء الصالح هو الطريق للغرب والعكس كما أنه يصبح خياراً أكثر أماناً في الفترة التي تشتد فيها القرصنة البحرية في خليج باب المندب.

لذلك، فتح قناة السويس في أسرع وقت يصبح ضرورة قصوى والسعي لتفادي تكرار ما حدث أمر في غاية الأهمية، ليس لحركة التجارة العالمية بل لمصر في المقام الأول. فالقناة مصدر دخل لا يستهان به وتعطي المصريين ثقلاً عالمياً يضاف إلى تاريخهم وعراقتهم، والمطلوب أن تبقى الحركة فيها ميسرة ودون تعطيل مهما كانت الظروف.