انتشار جائحة كورونا أثر سلبياً على العديد من أشكال الحياة والنمط الطبيعي الذي كنا نعيشه، والعديد من هذه السلبيات يرجع إلى التباعد الاجتماعي والحد من الحرية وخصوصاً الأطفال، فبدأ الآباء والأمهات البحث عن الألعاب الجديدة، ومحاولة التخلص من الملل لدى أطفالهم، وبالفعل ازدهرت بعض الألعاب وخصوصاً الألعاب الإلكترونية، وبعض الألعاب فقدت بريقها مع الوقت، وظهرت ألعاب جديدة للأطفال الصغار، مثل الصبارة الراقصة التي انتشرت في العديد من الدول وظهرت لها فيديوهات على اليوتيوب للاستخدام ورصد رد فعل الأطفال تجاهها، وخصوصاً المواقف المبهجة المصاحبة لاستخدام هذه اللعبة.
ولم يمض كثير من الوقت حتى دخلت لعبة الصبارة قفص الاتهام، ما بين مؤيد لانتشارها معدداً فوائدها والبعض الآخر يرى فيها سلبيات، وادعى آخرون أنها تصيب الأطفال بالتوحد، وهذا ادعاء جائر وهي بريئة من كونها تسبب التوحد للأطفال، ولكن الآباء مذنبون لأنهم جعلوا أطفالهم يفرطون في استخدامها، وخصوصاً الأطفال دون الثالثة من العمر؛ فهي تعزز العزلة لديهم وتزيد من بعدهم عن الأهل، وتسبب تأخر النطق لارتباطهم بها؛ لأنها لعبة فردية تردد الكلام الذي ينطق به الأطفل، وهذا يجعل بعض الأطفل عرضة أيضاً لمرض «الببغاء»، بالإضافة إلى أنها تزيد من مشاكل الحركة؛ لأن الأطفال يجلسون أوقاتاً طويلة أمامها، وقد اشتكى بعض الآباء من أن أطفالهم يحلمون بهلوسة مرتبطة بالصبارة الراقصة، ولكن هل هذه اللعبة التي أدخلت الابتسامة للكثيرين مذنبة كلياً أم أن لها فوائد، بالقطع لها فوائد مثل تنمية الحواس والشعور بالموسيقى والتخلص من الضغط والتوتر.
والحقيقة المؤكدة أن الأضرار والفوائد تكمن في كيفية الاستفادة سواء من الصبارة الراقصة أو غيرها من الألعاب في طريقة الاستخدام وإشراف الوالدين، وتقنين الوقت الملائم للاستمتاع بهذه اللعبة، فلا يجوز لأي لعبة أن تلازم طفلك على مدار 24 ساعة، لتتحول إلى رفيقة دائمة؛ لأن الصبارة أو غيرها ستعزز العزلة لديه، ففي اعتقادي الشخصي أنه لا مانع من الاستمتاع بهذه اللعبة وأن نصدر حكم البراءة عليها، ونضع اللوم على عاتقنا نحن الأمهات والآباء، فيجب تقنين استخدام أي لعبة أياً كانت تبعاً لعمر الطفل والوقت الملائم للاستخدام.
ويجب على الآباء ألا يتحرروا من مسؤوليتهم تجاه أبنائهم ويتركوهم أسيري التلفزيونات أو الهواتف النقالة، أو الصبارة الراقصة أو غيرها من الألعاب، فيجب أن يكون الإشراف العائلي موجوداً، وتقنين الاستخدام واجب يثمر الاستفادة من اللعبة أو الجهاز والبعد عن الأضرار المصاحبة والأثر غير الحميد المترتب على الاستخدام المفرط للأشياء، فيجب تنمية مهارات الأطفال وتعزيز قدرتهم من خلال التواصل المباشر من الأهل وإشراكهم في البرامج المفيدة التي تنمي مهاراتهم الحياتية والاستخدام المعتدل للألعاب، وأيضاً تعزيز ثقتهم بنفسهم، وألا يتملكهم شعور أو حب مفرط للأشياء.