لاشك أن الاختلالات التي شهدتها مواقع التواصل في الفترة الأخيرة وكذلك تحكم أصحابها في معلومات المستخدمين وقدرتهم على تجاوز الحكومات وفرض سياسات متعنتة، يطرح سؤالاً كبيراً بالنسبة لاستخدام البنوك للحوسبة السحابية في المستقبل واعتمادها كبنية تحتية لكافة عملياتها.

فلا تزال الدول تدرس فرض تشريعات حمائية لاستخدام هذه التكنولوجيا، وكيفية معالجة قضايا سرية معلومات العملاء، ومخاطر الهجمات السيبرانية التي تشهد تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة وقد تصل بهذه المنظومة السحابية إلى انهيار جزئي، ربما يضيع على العملاء أموالا طائلة لا يمكن استردادها، خاصة بعد تحول النقد إلى افتراضي ورقمي.

وعلى الرغم من الثقة التي توليها الحكومة لعمليات الحوسبة السحابية، إلا أن هذه المشكلات يتم التعامل معها بحذر شديد من قبل المصارف في البحرين، لأن المخاطر الناجمة عن فقدان أية بيانات خاصة بالعملاء لن يتحملها أحد سوى المسؤولين في البنوك والذين لن يتم التعامل معهم بالرفق والمرونة، بل ستكون هناك عواقب لا يتمناها أي مسؤول.

نعم الحوسبة السحابية هي مستقبل العمل المصرفي في العالم، ولن يكون للعمل البنكي الروتيني أي مكان خلال 10 سنوات قادمة، لكن يجب أيضاً أن يتم دراسة كافة المخاطر ووضع الضمانات الكافية لحماية الودائع وعمليات الانتقال المتسارع للأموال حول العالم.

هذا فضلاً عن استغلال الحوسبة السحابية والعمليات المالية في جرائم غسل الأموال والتي يحاول كثيرين استخدامها لتمرير عمليات مشبوهة عبر فضاء سيبراني لا يمكن مراقبة كافة مساراته، ويتحكم فيه أشخاص غير مسؤولين مثل أصحاب شركتي ميكروسوفت وأمازون. وستشهد المرحلة المقبلة سيلاً من العملات الرقمية التي تعتبر شراً لابد منه سيدخل البنوك لا محالة في مخاطر هي أيضاً في حاجة لمن يضعها في لجامها، فقد بدأ أصحاب مواقع التواصل في العمل على إصدار عملاتهم التي حتماً ستلقى رواجاً لدى مستخدمي تلك الوسائل، وسنضطر لقبولها أيضاً لذلك يجب أن تكون لدينا ضمانات كثيرة توضع من خلال تشريعات عالمية وليست محلية.

ولذلك يجب أن تعمل البنوك على خلق تحالفات مالية مؤثرة على العملات الرقمية والافتراضية، لفرض السيطرة وتوفير البيئة الآمنة لمستقبل الأموال في ظل عالم افتراضي ندخل إليه قسراً تارة وغواية تارة أخرى، وعلى البنوك أن تبدأ هذا العمل من الأمس، عملاً بالقول المأثور والمعدل جينياً «بيدي لا بيد مارك».