الملاحظات على جمع المال للتبرعات الخارجية أمر قديم متجدد، فطالما شكك الكثيرون في الوجهة النهائية لهذه الأموال وأبدوا مخاوفهم من وصولها لغير المستحقين. ويأتي تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير ليعزز الشكوك بسبب «عدم وجود آلية للتأكد من المستفيدين النهائيين من خارج مملكة البحرين ومدى مشروعية حاجتهم للأموال التي جمعت بموجب تراخيص وموافقات جمع المال للأغراض العامة»، والملاحظة هذه موجهة إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف اللتين تنظمان جمع المال للأغراض الدينية والعامة.
ويكاد لا يمر شهر أو شهران إلا وملأت الشوارع والميادين ووسائل التواصل إعلانات مكثفة لحملات تبرع تقودها منظمات خيرية وغيرها لمنكوبين أو مشردين في بلدان بعيدة أو قريبة تحرك مشاعر الناس وتدفعهم للإسراع في التبرع رغبة في المساعدة وكسب الأجر. لكن هل تصل هذه التبرعات حقاً للطفل الأفريقي المصاب بالهزال الشديد بسبب المجاعة أو الفتاة الأفغانية المشردة أو الأم السورية الثكلى المحتاجة كما تعرضهم صور الإعلانات؟ وإذا كانت الإجابة، نعم، فما الذي يثبت ذلك؟
بعض المنظمات الخيرية المحلية تحاول أحياناً أن تنشر صوراً أو فيديوهات لعملية تسليم المساعدات والتبرعات المالية الموجهة لجهات خارجية لطمأنة المتبرعين ولتوثيق عملية التبرع بالصوت والصورة لكن الكثير يغفل عن إثبات وصول التبرعات للمحتاجين في الخارج وهذا تقصير كبير وأمر يضعها «أي المنظمات» في دائرة الشك للأسف.
وكي تزيل هذه المنظمات -التي نحترم حرصها على تنظيم حملات التبرع السخية وتنبيه الناس بمصائب غيرهم من الشعوب كي تحفز روح العطاء لديهم- الشكوك من حولها عليها أن تجتهد أكثر في الحرص على إثبات وصول الأموال للوجهة النهائية التي تم الإعلان عنها. فبعض الناس يعتقدون أن هذه الأموال تذهب مثلاً لدعم عمليات تصنف على أنها إرهابية في الخارج أو يتم الاستفادة منها في أغراض أخرى مشبوهة وهذه الاعتقادات لن يبعدها ويمحيها إلا الوضوح التام.
وبصراحة، أعتقد - ويشاركني هذا الاعتقاد كثيرون- أن إبقاء حملات التبرع للمحتاجين من المواطنين في البحرين وتوجيه الجهود لهم هو الأفضل. فالغارمون مثلاً الذين تلاحقهم الأحكام القضائية أعدادهم بالمئات وهم في أمسّ الحاجة للمساعدة الفورية بالإضافة إلى العديد من الأفراد والأسر الذين يحتاجون أكثر من المئة دينار الشهرية التي تصرف لهم من جمعية خيرية أو جمعيتين. كما أن لتركيز الجهود على حدود البحرين فائدة كبيرة، فالوصول إلى المحتاج هنا أمره سهل والأثر سيكون مباشراً وواضحاً في حال مساعدته بالمال أو باحتياجاته الأخرى.
وهذا ليس تقوقعاً وانغلاقاً، أو عدم رغبة في مساعدة الآخرين خارج الحدود لكن المسألة مسألة ترتيب للأولويات. وطالما هناك محتاجون هنا، فالأولوية تبقى لهم ومن ثم - إذا تبقى لدينا فائض - نساعد الغير.
{{ article.visit_count }}
ويكاد لا يمر شهر أو شهران إلا وملأت الشوارع والميادين ووسائل التواصل إعلانات مكثفة لحملات تبرع تقودها منظمات خيرية وغيرها لمنكوبين أو مشردين في بلدان بعيدة أو قريبة تحرك مشاعر الناس وتدفعهم للإسراع في التبرع رغبة في المساعدة وكسب الأجر. لكن هل تصل هذه التبرعات حقاً للطفل الأفريقي المصاب بالهزال الشديد بسبب المجاعة أو الفتاة الأفغانية المشردة أو الأم السورية الثكلى المحتاجة كما تعرضهم صور الإعلانات؟ وإذا كانت الإجابة، نعم، فما الذي يثبت ذلك؟
بعض المنظمات الخيرية المحلية تحاول أحياناً أن تنشر صوراً أو فيديوهات لعملية تسليم المساعدات والتبرعات المالية الموجهة لجهات خارجية لطمأنة المتبرعين ولتوثيق عملية التبرع بالصوت والصورة لكن الكثير يغفل عن إثبات وصول التبرعات للمحتاجين في الخارج وهذا تقصير كبير وأمر يضعها «أي المنظمات» في دائرة الشك للأسف.
وكي تزيل هذه المنظمات -التي نحترم حرصها على تنظيم حملات التبرع السخية وتنبيه الناس بمصائب غيرهم من الشعوب كي تحفز روح العطاء لديهم- الشكوك من حولها عليها أن تجتهد أكثر في الحرص على إثبات وصول الأموال للوجهة النهائية التي تم الإعلان عنها. فبعض الناس يعتقدون أن هذه الأموال تذهب مثلاً لدعم عمليات تصنف على أنها إرهابية في الخارج أو يتم الاستفادة منها في أغراض أخرى مشبوهة وهذه الاعتقادات لن يبعدها ويمحيها إلا الوضوح التام.
وبصراحة، أعتقد - ويشاركني هذا الاعتقاد كثيرون- أن إبقاء حملات التبرع للمحتاجين من المواطنين في البحرين وتوجيه الجهود لهم هو الأفضل. فالغارمون مثلاً الذين تلاحقهم الأحكام القضائية أعدادهم بالمئات وهم في أمسّ الحاجة للمساعدة الفورية بالإضافة إلى العديد من الأفراد والأسر الذين يحتاجون أكثر من المئة دينار الشهرية التي تصرف لهم من جمعية خيرية أو جمعيتين. كما أن لتركيز الجهود على حدود البحرين فائدة كبيرة، فالوصول إلى المحتاج هنا أمره سهل والأثر سيكون مباشراً وواضحاً في حال مساعدته بالمال أو باحتياجاته الأخرى.
وهذا ليس تقوقعاً وانغلاقاً، أو عدم رغبة في مساعدة الآخرين خارج الحدود لكن المسألة مسألة ترتيب للأولويات. وطالما هناك محتاجون هنا، فالأولوية تبقى لهم ومن ثم - إذا تبقى لدينا فائض - نساعد الغير.