تصدرت الصحف الغربية قبل أيام بأن المملكة العربية السعودية تتفاوض مع إيران بشأن إيجاد مسارات جديدة لحلحلة بعض الملفات في المنطقة ومنها الملف اليمني وإيجاد حل سياسي ينخرط فيه جماعة الحوثيين ويتم من خلاله البدء بعمليات التهدئة كون أن الجماعة تلقى أوامرها من طهران، ولكن في ظل تلك التفاهمات إلا أن الرياض تعرضت في الفترة الماضية بوابل من الهجمات الإرهابية تم التصدي لها جميعها من قبل الدفاعات الجوية السعودية.

فالهجمات التي قامت بها جماعة الحوثيين ضد السعودية استهدف فيها المدنيون بشكل مباشر والمنشآت الحساسة ومنها مطار أبها الدولي، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً أن مسار التفاوض السعودي الإيراني وصل لطريق مسدود، وهذا الأمر ليس مستغرباً وقد يكون مماطلة واضحة من قبل طهران في تلك المفاوضات في الضغط لإيجاد تنازلات في مسألة توقيع الاتفاق النووي الجديد والتي اشترطت إيران بالعودة للقديم من دون أي تعديل، وهذا الأمر تعارضه الإدارة الأمريكية وإسرائيل ودول الخليج العربي كونه يسهم في زيادة وتيرة الفوضى.

وبالتعمق أكثر، فإن المملكة العربية السعودية تنظر للحل السياسي باليمن كمطلب أساس لحل هذا الملف، ولكن جماعة الحوثي الذراع الإيراني يرفض أي تسوية سياسية أو هدنة، مع العلم جرت الكثير من التفاهمات السياسية من الداخل اليمني إلا أن جماعة الحوثي هي من تناهض ذلك وتخالف المواثيق التي تسهم في استقرار المنطقة وتقوم بهجومها المستمر على الجانب السعودي بدعم وأسلحة إيرانية.

غير أن السعودية عبر الأمم المتحدة قد أبلغت الدول الأعضاء بأنها ستتخذ كافة الإجراءات التي تضمن الدفاع عن أراضيها، وهذا مؤشر آخر بأن الرياض أخطرت العالم بأنها ستقوم بالرد على أي هجوم من تلك الجماعة، وأننا نرى في ذلك بأن السعودية قادرة على الرد وإضعاف الترسانة العسكرية لجماعة الحوثي عبر التحالف العربي لضمان أفضل النتائج في ساحة المعركة.

وبالتالي فإن الضغط الإيراني والمماطلة في إيجاد حل سياسي باليمن عبر ذراعها الحوثي باليمن، والقيام بتلك المهاترات وتهديد المدنيين لن يغير من المشهد الذي اعتدنا عليه طوال السنوات الماضية، ونحن نتعايش معه ونتكيف عليه في ظل التحديات القادمة التي ستواجهها المنطقة جراء الانسحاب الأمريكي، ويتضح من ذلك أن دول المنطقة ستواجه المد الإيراني منفردة من دون أي تدخل من الإدارة بواشنطن.

خلاصة الموضوع، من يقرأ المشهد جيداً وتعيين إبراهيم رئيسي لرئاسة إيران والانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط، سيعلم بأن المنطقة مقبلة على صراعات واحتدام يعكس السياسة الخارجية الإيرانية القائمة على الفوضى والتدمير، ولمواجهته يظل التماسك الخليجي والعربي والإيمان بوحدة المصير مع المملكة العربية السعودية هو واجب ديني قبل أن يكون أي شيء آخر، فتهديد قبلة المسلمين بهذه الصورة ليس له طريق غير مواجهته بحزم وعزم، فاللعب بالنار مع الرياض سيكلف طهران كثيراً الأيام المقبلة.