يطال التضخم العالمي وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية مستوى معيشة غالبية سكان الدول العربية بقسوة غير مسبوقة منذ عقود بسبب استمرار الأزمات السياسية والنزاعات الدولية والإقليمية وغياب تعاون دولي يخفف من حدة هذه المشكلة الكبيرة التي يعاني منها معظم سكان الأرض.
ففي الصين التي عودتنا على معدلات نمو بحدود 9% تراجع المعدل إلى أقل من 5% ثم عاد نمو إجمالي الناتج المحلي إلى الزيادة بنسبة 8.1% خلال 2021 وهو معدل قياسي منذ عقد إلا إن اقتصادها لايزال يعاني ضغوطاً مع استمرار تأثير جائحة كورونا (كوفيد19) على انتعاش العملاق الآسيوي، إضافة إلى ارتفاع أسعار الجملة بشكل لم تعرفه منذ ربع قرن، إذ وصل إلى 9.5%، حيث أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني، ارتفاع أسعار المنتجين «الجملة» في الصين خلال أغسطس الماضي إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاماً في ظل ارتفاع أسعار السلع الوسيطة، في حين تراجع معدل تضخم أسعار المستهلك على نحو غير متوقع.
وفي ألمانيا لا يبدو الوضع مريحاً إذ ارتفعت أسعار جملة السلع الاستهلاكية اليومية، فقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أن أسعار الجملة ارتفعت بنسبة 12.3% على أساس سنوي. وبحسب البيانات كانت هذه أقوى زيادة منذ أكتوبر 1974، عندما ارتفعت أسعار الجملة أكثر قليلاً في أعقاب أزمة النفط الأولى، وبلغ الارتفاع في يوليو الماضي 11.3%، مقابل 10.7% في يونيو الماضي.
كما يطال ارتفاع الأسعار والتضخم جميع السلع التي تستوردها الدول العربية وذلك بحسب تقارير اقتصادية صادرة مؤخراً، وترى هذه التقارير أن من أهم السلع التي يطولها ارتفاع الأسعار هي سلع الأغذية كالقمح والأرز، ومواد البناء كالحديد والأخشاب، ووسائل النقل، والأجهزة الإلكترونية. ومن المعروف أن الدول العربية تستورد المزيد من هذه السلع سنة بعد الأخرى لأسباب تتعلّق بتدهور كثير من قطاعات الزراعة وكذلك ندرة الأراضي الزراعية والتصحّر وضعف الصناعات التحويلية. ويؤدي ارتفاع فواتير الاستيراد والأسعار في الدول العربية إلى مزيد من الفقر واللامساواة الاجتماعية وتفاقم عجز موازينها التجارية باستثناء عدة دول نفطية في منطقة الخليج. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن حوالي 7 ملايين شخص دخلوا في فقر مدقع خلال عامي 2020 و2021 في منطقة الشرق الأوسط.
وتشير التقارير الاقتصادية أنه في ضوء الجفاف والتغيّرات المناخية واشتداد حدّة النزاعات على مياه أنهار النيل ودجلة والفرات، فإن العالم العربي سيواجه خلال الفترة القادمة المزيد من الأزمات على صعيد ارتفاع الأسعار وتوفير الأغذية والموارد التي تدعم أمنه الغذائي والمالي.
وفيما يقول بعض الخبراء: «إن انتهاء جائحة كورونا سينهي هذه الظاهرة بحيث تنخفض الأسعار وينتهي التضخم الحالي. غير أن الوقائع والمعطيات تخالف هذا الرأي لأسباب من أبرزها نقص العرض من المواد الأولية والوسيطة في الأسواق». ويذهب خبراء إلى حدّ القول إن «وقائع كثيرة تدل على أن عصر وفرة المواد الأولية ولّى إلى غير رجعة، فالأشياء التي لا يمكن إنتاجها في المعامل كالمواد الأولية الطبيعية والأراضي والمياه العذبة.. إلخ تصبح قليلة سنة بعد الأخرى».
إن الحل لمواجهة هذه المشكلة التي تؤرق الحكومات والشعوب العربية والإسلامية هو التعاون الاقتصادي العربي والإسلامي لمواجهة هذه الأزمة الكبيرة من خلال إنشاء مشاريع مشتركة تجمع بين الموارد البشرية والطبيعية والمالية اللازمة لإنجاح هذه المشاريع واستنهاض الموارد المحلية غير النفطية، وفيما عدا ذلك فإن أزمةً كبيرة تنتظر الجميع.
{{ article.visit_count }}
ففي الصين التي عودتنا على معدلات نمو بحدود 9% تراجع المعدل إلى أقل من 5% ثم عاد نمو إجمالي الناتج المحلي إلى الزيادة بنسبة 8.1% خلال 2021 وهو معدل قياسي منذ عقد إلا إن اقتصادها لايزال يعاني ضغوطاً مع استمرار تأثير جائحة كورونا (كوفيد19) على انتعاش العملاق الآسيوي، إضافة إلى ارتفاع أسعار الجملة بشكل لم تعرفه منذ ربع قرن، إذ وصل إلى 9.5%، حيث أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني، ارتفاع أسعار المنتجين «الجملة» في الصين خلال أغسطس الماضي إلى أعلى مستوى له منذ 13 عاماً في ظل ارتفاع أسعار السلع الوسيطة، في حين تراجع معدل تضخم أسعار المستهلك على نحو غير متوقع.
وفي ألمانيا لا يبدو الوضع مريحاً إذ ارتفعت أسعار جملة السلع الاستهلاكية اليومية، فقد أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أن أسعار الجملة ارتفعت بنسبة 12.3% على أساس سنوي. وبحسب البيانات كانت هذه أقوى زيادة منذ أكتوبر 1974، عندما ارتفعت أسعار الجملة أكثر قليلاً في أعقاب أزمة النفط الأولى، وبلغ الارتفاع في يوليو الماضي 11.3%، مقابل 10.7% في يونيو الماضي.
كما يطال ارتفاع الأسعار والتضخم جميع السلع التي تستوردها الدول العربية وذلك بحسب تقارير اقتصادية صادرة مؤخراً، وترى هذه التقارير أن من أهم السلع التي يطولها ارتفاع الأسعار هي سلع الأغذية كالقمح والأرز، ومواد البناء كالحديد والأخشاب، ووسائل النقل، والأجهزة الإلكترونية. ومن المعروف أن الدول العربية تستورد المزيد من هذه السلع سنة بعد الأخرى لأسباب تتعلّق بتدهور كثير من قطاعات الزراعة وكذلك ندرة الأراضي الزراعية والتصحّر وضعف الصناعات التحويلية. ويؤدي ارتفاع فواتير الاستيراد والأسعار في الدول العربية إلى مزيد من الفقر واللامساواة الاجتماعية وتفاقم عجز موازينها التجارية باستثناء عدة دول نفطية في منطقة الخليج. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن حوالي 7 ملايين شخص دخلوا في فقر مدقع خلال عامي 2020 و2021 في منطقة الشرق الأوسط.
وتشير التقارير الاقتصادية أنه في ضوء الجفاف والتغيّرات المناخية واشتداد حدّة النزاعات على مياه أنهار النيل ودجلة والفرات، فإن العالم العربي سيواجه خلال الفترة القادمة المزيد من الأزمات على صعيد ارتفاع الأسعار وتوفير الأغذية والموارد التي تدعم أمنه الغذائي والمالي.
وفيما يقول بعض الخبراء: «إن انتهاء جائحة كورونا سينهي هذه الظاهرة بحيث تنخفض الأسعار وينتهي التضخم الحالي. غير أن الوقائع والمعطيات تخالف هذا الرأي لأسباب من أبرزها نقص العرض من المواد الأولية والوسيطة في الأسواق». ويذهب خبراء إلى حدّ القول إن «وقائع كثيرة تدل على أن عصر وفرة المواد الأولية ولّى إلى غير رجعة، فالأشياء التي لا يمكن إنتاجها في المعامل كالمواد الأولية الطبيعية والأراضي والمياه العذبة.. إلخ تصبح قليلة سنة بعد الأخرى».
إن الحل لمواجهة هذه المشكلة التي تؤرق الحكومات والشعوب العربية والإسلامية هو التعاون الاقتصادي العربي والإسلامي لمواجهة هذه الأزمة الكبيرة من خلال إنشاء مشاريع مشتركة تجمع بين الموارد البشرية والطبيعية والمالية اللازمة لإنجاح هذه المشاريع واستنهاض الموارد المحلية غير النفطية، وفيما عدا ذلك فإن أزمةً كبيرة تنتظر الجميع.