عندما نتصفح ونتعمق في مضامين ميثاق العمل الوطني تجد أن طياته تحوي على الكثير من المعاني السامية والإنسانية قبل أن يكون مشروعاً سياسياً إصلاحياً، ففي عمق هذا الميثاق غرسة الماضي والذي تفرع منها شجرة مليئة بالخير لشعب مملكة البحرين.

إن سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه اتخذ هذا القرار التاريخي الجريء والذي حظي بدعم شعب البحرين لثقته الكاملة بأن هذا الميثاق ما هو إلا السفينة التي ستقوده لمستقبل مشرق ومضيء من الإنجازات التي تخلد ريادته في جميع المجالات.

وفي هذا الصدد، فلا يمكن أن نغفل عن بنود ميثاق العمل الوطني من دون أن نقيم تلك المسيرة الإصلاحية التي قادها عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه ففي البند الأول الذي يتحدث عن شخصية البحرين التاريخية والذي جاء ليؤكد مكانة هذه الرقعة الجغرافية من العالم بأنها نقطة لالتقاء العالم والحضارات وكيف كانت البحرين قبل الرسالة الإسلامية بأنها تحتضن حرية تعدد الأفكار والمعتقدات مما أعطاها تلك الأفضلية في التسامح الروحي والفكري وتعايش الأديان، وبالتالي فإن تلك الشخصية نجدها مستمرة في جميع التشريعات التي تسنها مملكة البحرين لتحافظ على هذا الإرث التاريخي المهم.

أما البند المهم في ميثاق العمل الوطني وهي المقومات الأساسية للمجتمع القائمة على احترام الدولة والمساواة وسيادة القانون والحرية وهذه القيم من شأنها الحفاظ على المجتمع، فكفالة الحريات الشخصية والمساواة كانت ولازالت أحد الدعائم التي تسير بها مملكة البحرين ومنها حق المرأة والطفل وكبار المواطنين وذوي الهمم وحرية التعبير فجميعها لها ضمانات وهي تتطور حتى أنها قد تقدمت على الكثير من الدول الأوروبية مما جعل مملكة البحرين نموذجاً في مجال الحريات والمساواة بين جميع فئات المجتمع.

وعن الأسس الاقتصادية للمجتمع، فهذا البند من أهم البنود الذي كان له الأثر في تنمية القطاعات الاقتصادية والتجارية، والذي انبثقت منه الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، والتي أعطت دفعة في مجال أن تكون البحرين منطقة جذب لكثير من رؤوس الأموال بالخارج.

فيما كان الأمن الوطني أحد الركائز التي اتفق عليها ميثاق العمل الوطني، فحرصت مملكة البحرين على تهيئة الكوادر الوطنية لتطوير المنظومات العسكرية والأمنية للحفاظ على المكاسب التي حققتها البحرين في مجال التنمية الشاملة.

أما على مستوى السياسة الخارجية، فقد حظي هذا البند في ميثاق العمل الوطني أهمية كبيرة، وقد مارست البحرين تلك الرؤية القائمة على دعم الأشقاء والوقوف مع القضايا العادلة واحترام حسن الجوار.

خلاصة الموضوع، ميثاق العمل الوطني هو ميثاق حياة يمتزج فيه الماضي والحاضر والمستقبل، فهو السفينة التي ضربت جذورها في أعالي البحار لتؤكد اعتلاءها العالم في التنمية والتطوير والنماء وليكون ذلك نموذجاً رائداً بعلاقة الشعب والحاكم.