أوقفت سيارتي عند إحدى محطات تعبئة البنزين في شارع البديع، وكنت قاصداً جهاز الصراف الآلي الموجود في المحطة، عندما اقترب من نافذة السيارة طفل صغير عمره حسبما توقعت لا يتجاوز ٧ سنوات وطرق على النافذة. أنزلت الزجاج وإذا به يقول بصوت خافت: «عندك ٣ دينار»؟!
سألته ولماذا بالتحديد ثلاثة دنانير؟! فرد علي بأنها لشراء معطف شتوي له لأن والداه لا يملكان المال لشراء ملابس شتوية له! ومن منطلق «أما السائل فلا تنهر» أعطيته المبلغ، ونزلت لجهاز الصراف الآلي، وعندما عدت جلست عدة دقائق في سيارتي لأرى ما يحصل، فإذا بالطفل يتقدم من كل شخص يوقف سيارته أو يخرج من «السوبرماركت» في المحطة ليطلب منه نفس المبلغ ويحكي له نفس الرواية. هنا وبغض النظر عن صحة ما قاله لأجل الحصول على المبلغ، فإن المراقب للمشهد سيجد أن الناس تأثرت بكونه طفلاً صغيراً، وبما يقوله لهم بشأن شراء المعطف الشتوي، وبالتالي خلال خمس دقائق فقط أحصيت عدداً لا يقل عن خمسة أشخاص منحوه مبالغ مالية تفوق بمرات المبلغ الذي طلبه وبرر سؤاله للمال لأجله. هذه عملية تسول واضحة، والمشكلة أنها حتى لو كانت مبنية على طلب صادق من الطفل، إلا أن حصوله على هذه المبالغ بسهولة يعني شيئاً واحداً هنا، إذ ممارسته ستتحول إلى عادة دائمة.
كنت أفكر أين والداه والمسؤولون عنه؟! كيف يترك طفل لم يتجاوز السابعة من عمره هكذا في الشوارع؟! ماذا لم تم اختطافه؟! ماذا لو دهست إحدى السيارات؟! ماذا لو جرى عليه ما جرى؟! من المسؤول هنا؟!
كنت أحكي لصديق هذه الحادثة ففاجأني بقوله: أنت تسأل عن ذويه والمسؤولين عنه، بينما للأسف وجدت حالات تبين فيها بأن بعض هؤلاء الأطفال يمارسون التسول في المرافق العامة بدعوة من ذويهم! بل بعضهم ضمن شبكات تدار لأجل هذا الشأن!
لا يمكنني تصديق ذلك بصراحة، إذ هل بالفعل توجد مثل هذه الممارسات؟! ولو افترضنا العكس وصدق السؤال بشأن الحاجة، أو ليست المدارس مازالت توفر المساعدات للمحتاجين ضمن الحملات السنوية لـ«معونة الشتاء»؟! أو ليست الجمعيات الخيرية في كافة مناطق البحرين تبحث عن العوائل المحتاجة لتساعدها؟!
أؤمن تماماً بأن كل بحريني فيه خصائل طيبة وخير، وبالتالي حينما يرى مثل هذه المشاهد سيتفاعل ويتأثر وسيساعد بالتأكيد، لكن في النهاية لابد لهذه الظاهرة من معالجة جادة، إذ لا يعقل ترك الأطفال لممارسة التسول بهذه الطريقة. الجهات المعنية عليها مسؤولية تتبع مثل هذه الظواهر، ورصد هذه الحالات، لا بهدف توقيفها، بل بهدف معرفة واقع حالهم، وهل بالفعل هذا الطفل تحرك بسبب حاجة وصعوبة ظروف عائلته، وإن كان كذلك، أليس من الواجب البحث عن هذه العوائل ومساعدتهم وسد احتياجاتهم، وإن كان هناك من يستغل براءة الطفولة للقيام بهذه الأمور هنا يتوجب الوصول إليهم ومحاسبتهم، لأنها ببساطة عملية إتجار بالبشر واستغلال للأطفال.
هناك بالفعل أطفال يقفون عند الإشارات وعند بعض المرافق يبيعون قوارير المياه وبعض الفواكه وحتى الورود، وهنا لست أتحدث عن آسيويين يقومون بذلك، بل أتحدث عن أطفال بحرينيين قناعتنا بأن الحاجة دفعتهم لذلك. هؤلاء نرجوكم بأن ترصدوهم وتبحثوا في أحوالهم ووضع عوائلهم، وإن كانوا في حاجة ساعدوهم وأكفوهم شر السؤال أو مخاطر العمل في الشوارع وبين السيارات، فبلادنا فيها خير، وشعبها هو مثال للتراحم والتكافل وعمل خير.
{{ article.visit_count }}
سألته ولماذا بالتحديد ثلاثة دنانير؟! فرد علي بأنها لشراء معطف شتوي له لأن والداه لا يملكان المال لشراء ملابس شتوية له! ومن منطلق «أما السائل فلا تنهر» أعطيته المبلغ، ونزلت لجهاز الصراف الآلي، وعندما عدت جلست عدة دقائق في سيارتي لأرى ما يحصل، فإذا بالطفل يتقدم من كل شخص يوقف سيارته أو يخرج من «السوبرماركت» في المحطة ليطلب منه نفس المبلغ ويحكي له نفس الرواية. هنا وبغض النظر عن صحة ما قاله لأجل الحصول على المبلغ، فإن المراقب للمشهد سيجد أن الناس تأثرت بكونه طفلاً صغيراً، وبما يقوله لهم بشأن شراء المعطف الشتوي، وبالتالي خلال خمس دقائق فقط أحصيت عدداً لا يقل عن خمسة أشخاص منحوه مبالغ مالية تفوق بمرات المبلغ الذي طلبه وبرر سؤاله للمال لأجله. هذه عملية تسول واضحة، والمشكلة أنها حتى لو كانت مبنية على طلب صادق من الطفل، إلا أن حصوله على هذه المبالغ بسهولة يعني شيئاً واحداً هنا، إذ ممارسته ستتحول إلى عادة دائمة.
كنت أفكر أين والداه والمسؤولون عنه؟! كيف يترك طفل لم يتجاوز السابعة من عمره هكذا في الشوارع؟! ماذا لم تم اختطافه؟! ماذا لو دهست إحدى السيارات؟! ماذا لو جرى عليه ما جرى؟! من المسؤول هنا؟!
كنت أحكي لصديق هذه الحادثة ففاجأني بقوله: أنت تسأل عن ذويه والمسؤولين عنه، بينما للأسف وجدت حالات تبين فيها بأن بعض هؤلاء الأطفال يمارسون التسول في المرافق العامة بدعوة من ذويهم! بل بعضهم ضمن شبكات تدار لأجل هذا الشأن!
لا يمكنني تصديق ذلك بصراحة، إذ هل بالفعل توجد مثل هذه الممارسات؟! ولو افترضنا العكس وصدق السؤال بشأن الحاجة، أو ليست المدارس مازالت توفر المساعدات للمحتاجين ضمن الحملات السنوية لـ«معونة الشتاء»؟! أو ليست الجمعيات الخيرية في كافة مناطق البحرين تبحث عن العوائل المحتاجة لتساعدها؟!
أؤمن تماماً بأن كل بحريني فيه خصائل طيبة وخير، وبالتالي حينما يرى مثل هذه المشاهد سيتفاعل ويتأثر وسيساعد بالتأكيد، لكن في النهاية لابد لهذه الظاهرة من معالجة جادة، إذ لا يعقل ترك الأطفال لممارسة التسول بهذه الطريقة. الجهات المعنية عليها مسؤولية تتبع مثل هذه الظواهر، ورصد هذه الحالات، لا بهدف توقيفها، بل بهدف معرفة واقع حالهم، وهل بالفعل هذا الطفل تحرك بسبب حاجة وصعوبة ظروف عائلته، وإن كان كذلك، أليس من الواجب البحث عن هذه العوائل ومساعدتهم وسد احتياجاتهم، وإن كان هناك من يستغل براءة الطفولة للقيام بهذه الأمور هنا يتوجب الوصول إليهم ومحاسبتهم، لأنها ببساطة عملية إتجار بالبشر واستغلال للأطفال.
هناك بالفعل أطفال يقفون عند الإشارات وعند بعض المرافق يبيعون قوارير المياه وبعض الفواكه وحتى الورود، وهنا لست أتحدث عن آسيويين يقومون بذلك، بل أتحدث عن أطفال بحرينيين قناعتنا بأن الحاجة دفعتهم لذلك. هؤلاء نرجوكم بأن ترصدوهم وتبحثوا في أحوالهم ووضع عوائلهم، وإن كانوا في حاجة ساعدوهم وأكفوهم شر السؤال أو مخاطر العمل في الشوارع وبين السيارات، فبلادنا فيها خير، وشعبها هو مثال للتراحم والتكافل وعمل خير.