يبدو أننا نودع هذه السنة ونحن في أوضاع مقاربة نسبياً من الحال الذي كنا عليه السنة الماضية. حيث يعود فيروس كورونا ومتحوراته ليطغى على المشهد العام في أغلب دول العالم. وقد استبشرنا خيراً قبل بضعة أشهر عندما اعتقدنا أن الفيروس كان على وشك مغادرة الكرة الأرضية لكن قدر الله وما شاء فعل.

وأعتقد أن لهفة بني البشر إلى العودة إلى بعض أنماط حياتهم السلبية السابقة قد يكون سبباً لبقاء الفيروس بيننا رافضاً الرحيل. فالعديد كانوا يعدون الأيام ليعودوا إلى حياة مليئة بالاستهتار بالصحة الشخصية والعامة. أيضاً كانوا ينتظرون ومع الأسف إلى العودة إلى الكثير من عاداتهم الاستهلاكية البغيضة والإسراف سواء في المباحات أو المحرمات. وما أن تم التخفيف من بعض الإجراءات الوقائية حتى انطلقوا يمارسون عاداتهم السابقة وبشراهة. وهؤلاء لم يردعهم عام ونصف من المرض الفتاك الذي أودى بحياة الملايين ولم يردعهم تردي الحال الاقتصادي في بلدانهم ولا توقف الحياة بسبب الإغلاقات التي طالت كل شيء ومن ضمنها الأسواق والمطارات.

الذين لا يؤمنون سوى بالعلم في تفسير الأحداث سيتحدثون عن أسباب استمرار الوباء بمنظور علمي فقط، ولكننا كمسلمين مؤمنين -بإذن الله- نعلم علم اليقين أن كل ما يحدث على هذه الأرض يكون بإرادة الله ويستمر أو ينتهي بمشيئته وهو من بيده مقادير كل شيء. ولعل الله سبحانه وتعالى يرسل رسالة لنا من خلال هذا الوباء تشير بأننا تجاوزنا حدودنا وأسرفنا وعلينا العودة إلى الطريق المستقيم وطلب الرحمة والمغفرة منه جل وعلا وإلا البلاء لن يزول وقد يشتد. حيث يقول الحق في كتابه الكريم في سورة الأنعام «ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون».

ففي زمن استشرى فيه الفجور والفسق والعصيان العلني وابتعد فيه الناس عن ربهم فأغرتهم الدنيا بملذاتها يبدو أنه كان لابد من وقفة للمراجعة تتمثل بهذا الوباء بحيث تعيد الناس إلى صوابهم، إن بقى عندهم صواب. وأرجو أن نعود كلنا للتضرع للخالق بأن يزيل عنا الوباء على أن نعاهده سبحانه بأن نؤمن به ونخشاه ونطيعه وأن نحافظ على النعم وأن نبتعد عن الإسراف.