على مدار عشر السنوات الأخيرة خسرنا عدداً كبيراً من النخبة الفنية في الخليج والشام ومصر، في مختلف المجالات الفنية من سينما ومسرح وطرب، وتأليف وإخراج. وفي هذا المقام المحدود يصعب حصرهم وتعدادهم، إلا أن حجم الفراغ الذي خلفه غيابهم يوشك أن يعلن عن نهاية حقبة فنية كاملة بمكوناتها الثقافية والاجتماعية، بل حتى السياسية. الإحساس بالألم والحزن لخسارة فنانينا الكبار واحداً تلو الآخر، والفقدان الجماعي لهم يثبت أن الفن ليس أمراً عابراً في حياتنا. بل هو جزء من روتيننا اليومي وسيرتنا الذاتية والجمعية.
وقد نكون نحن الأجيال التي عاشت العصر الذهبي للفن العربي من المحظوظين، مقارنة مع الأجيال الجديدة. لأننا تعلمنا من خلال القائمة الطويلة من فناني جيل الخمسين عاماً المنصرمة معنى الذائقة الفنية السليمة. وكيف يكون الفن العربي نبضاً لقلب مجتمعاتنا وأزماتها وطموحاتها وآمالها. كنا كأننا نشاهد أنفسنا وآباءنا وأبناءنا متجسدين على الشاشات، كانوا أفراداً منا. في مستوى واقعنا العربي يجولون في قرانا وحوارينا ومدننا النازحة من الأرياف والمناطق الشعبية، يواجهون تحديات التعليم والعمل، ومشكلات البحث عن السكن والشريك، ويصارعون القضايا الاجتماعية ذاتها التي نصارعها.
لم يكن فنانونا الكبار يبالغون في الضحك والزينة والإيماءات، كانوا يبكون بذات الدموع التي نجهر بها أو نخفيها، ويتفجعون بالشعبية والبساطة التي نتألم بها. ويرسمون سعادتهم وطموحاتهم بذات الوجه الذي يظهر على محيانا، كانوا يمثلوننا بإبداعهم في التقمص، وفي اختيارهم أغانيهم وأزياءهم، لم يكن للغالبية العظمى منهم مشكلات وقضايا تخرج للعلن إلا ما ندر. لم ينخرط أغلبهم في المهاترات والمكايدات مع أطراف مختلفة. إنهم أجيال نشأت وسط معتقد أن الفنان قدوة ونموذج يتعين ألا يظهر منه أمام العامة إلا أفضل ما يملك، ولا يجوز أن يشاهده جمهوره في حال قد ينتقص من مكانته. من أجل ذلك كنا نحبهم ونتعلق بهم تعلق الإنسان الناضج الذي يتابع نجماً متألقاً يعبر السماء.
هذا النوع من الإعجاب القائم على جودة العمل الفني، وقيمته المؤثرة في المتلقي، يبدو منطفئاً وباهتاً عند جيل الفنانين الجدد ومتابعيهم؛ فنسبة كبيرة من الأجيال العربية الشابة معجبة بفنانين غير عرب لجودة أعمالهم وأدائهم. ونسبة أخرى من المتابعين معجبون بشخصيات الفنانين العرب المتمردة والإشكالية التي يتصورن أنها تمثلهم. وبين كل ذلك يضيع الاهتمام بمسألة القيمة الفنية للأعمال العربية وتتراجع أمام بروز نرجسية الفنان وصيته وقصصه التي لا تنتهي من وسائل التواصل الاجتماعي.
رحم الله فنانينا العرب الكبار الذين أمتعونا وألهمونا وتقاسموا معنا لحظات السعادة والحزن والأمل والانكسار. سيبقون بصمة جميلة في مسيرة الإبداع والثقافة العربية. وسيصبحون مدرسة لها أسسها واتجاهاتها التي ستدرس في مختلف معاهد الفنون.
وقد نكون نحن الأجيال التي عاشت العصر الذهبي للفن العربي من المحظوظين، مقارنة مع الأجيال الجديدة. لأننا تعلمنا من خلال القائمة الطويلة من فناني جيل الخمسين عاماً المنصرمة معنى الذائقة الفنية السليمة. وكيف يكون الفن العربي نبضاً لقلب مجتمعاتنا وأزماتها وطموحاتها وآمالها. كنا كأننا نشاهد أنفسنا وآباءنا وأبناءنا متجسدين على الشاشات، كانوا أفراداً منا. في مستوى واقعنا العربي يجولون في قرانا وحوارينا ومدننا النازحة من الأرياف والمناطق الشعبية، يواجهون تحديات التعليم والعمل، ومشكلات البحث عن السكن والشريك، ويصارعون القضايا الاجتماعية ذاتها التي نصارعها.
لم يكن فنانونا الكبار يبالغون في الضحك والزينة والإيماءات، كانوا يبكون بذات الدموع التي نجهر بها أو نخفيها، ويتفجعون بالشعبية والبساطة التي نتألم بها. ويرسمون سعادتهم وطموحاتهم بذات الوجه الذي يظهر على محيانا، كانوا يمثلوننا بإبداعهم في التقمص، وفي اختيارهم أغانيهم وأزياءهم، لم يكن للغالبية العظمى منهم مشكلات وقضايا تخرج للعلن إلا ما ندر. لم ينخرط أغلبهم في المهاترات والمكايدات مع أطراف مختلفة. إنهم أجيال نشأت وسط معتقد أن الفنان قدوة ونموذج يتعين ألا يظهر منه أمام العامة إلا أفضل ما يملك، ولا يجوز أن يشاهده جمهوره في حال قد ينتقص من مكانته. من أجل ذلك كنا نحبهم ونتعلق بهم تعلق الإنسان الناضج الذي يتابع نجماً متألقاً يعبر السماء.
هذا النوع من الإعجاب القائم على جودة العمل الفني، وقيمته المؤثرة في المتلقي، يبدو منطفئاً وباهتاً عند جيل الفنانين الجدد ومتابعيهم؛ فنسبة كبيرة من الأجيال العربية الشابة معجبة بفنانين غير عرب لجودة أعمالهم وأدائهم. ونسبة أخرى من المتابعين معجبون بشخصيات الفنانين العرب المتمردة والإشكالية التي يتصورن أنها تمثلهم. وبين كل ذلك يضيع الاهتمام بمسألة القيمة الفنية للأعمال العربية وتتراجع أمام بروز نرجسية الفنان وصيته وقصصه التي لا تنتهي من وسائل التواصل الاجتماعي.
رحم الله فنانينا العرب الكبار الذين أمتعونا وألهمونا وتقاسموا معنا لحظات السعادة والحزن والأمل والانكسار. سيبقون بصمة جميلة في مسيرة الإبداع والثقافة العربية. وسيصبحون مدرسة لها أسسها واتجاهاتها التي ستدرس في مختلف معاهد الفنون.