سيظلّ البحرينيون ينهلون من قطوف ميثاق العمل الوطني، أبداً ما حيوا، معتزّين بلحظات تاريخية، تُكتب بماء الذهب في تاريخ المملكة الفتيّة، ليسطّروا معاً بأيادٍ وطنية مَلحمةً سوف يتوقف عندها التاريخ طويلاً وكثيراً، ليسجل أروع النجاحات والقرارات الصائبة الممتدة عبر سنوات وسنوات، ولذلك حينما نتحدث عن أن يوم 14 فبراير 2001 لم يكن يوماً عادياً في تاريخ مملكة البحرين، وشعبها الطيب المبارك، فنحن نصدُق القول، ونؤرّخ لفترة جديرة بالتأريخ والمتابعة والتمحيص. إن خيرات ومكاسب إقرار ميثاق العمل الوطني سوف تظلّ تنهمر توالياً على البحرينيين، يوماً بعد يوم، منذ أن حدّد المقوّمات الأساسية لمملكة البحرين، وما يتعلّق بالدولة والمجتمع، وهويتها التاريخية والعربية والإسلامية، وعلاقاتها الخارجية على المستوى الخليجي والإقليمي والعربي والدولي، حيث تتحقق إنجازات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، على مدار أكثر من عقدين، وفقاً لما أكد عليه جلالته حفظه الله من أن ميثاق العمل الوطني هو «وثيقة ‏للعهد وركيزة لعقد اجتماعي جديد في مسيرتنا الوطنية يرسّخ ويوثق أصالة البحرين ‏وتميّزها وتراثها الحضاري، ويؤكد وحدة الوطن أرضاً وشعباً»، و«فتحاً جديداً في تاريخ البحرين»، بعدما تضمّن المبادئ السياسية والاقتصادية التي تؤكد النهج الديمقراطي الانفتاحي للبحرين، لذلك كانت موافقةُ أغلبية البحرينيين عليه بنسبة 98.4%، من خلال استفتاء شعبي في ذلك التاريخ المجيد، نتيجةً منطقيةً تعبّر عن مدى اقتناع واستجابة وتفاعل البحرينيين مع التحول الديمقراطي في مملكتهم الغالية.

وعلى مدار أكثر من عقدين من الحكم الرشيد لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، يحصد البحرينيون، ثمرات وقطوف الميثاق، منذ تدشين المملكة الدستورية العصرية، التي سوف تظلّ تنعم بالأسس الراسخة للعدل وسيادة دولة القانون والدستور والأمن والأمان والاستقرار واحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات على كافة الأصعدة وفي كافة المجالات، واستقلال القضاء، وحرية الصحافة والإعلام والإبداع الثقافي، ودعم تقدم المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتأسيس البنية التحتية الحديثة والمتكاملة من خلال مشروعات تنمويّة كبرى، والنهوض بالاقتصاد الوطني، من خلال التنوّع، وجذب رؤوس الأموال والاستثمارات.

ولعلّ أحدث ثمرات وقطوف ميثاق العمل الوطني ما أعلنه مجلس الوزراء الموقر، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، رئيس الوزراء، حفظه الله ورعاه، بإطلاق الإقامة الذهبية في مملكة البحرين والتي تأتي ضمن خطة التعافي الاقتصادي، من أجل تعزيز تنافسية مملكة البحرين ودعم مسارات التطوير في مختلف القطاعات، وتعزيز البيئة الاستثمارية ودعم الاقتصاد الوطني بما يخدم تطلّعات الحكومة الموقرة ورؤية البحرين الاقتصادية 2030، واستقطاب الكوادر والكفاءات من أجل فتح المجال لها للحصول على إقامة دائمة في مملكة البحرين لهم ولعائلاتهم، فضلاً عن تعزيز آليات التحوّل الرقمي في خدمات الإقامة وتقليل الإجراءات الروتينية المُعتادة، وهو الأمر الذي يأتي تتويجاً لجهود وزارة الداخلية تحت قيادة وزير الداخلية، الفريق أول ركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ووكيل وزارة الداخلية لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة، معالي الشيخ هشام بن عبدالرحمن آل خليفة. من هذا المنطلق، فإن مملكة البحرين سوف تظلّ تنهل من خيرات الميثاق لتحقيق المسيرة التنموية الرائدة والشاملة القائمة على صون الحقوق والحريات واستقلالية القرار ورعاية قِيَم الاعتدال والتسامح والتعايش واحترام الآخر.