نهتم نحن العرب كثيراً بدخول عصر الحداثة، أو بتلمس موقعنا منه. وباعتبار أن الحداثة منتج غربي، نشأ في ظروف تاريخية غربية، واستجاب لاحتياجات غربية خاصة، فإن العرب يحاولون عقد مقاربات بين ظروف تشكل الحداثة في الغرب وإمكانية تشكلها عندنا. وهو الأمر الذي ربما يعيقنا عن البحث في إمكانية تغيير واقعنا والنهوض بناء على معطياتنا السياسية والإقليمية والاجتماعية وتطورنا التاريخي.
ثمة نماذج عديدة في العالم بنت نهضتها وحداثتها بتلقائية استناداً إلى واقعها الذاتي. مثل اليابان على سبيل المثال. إذ يعد التحول في اليابان «استعراش الإمبراطور ميجي» عام 1868م. إحدى الثورات الخمس المهمة التي غيرت نمط الحياة في بلدانها وأثرت على باقي دول العالم. وهي الثورات: الأمريكية والفرنسية والروسية والصينية واليابانية. فالتاريخ الياباني لم يشهد صراعاً طبقياً إقطاعياً حاداً، ولا حركة فكرية واجتماعية ضد تسلط المؤسسة الدينية كما حدث في الغرب. ولكن المؤثر المركزي في نشوء حركة التغيير في اليابان هو تغلغل النفوذ الغربي في التجارة والاقتصاد الياباني مما أدى إلى صراعات داخلية وخوف من تحول اليابان إلى دولة محتلة.
ومع تولي «الإمبراطور ميجي» الحكم أجرى عدة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية أدت إلى إلغاء طبقتي الشوغان والساموراي وما كانتا تعكسانه من حالة طبقية تقود الاقتصاد الوطني وتستنزفه. كما أقرت حكومة ميجي التعليم الإلزامي الذي تميز عن الغربي في كونه يضمن المساواة بين جميع المواطنين في نظام تعليمي واحد تشرف عليه الدولة فقط. كما فتحت سياسات «ميجي» باب المشاركة السياسية والاقتصادية للشعب مما دفع بعجلة التصنيع والاقتصاد في اليابان وجعله منافساً سريعاً للإنتاج الغربي.
وعلى الرغم من أن نظام الحكم في اليابان لم يشهد تغييراً جذرياً كما حدث في النموذج الغربي. بل إن الطبقة الحاكمة «الإمبراطور الحاكم ورجال الدولة الأكفاء وحلفاءها من الرأسماليين» هي التي قادت سياسات التغيير وبنت خطط التحديث. وعلى الرغم، أيضاً، من أن السياق الاجتماعي الياباني لم يتبنَّ الفردانية والاستقلال الذاتي كما في النموذج الغربي. إلا أن المنظومة الاجتماعية اليابانية تطورت في ظل مفاهيم الحقوق التي أقرتها سياسة «ميجي» والتي تكفل حرية الاعتقاد والسلوك والاختيار بما لا يتعارض مع مبادئ الدستور.
تلك كانت الجذور الأولى لحركة التغيير في اليابان. التي أخرجتها من كونها دولة تقليدية معزولة في بقعة نائية. لتتحول إلى نموذج اقتصادي وثقافي متميز أثر على كافة دول العالم. وألهم شعوبها الرغبة في التحول الحضاري والتنموي السلس والسريع والمختلف. إنها حركة نهوض وتحديث منبثقة من داخل التجربة اليابانية ومن خصوصية ظرفها التاريخي والاجتماعي. وليست مستعارة من الخارج.
{{ article.visit_count }}
ثمة نماذج عديدة في العالم بنت نهضتها وحداثتها بتلقائية استناداً إلى واقعها الذاتي. مثل اليابان على سبيل المثال. إذ يعد التحول في اليابان «استعراش الإمبراطور ميجي» عام 1868م. إحدى الثورات الخمس المهمة التي غيرت نمط الحياة في بلدانها وأثرت على باقي دول العالم. وهي الثورات: الأمريكية والفرنسية والروسية والصينية واليابانية. فالتاريخ الياباني لم يشهد صراعاً طبقياً إقطاعياً حاداً، ولا حركة فكرية واجتماعية ضد تسلط المؤسسة الدينية كما حدث في الغرب. ولكن المؤثر المركزي في نشوء حركة التغيير في اليابان هو تغلغل النفوذ الغربي في التجارة والاقتصاد الياباني مما أدى إلى صراعات داخلية وخوف من تحول اليابان إلى دولة محتلة.
ومع تولي «الإمبراطور ميجي» الحكم أجرى عدة إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية أدت إلى إلغاء طبقتي الشوغان والساموراي وما كانتا تعكسانه من حالة طبقية تقود الاقتصاد الوطني وتستنزفه. كما أقرت حكومة ميجي التعليم الإلزامي الذي تميز عن الغربي في كونه يضمن المساواة بين جميع المواطنين في نظام تعليمي واحد تشرف عليه الدولة فقط. كما فتحت سياسات «ميجي» باب المشاركة السياسية والاقتصادية للشعب مما دفع بعجلة التصنيع والاقتصاد في اليابان وجعله منافساً سريعاً للإنتاج الغربي.
وعلى الرغم من أن نظام الحكم في اليابان لم يشهد تغييراً جذرياً كما حدث في النموذج الغربي. بل إن الطبقة الحاكمة «الإمبراطور الحاكم ورجال الدولة الأكفاء وحلفاءها من الرأسماليين» هي التي قادت سياسات التغيير وبنت خطط التحديث. وعلى الرغم، أيضاً، من أن السياق الاجتماعي الياباني لم يتبنَّ الفردانية والاستقلال الذاتي كما في النموذج الغربي. إلا أن المنظومة الاجتماعية اليابانية تطورت في ظل مفاهيم الحقوق التي أقرتها سياسة «ميجي» والتي تكفل حرية الاعتقاد والسلوك والاختيار بما لا يتعارض مع مبادئ الدستور.
تلك كانت الجذور الأولى لحركة التغيير في اليابان. التي أخرجتها من كونها دولة تقليدية معزولة في بقعة نائية. لتتحول إلى نموذج اقتصادي وثقافي متميز أثر على كافة دول العالم. وألهم شعوبها الرغبة في التحول الحضاري والتنموي السلس والسريع والمختلف. إنها حركة نهوض وتحديث منبثقة من داخل التجربة اليابانية ومن خصوصية ظرفها التاريخي والاجتماعي. وليست مستعارة من الخارج.